نقطة ضوء(3) بقلم أ. محمد عدنان بركات
تاريخ النشر: 24/06/12 | 4:59ليس من وكد هذه الحلقة من حلقات سلسلة “نقطة ضوء” أن تدخل في مسرد التفاصيل لأدباء وكتّاب وباحثين وشعراء لتعرّف بهم؛ لكنّها ستشير بالتأكيد إلى بعضهم الذين لم يأخذوا حقّهم من الحديث؛ فتذكر شيئًا ممّا تميّز به إبداعهم، أو تبرز بعض ما خطّته أناملهم؛ منهم:
الكاتبة والباحثة أنصار توفيق وتد، والكاتبة الناقدة آمال عوّاد رضوان، والشاعر أحمد فوزي أبو بكر، والشاعر مسلم محاميد.
-أنصار توفيق وتد:
كاتبة وباحثة في اللغة العربيّة والأدب الإنكليزي؛ وهي نشِطة في كتابة المقالات الاجتماعية الناقدة، والقصص القصيرة جدًا، والنثريات الشاعرية، مِن أبرز إبداعاتها: “لماذا يا هذا؟”؛ وهي سلسلة مقالات تربويّة تأخذ طابع النقد الاجتماعي، و”قطعة قماش”، و”عشبة وراء القضبان”، و”لوحات في الثقافة العربية”، و”قشرة ونواة”، و”أنثى أم ذكر؟”، و”مربيات أجيال تحت المجهر”، و” النظرية الوظائفيّة” مِن أجمل ما كتبتْ:
جئتكَ معزّيًا!
حبيب ورفيق صديقان منذ الطفولة…بل هما أكثر من مجرد صديقين…إنّهما أخوان.
توفى والد حبيب الذي تعلّق به كثيراً، ولم يذهب الرفيق لتعزيته…لقد انشغل بأمور أكثر أهمية!
دُقّ جرس رفيق يوماً..
نظر رفيق من العين السحرية وإذا به يرى صديقه”حبيب”؛
تلعثم…ارتبك…واحمرّ خجلاً،
قال حبيب بصوت( تخنقه الدموع):”ألم يصلك خبر الوفاة؟”.
أجاب رفيق (مرتبكاً):”آسف…الحياة…المشاغل!”.
قال حبيب:”أقصد صداقتنا؛ فقد جئتك معزيّاً بوفاة الصداقة يا أغلى رفيق!!”.
تأويلات نديّة
اصطحب الوالد بناته الثلاث الصغيرات في جولة في الطبيعة.
قال الوالد (مبتسماً): “انظرن إلى هذه الزهرة الحمراء: ما هذه القطرات المائية التي فوق وريقاتها؟”
قالت الأولى:”إنّها قطرات من الوضوء كانت هذه الزهرة تصلي؛ ليحفظ الله لها والديها!”.
قالت الثانية:”لا؛ إنّ هذه دموع الزهرة على أختها الذابلة!”.
قالت الثالثة:”لا هذا ولا ذاك؛ إنّ هذه قطرات الماء التي غسلت بها الزهرة وجهها هذا الصباح!”.
لوحات في الثقافة العربيّة:
لوحة 1:
ينظر الزوج بِحيرة إلى زوايا البيت، يتفقد المكان علّه بذلك يجد مكاناً يتسع لجهاز التلفاز الجديد (ذي الشاشة الكبيرة) الذي اشتراه…
يسأل زوجته: ما رأيكِ لو أزلنا تلك الخزانة في الصالة؟
الزوجة: لا لا, أنتَ تعرف أنها هدية ثمينة من إرث المرحومة والدتي… أريد أن يراها الضيوف حين يدخلون المنزل!
الزوج: حسناً… وماذا تقترحين إذن؟ هل من مكانٍ للتلفاز؟
الزوجة: يمكنكَ إزالة المكتبة… فلا أحد يقرأ ما عليها من كتب! أنتَ تعلم أنّ الأولاد بالكاد يجدون وقتاً لكتب المدرسة!! ومن جهة أخرى أنت تريحني بذلك من إزالة الغبار المتراكم…
الزوج: كما تريدين… فكرة جيّدة!
-آمال عوّاد رضوان:
كاتبة وشاعرة؛ ولدت في قرية عبلّين في الجليل؛ وهي كما تقول:”ليستْ سوى طِفلةٍ خضراء انبثقت من رمادِ وطنٍ مسفوكٍ في عشٍّ فينيقيّ مُنْذُ أمدٍ بعيدٍ!”.
تنوّع غدير آمال رضوان الأدبيّ؛ فضمّ: دواوين شاعرية، وكتب بالاشتراك مع آخرين، ومجموعة من المقالات والبحوث؛ من أبرزها: “بسمة لوزيّة تتوهّج”، و”سلامي لكَ مطرًا”، و”رحلة إلى عنوان مفقود”، و”الإشراقة المُجَنَّحَة”، و”الطيِّب صالح: هجير صرخة في موسم الهجرة”، و”هل المرأة سرّ السعادة؟”. تقول آمال في قصيدة “في مهبّ رصيف عزلة”: آهٍ …ما أَشقاهَا المرأةَحِينَ تُسَاقُ مُقَيَّدَةَ الرَّغبةِإلى زَنزَانةِ أَحلامِهَا المُستَحِيلَة..
وتقول في قصيدة “خُرّافة فرح”: تَتَراءى لي خُرّافَةُ فَرَحٍ مِنْ أَقْبِيَةِ الشُّرودِتُعانِقُ سُحُبَ المُخَيَّلَةِوَفي أَرْوِقَةِ الخُلودِتَتَماهى أُسْطورَةُ لِقاءٍتَمْحو أَعْباءَ الخَطايا
-أحمد فوزي أبو بكر:
شاعر وناشطٌٌٌٌٌ سياسيّ؛ من قرية سالم، عملَ في إدارة مواقع أدبيَّة الكترونيّة وتحريرها. يكتب الشّعر العموديّ وقصيدة التفعيلة؛ وهو أحد أعضاء الهيئة الإدارية لاتحاد الكتاب العرب الفلسطينيين-حيفا، من دواوينه الشعرية: “رغبة متوحّشة”، و”مسروق السّماء”.
يقول في قصيدة “شعلة النار التي في قبضتي”:شُعْلَةُ النّارِ الّتي في قَبْضَتي, تَرْمَقُني بَرْدُها الصّاعدُ غِيّاً من لسانِ اللّهبِأرْجَعَ الوقْتَ ربيعاً في عيونِ السّحبِأضرَمَتْ آهاتها صمت احتراق الحطبِشعلة النار التي في زفرتيتَخْطِفني, تَحْذِفني..من زماني الْمثقَلِ…
وفي قصيدة “رسالة قصيرة جدًا”؛ يقول:عمودُ النّور قد أمسى يخاطب فيك لهفتَهأتت سفني الى شطآن وهج الرّمل في شَعْرِكقسا في جَلْبةِ المرسى عليها الصّخر فانتحرت.
-مسلم محاميد:
شاعر فحميّ؛ مِن الّذين أسّسوا جمعية نسيم السّنديان الثّقافيّة؛ يعمل حاليًّا مدرّسًا لموادّ التّاريخ والمدنيّات واللّغة العربيّة؛ من أبرز أعماله الشعرية: “رحيل وأمواج غضب”، و”عيناك بوصلة الشتات”، و”الأغنيات الخالدة”، و”أهواك يا وطن الجبين”، و”نشيـــــدٌ وآخر”.
من أجمل ما قال في عشقه لحيفا: عشقي لحيفا لمسةٌ؛ فيها اليدان تسافران على مساحات الحنانِ وتلتقي في بؤبؤينِ تعانقا وأطلّ كلٌّ منهما في ليلِ ذاك الليلِ عندَ المنحنىمثل النهارِ يطلُّ من شبّاك قصرٍ في المدىوكطلّةِ الإصباحْقالت: تعلّق في فؤادككلُّ ما في القلب من عشقٍفقلتُ: تعلّقي، هذا الفؤادُ مساحةٌ للعشقليست تنتهي أو تبتديأزليّةٌ، لم تعرف العشقَ ابتداءً والهوىلم تعرف الحزنَ انتهاءً والنوىفالحبُّ فيها سرُّ كلِّ مساحةٍ في الكونِ..
إنّه الشاعر الذي نبض قلبه بعبق الوطن: يا أيّها الوطنُ المسافرُ في شرايينييا قِبلةً للضّائعينْ اليومَ موعِدُنا.. هلاّ غدًاأسعفتَ قلبي بالّلقاءِ مبدِّدًا وجعَ السّنينْ.
هذه نقطة ضوء على مبدعِين كان حقّ عليّ أن أذكرهم؛ وهناك آخرون لم يذكروا؛ علّني أذكرهم في حلقات أخرى أو في سلسلة ثانية…
قيل:
ذو العلم حيٌّ ولو ذابت حشاشته له الجلالة عن حاف ومنتعل
حتّى الملائكة الأبرار تذكــره والنمل يدعو له في السهل والجبل
أقلامه تعمر الدنيا إذا نطقــت ألواحه صحف الرضوان والأمل
والله لو وزنوا الدنيا بزخرفهــا مـا عادلت كلمة من لفظه الجزل
أو قدَّموها قناطيــرًا مقنطـرة ما وازنت حرفَ علمٍ صافي النهل
وختامًا أنصحكم جميعًا أعزائي القرّاء بلزوم العلم أصفاه ووصله بالآخرين؛ لينتشر النفع كانسياب عبق الورود العَطِرة في أرجاء المعمورة.
اجمع العلم، أخي القارئ؛ فإنّه خير مجموع؛ قال أحدهم:
يا جامعَ العلمِ نِعْمَ الذخر تجمعه لا تعدلن به دارًا ولا ذهبـا
اشدد يديك به تحمد مغبتــه به تنال الغنى والدين والحسبا
شكرًا لكم جميعًا وإلى اللقاء مع “نقطة ضوء4”.
أ.محمد عدنان بركات