تعقيب على مدونات الأستاذ الدكتور فاروق مواسي../د.محمد عقل
تاريخ النشر: 23/06/12 | 8:43كثر في اللغة العبرية الحديثة استخدام النحت والاختصار خاصة في مجال الرتب والفرق العسكرية، وقد أقلقت هذه الظاهرة بعض اللغويين اليهود لما فيها من مساس بالفهم وقواعد اللغة، وهم يوصون بالتقليل من استخدامها في لغتهم. أما العرب فلم يستخدموا النحت إلا عند الضرورة القصوى. فلماذا نحمل العرب عبئاً يحاول الأجانب التخلص منه! لقد استعمل آباؤنا التعبير الجميل “الحدائق المعلقة”، فلماذا لا نجيز استخدام “القطار المعلق”، و”المركبات المعلقة”، و”السلال المعلقة” و”الحافلة المعلقة” وهذه ليست مجرد مرادفات وإنما أسماء لمخترعات مختلفة تدخل في نفس السياق لوجود تشابه في تراكيبها. أليس في استخدام رَكّابل تقليد أعمى للعبرية، وتشويه للغة العربية وتقعير لها؟ يضاف إلى ذلك إن كلمة البورتفوليو تفيد معاني كثيرة لتعدد مسمياتها منها حافظة الأوراق ،كما أشرت، ومنها ملف الإنجاز، وملف الأعمال، وأشياء أخرى يعرفها أصحاب كل مهنة بعينها. أما الخبزية فلا وجه شبه بينها وبين هذا النوع من الخبز، وقد انتشرت لفظة خبز الحمام في القدس وشرق الأردن ويُفَضَّل قبول ما تداولته الألسن طالما لا يخل بالمعنى أو يفسده. أما الرافبة فالله وحده يعلم معناها، وقد وجدنا في القدس والخليل من يستعملون “رافعة شوكية” ولا ضير في ذلك، والنحت منها “رافكية”،أو “رافعية”. ثم لماذا لا نبقي على اللفظة الدخيلة كما هي إذا كانت مستعملة في اللغات الأوروبية، ألا نستعمل تعبيرات دخيلة مثل ديموقراطية ودكتاتورية وإمبريالية في لغتنا المكتوبة وفي لهجاتنا المحكية؟! فهل سقط شيء من السماء؟!.
أما كيف أصبحت كلمة حتننة حتلنة فتخريجها يسير حيث قلبت النون الأولى لاماً وهو أمر جائز إذ أن حرفي اللام والنون يتعاقبان، إلا ترى العجائز في بعض قرانا يلفظن كلمة “ليرة”- “نيرة”، وكلمة “نتانيا- “لتانيا”. والسيرورة، وما أدراك ما السيرورة؟ لفظ استعمله لأول مرة المفكر العربي والمربي السوري الدكتور فاخر عاقل الذي بدأ يؤلف في علم النفس والتربية منذ عام 1945، وأطلق مصطلح “سيرورة” في الستينيات من القرن الماضي في جميع مؤلفاته فراجعها. وقد استعملنا، نحن، هذا المصطلح في دار المعلمين العرب بهدار عام في السبعينيات من القرن الماضي عندما دَرَّسَنا موضوعي التربية وأصول التدريس العامة. وأخيراً، حبذا مراجعة “قاموس المعاني” على الانترنت قبل وضع اللفظة الجديدة.
أرجو أن تقرأ ثانية ما كتبت حول كل نقطة ونقطة، وماذا قلت فيها. يبدو لي أن ما ذكرته لم يصل إليك تمامًا، وأنت القارئ الحصيف، ولا أظن أنني بحاجة إلى تذكيرك ما قلته عن خبز الحمام وعن التحتين وعن رافب وعن.
بل يبدو أنك تعارض الفكرة من أساسها، وأنك تقبل الكلمات العبرية أيضًا في تضاعيف كلامنا، كما نقبل الديموقراطية والليبرالية ، فمن هنا نختلف.
حبذا أن أعرف موقفك بدءًا: هل من الضروري إيجاد البديل من العبرية فقط أم لا؟ هل من الطبيعي أن ستكون هناك ألفاظ غريبة بداية ؟
ثم لم أر أي كلمة أو أي اقتراح راق لك، وهذا أمر عجيب!
بل كنت انتقائيًا لترفض بعضها، وكأني كنت أتوقع أن تقبل كلها؟
بل لم تثن على هذا الحرص الذي ننطلق منه معًا، منذ أن درسنا في بار إيلان وكنت حريصًا على عربيتك.
لاحظ يا صديقي أنك تقول أشياء بحاجة إلى توثيق، على غرار كتاب فاخر عاقل، وعلى غرار موقف العبريين من النحت وووو
وليس عهدي بالدكتور محمد الذي أعرفه تمامًا أن يقول أمرًا دون مصدر!
إنني أبحث عن مقترحات عملية وسائغة على الألسنة تكون في لفظة واحدة قدر الإمكان، فإن دعمت الفكرة فذلك مما يسرني، وسأستمع إلى مقترحات لك نناقشها فيما بيننا، وإن ارتأيت أن الموضوع من نافلة القول فذلك أمر آخر.
تحية ومحبة
يكتب الدكتور عقل:
أليس في استخدام رَكّابل تقليد أعمى للعبرية، وتشويه للغة العربية وتقعير لها؟
وأظن أنه فاته نصب تقليد وتشويه وتقعير.
انا احييك دكتور عقل
يا كبير
بداية أبدي اعجابًا بما يقدّمه الأستاذ الفاضل أ.د فاروق مواسي من مبادرات وتجارب من شأنها أن تثري اللغة العربية. فمن منا يستطيع أن ينكر أننا في زمن هيمنت فيه اللغات الغريبة على لغتنا الغالية؟! فلمَ نرفض وننقد مستجدات قيّمة من تراكيب لغوية لها أن تكون مناعة من كل غزو لغوي دارج ومن كل جملة بتنا لا نميّز أمها وأباها؟!!
وبرأيي ان رُفع صوت الحق فسيعلو تقديرًا لجهود كل من تجنّد لاسعاف لغته وبات حارسًا أمينًا لها.