حوار مع الدكتور عبد الجليل ناظم
تاريخ النشر: 30/10/14 | 16:34ما معنى أن يقدم ثلة من الأدباء المغاربة على تأسيس دار للنشر أواسط الثمانينات بهدف النهوض بدور الكتاب في الإرتقاء بالفكر والمعرفة والوعي والثقافة في مجتمع مغربي متخلف ومنشغل أساسا بالبحث عن ضرورات حياته المعيشية اليومية وأيضا في ذروة الصراع بين أحلام المثقف وأحلام السلطة … تلك هي المغامرة التقدمية والجريئة والعالمة التي دخلتها دار النشر طوبقال التي رأت النور يوم الخامس من نونبر1985 بمبادرة من الأساتذة محمد الديوري، محمد بنيس، عبد الجليل ناظم . وبمناسبة مرور ثلاثون سنة على تأسيسها أجرينا الحوار التالي مع أحد مؤسسيها الدكتور عبد الجليل ناظم :
س : منذ الخامس من نونبر1985 أقلعت سفينة دارالنشر طوبقال ، اليوم بعد إنصرام ثلاثة عقود كيف ينظر الدكتور عبد الجليل ناظم إلى الحصيلة بين أحلام البداية وذخيرة النهاية ؟
ج : أحييك و أشكرك على دعوتك لهذا الحوار بمناسبة مرور ثلاثين سنة على تأسيس دار طوبقال للنشر . عندما أنظر إلى هذا العمر من العمل من أجل الكتاب المغربي يعتريني إحساس متناقض ، لقد حققت الدار هدف إنتاج كتاب مغربي حديث قادر على المنافسة و الاستمرار بدون أي تنازل على المعايير المعرفية أو الجمالية ، لكن الطموح هو أكبر من ذلك بكثير و لذلك يحس المرء بالإحباط حين يعاين الوضع الثقافي.
س : لو توقفنا قليلا عند الحصيلة كم إصدارا نشرت دار طوبقال ؟ وما هي الأجناس الأدبية والعلمية الأكثر إنتشارا لديكم ؟
ج : بلغت عناوين الدار أزيد من خمسمائة بدون احتساب إعادة الطبع .و هي موزعة سلاسل معرفية على رأسها المعرفة الفلسفية و الأدبية .
س : هل مازالت معايير ومقاييس الإنتقاء هي نفسها أم تغيرت مع تغير أنماط الإستهلاك الفكري والأدبي إذا كان طبعا هناك تغييرا في هذه الأنماط ؟
ج : تعني كلمة التغيير في سؤالكم التحول إلى الكتاب الالكتروني . انتشار الوسائل الرقمية لا يدل في حد ذاته على انتشار القراءة . من جهة أخرى ، المعيار الأساسي لأي ثقافة واعية يتلخص في ثلاثة : المعرفة ، الإبداع ، الانفتاح . خارج هذا المعيار نسقط في الاجترار. في طوبقال حافظنا على هذا المعيار بدون تنازل كما قلت سابقا .
س : كانت أزمة القراءة وما تزال أزمة مزمنة وبنيوية سوسيو ثقافية كيف واجهتم هذه المعضلة العربية منذ الإقلاع قبل ثلاثين عاما ؟
ج : واجهنا أزمة القراءة أولا بكسب ثقة القارئ و هذا شيء نعتز به .
س : سؤال قد يبدو محرجا نوعا ما ، نود أن نعرف ما هو الإصدار الذي حقق أعلى مبيعات ورواجا لدار النشر طوبقال على مدى ثلاثة عقود ؟
ج : عناوين كثيرة حققت مبيعات. في سياق محدودية قارئ الكتاب المبدع ، السؤال يتعلق ب” الكمية المحدودة من السحب التي لا تتعدى الثلاث آلاف نسخة في أحسن الأحوال ” وهذه هي المشكلة.
س : وماذا عن مشكلة التوزيع التي تعاني منها سوق المنشورات في المغرب ؟
ج : التوزيع مشكل معقد ، حاولت توبقال خلق بنية مرنة وهذا غير كافي بطبيعة الحال.
س : الأستاذ عبد الجليل ناظم ربما قد خفت حدة مشكلة التوزيع مع ظهور أسانيد وحوامل جديدة للتلقي (الإنترنت ، المواقع الإلكترونية ..إلخ ) ما هو رأيكم في أدوات التلقي هذه ؟
ج الأسانيد و الحوامل الجديدة لا تعطي نتائج على مستوى القراءة إلا في المجتمع القارئ
س : ربما سيكون هذا هو رأس الأسئلة في هذا الحوار المهم جدا ، فقد دخل على خط النشر منذ عشر سنوات ما يسمى بالكتاب الإلكتروني الذي حقق أعلى رقم مبيعات مقارنة مع الكتاب الورقي في الولايات المتحدة الأمريكية أولا كيف تنظرون إلى هذا الغريم الجديد ، ثم ألا تفكرون في دخول هذه المغامرة الرقمية ؟
ج : حالة أمريكا مثال واضح لما قلت .إن ازدهار الكتاب الالكتروني أدى إلى ارتفاع مستوى القراءة الورقية و قد أعيد فتح المكتبات في وجه العموم بعد أن كانت قد أغلقت .و كذا المكتبات الخاصة .لنتأمل هذا المثال .
س : بعلاقة مع السؤال السابق فقد أطلقت كل الجرائد الوطنية نسخها الإلكترونية ومن المتوقع أن يزداد تراجع عدد مبيعات الصحف الورقية في حين سوف يزداد عدد زوار النسخ الإلكترونية ماذا يشكل هذا الإنقلاب الإعلامي الورقي بالنسبة لكم وللدار عموما ؟
ج: وضع الكتاب يختلف عن وضع الدوريات . مع ذلك علينا أن نتابع كل الاحتمالات .
س : وبالرغم من كل هذا التراجع فالكتاب الورقي مازال يقاوم وتقام له معارض جهوية ، وطنية ودولية ما هي إستراتيجية دار النشر طوبقال للرفع من حضورها ومن مبيعات إصداراتها في المستقبل على المدى المتوسط والبعيد؟
ج: الاستمرار في الانفتاح على المعرفة الإنسانية .
س : على المستوى العربي وباعتباركم رئيسا لاتحاد الناشرين المغاربيين ماهي حدود التنسيق والتعاون مع إتحاد الناشرين العرب ؟
ج: الأوضاع سيئة على المستوى العربي . نحاول بتواضع الحفاظ على الحد الأدنى من التنسيق .
س : من دون شك أن فعل القراءة هو منظومة يتداخل فيها العديد من الفاعلين مثلا وزارة الثقافة ووزارة الشبيبة والرياضة ووزارة التعليم والمجتمع المدني أليس هذا التشتت في تحفيز وتدبير فعل القراءة مسؤول عن غموض في الرؤية ؟
ج: المسألة الثقافية على أهميتها ليست على رأس جدول الأعمال ، و المؤسف أن المجهودات المبذولة إما فردية أو معزولة في وزارة بعينها . الشأن الثقافي حيوي و وجودي و يمس المستقبل . لنوسع أنظارنا لما يحدث في العالم .
س : ما رأيك في جائزة المغرب للكتاب ؟ثم ألا ترى أننا في حاجة إلى خلق جائزة المغرب للقراءة
ج: الجائزة في نظري دعم للإبداع و في الوقت نفسه دعم للبنية التحتية للكتاب المغربي .
أنجز الحوار: عبده حقي