تعليق على قصيدة معالي مصاروة : طقوس

تاريخ النشر: 24/06/12 | 2:27

“يا لَيل الإبقاعِ الحِسِي

رِفقاً بأُنثى لا زالتْ تتعلم طُقُوس السَهر

سأدعُوكَ لوجبةِ إسترخاءٍ وسكُون

مع كُوبٍ ساخنٍ من الحنانْ

وبعض المشاعِر

لتدلنِي على نُقطة التحلِيقِ

من هُنا إلى ما لا نهاية”!!

إنها مقطوعة حسّيّة سماوية الايقاع واللحن تمشي في إثرها متتبعاً خطوات هذه (الأنثى) التي ترجو (ليل الايقاع الحسى ) أن يرفق بها لأنها ما تزال غضّةً لا زالت تتعلم (طقوس السهر). نعم فللسهر طقوس، كما جاء في أغنية أهل الهوى يا ليل، فهل نصدق الشاعرة أنها في ندائها ( يا ليل) تتوجه حقاً الى الليل منادية اياه، أم أنها واقعاً قصدت نديمها الليلي الذي يأخذ في إعداد طقوس السهرة الحافلة بالتحليق الى ما لا نهاية.

ولتسمح لي الشاعرة التلاعب بهذه المقطوعة الصغيرة كالكرة أطيّرها في الأعالي ثم تسقط على الأرض، ولكنها تظل كرةً لا تتكسر ولا تتغير، وتتدور فتراها من كل جهاتها نفس المنظر. وأنا أقصد هنا أنه حتى تكتمل أقانيم السهر لا بد من الشراب البارد الذي يهب الحرارة، وأن تستعمل الشاعرة الفعل (سأسقيك) سلافة الروح لا أن تدعوه الى (كوبٍ ساخن) من الحنان. إلا إذا قصدته طفلاً، وإلاّ لماذا هذه السخونة ونحن في عز حرارة الصيف وهجيره وهل هذا يتماهى مع الوجبة الاسترخائية التي يكتنفها السكون؟ ثم لماذا (بعض المشاعر) وليس ( الحبّ كله).

لكن الشاعرة لم تهتم بهذه الأقانيم فهدفها من كل ذلك هو أن يدلها على نقطة التحليق من (هنا) الى ما لا نهاية.. وهنا لها معان بعيدة في هذا المساق..

هنا تدلّ على المكان الذي وصلت اليه في مسراها وسفرها وتحليقها كالطائر والطائرة. ولا يخامرني شكٌّ في أن معالي تحبُّ السفر بل تعشقه وهو التحليق في السماء والأجواء والبلدان كطائر حرٍّ لا تقيّده نظرة أو كلمة او نمط حياة.

إنّ هذه المقطوعة (الصغيرة) الكبيرة في تمددها وأبعادها الروحية الصوفية ( الى ما لا نهاية) أخذتنا فيها الشاعرة في رحلة ماتعة معها وما زالت تحلّقُ في الهواء.

وأنا بتُّ أشعر أنني في تحليلاتي هذه أُفقدُ القصيدة طعمها الذي يقع في ذاكرة الحواس سريعاً، وربما تكون الشاعرة لا تريدني التدخل وإمتاع قرائها.. بل تريدهم أن يسمعوا القصيدة ويرحلون معها في لحظتها مكتسبة أحاسيسهم مستحوذةً على قلوبهم دون تعليقات وتحليلات.

وأحياناً يُخيلُ إلي أنني لو تركت القصيدة تقول بنفسها، وتعبر بنفسها الى روحنا لكان أفضل بكثير.. وأحياناً أراني أنا بحاجة الى مثل هذه الكتابة ليشاركني القراء هذه التجربة. مهما يكن فإنني أشكر الشاعرة من قلبي على أن زرعت داخلي ملكة الكلام.

‫5 تعليقات

  1. إنني على يقين بأن خنساء بلادي قد استمتعت بتحليلك العذب يا دكتورنا الغالي .
    لقد تجولنا وإياك في حديقة معالي الملآى بالورود الجميلة والمعالم الأصيلة فمتعنا كل حواسنا بجمالها الخلاب .
    أحييك دكتور على هذا العمل الدؤوب كما أحيي شاعرتنا الغالية على كل القلوب .

  2. د. سامي إدريس صباحكَ كما أنتَ وكما تشتهِي
    عندما أقرأ كلماتكَ أشعر بلذتها أكثر من الكلمات التي أكتبها…
    هنيئاً لنا بوجودكَ وتذوقكَ للمعانِي والكلمات التي نسطرها
    إذ تتذوق بتحليلكَ كل كلمة كُتبتْ وأخرى لم تُكتبْ
    دمتَ ودامَ عطاوكَ

  3. عمِي الشاعِر زهدي غاوي
    لا زلتُ نقطة ببحرِ إبداعكَ المعهود
    أشكركَ على هذه الكلماتِ الرائعة
    دُمتَ ودامَ إبداعكَ

  4. طافت كلماتي بلونها الارجواني لتمسح ملامح الحزن عن غبار تكدس فوق كلماتك الرائعة .هنيئا للعروبة والعرب بك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة