تاريخ شفاعمرو في مهب الريح

تاريخ النشر: 24/06/12 | 3:51

إتهم البروفيسور فريد نخول ابن شفاعمرو، في رسالة مفتوحة وجهها الى رئيس بلدية شفاعمرو ناهض خازم، بشطب جزء من تاريخ شفاعمرو في احتفالات المئوية ومنع نشر الكتاب الذي يوثق تاريخ هذه المدينة والذي أعده الدكتور شكري عراف بناء على طلب ادارة البلدية، والذي كان مقرراً أن يصدر في ذكرى مرور مئة عام على تأسيس بلدية شفاعمرو، في العام 2010.

تأتي رسالة البروفيسور نخول بعد أن كشفت الصحيفة الشفاعمرية “الفجر الساطع” في عددها الصادر بتاريخ 25 أيار 2012 عن توجه رئيس بلدية شفاعمرو لشخصية مرموقة من المدينة لإجراء تعديلات في الكتاب المذكور قبل طباعته، علماً أن ادارة البلدية كما سبق وذكرت كانت قد أوكلت مهمة اعداد الكتاب للدكتور شكري عراف، مقابل 80 ألف ش.ج، ولكن الكتاب لم يصدر حتى الآن ورغم مرور الاحتفالات بمئوية بلدية شفاعمرو.

هنالك ادعاءات بأن قرار التحفظ على الكتاب وعدم إصداره يعود لشموله معلومات لم ترق لرئيس البلدية فقرر “شطبها” من تاريخ شفاعمرو، لأنها تتعلق بشخصيات تعارض سياسته .

ان موضوع إصدار الكتاب المذكور طرح منذ العام 2010، والاستفسار حول مصير الكتاب منذ ذلك الحين وحتى اليوم لا يزال يتردد لدى الشفاعمريين، بالمقابل لم يصدر رد رسمي من قبل ادارة البلدية حول هذا الموضوع. إن عدم الرد على هذه الاتهامات الخطيرة يثير الشبهات، ويجعلنا نطرح أكثر من سؤال حول هذه القضية.

ولكن قبل الخوض في التفاصيل يجب توضيح موقف واضح وصريح من قضية كتابة التاريخ، ومن قضية تزييف أو إخفاء معلومات تاريخية، فللأسف كان البعض يرى في التاريخ مناخا أو مساحة خصبة لفكره فيعمد الى إبراز فكرة على حساب فكرة أخرى، أو بالأحرى كان يحاول إبراز مرحلة على حساب مرحلة تاريخية أخرى، بهدف أن التاريخ يبدأ من هنا، و هذا ما شكل عقبة في كتابة التاريخ لدى البعض بموضوعية وحيادية.

انني أريد أن أوضح أنه لا يجوز أن يبدأ التاريخ من مرحلة معينة دون أخرى أو إبراز فكرة محددة على حساب فكرة أخرى, تاريخنا يجب قراءته بسلبياته وإيجابياته.

ولا يحق لأي شخص كائناً من كان أن يشطب أو يغير أو يحذف أو يضيف على الحقائق التاريخية، لأن الأجيال القادمة ستحاكمه، لأن الباحثين سيكشفون أمره، ولأن التاريخ ليس ملكاً لأحد، ولا يكتب حسب أهواء فلان أو علان.

علينا أن نعود للماضي لنتعلم منه صنع الحاضر ونخطط منهما لحالة المستقبل, ونتعلم من الكل دون أن نقصي أية معلومات تاريخية من المهتمين والباحثين في أمور التاريخ وبالأخص الباحثين الحريصين على تاريخ وثقافة شعبنا ، ولحمايته من الاندثار وقبل فوات الأوان .

الطبيب موفق دياب، اسم إرتبط بشفاعمرو وشفاعمرو إرتبطت به، لا تكاد تجد شفاعمرياً واحداً لم يسمع باسم “الدكتور موفق”. إنه طبيب شفاعمرو الأول، والذي قدم اليها في أواخر العام 1946 من لبنان.

فتخيلوا مثلاً لو قرر شخص ما أن يشطب اسم موفق دياب من تاريخ شفاعمرو لأنه لبناني الأصل مثلاً. أو قرر شخص آخر أن يغير تاريخ شفاعمرو، فينفي أن يكون داهود سليمان تلحمي الرئيس الأول لبلدية شفاعمرو، والذي تقديراً لأمانته ونزاهته وإخلاصه لبلده ولكافة سكان شفاعمرو ، تم تكليفه من قبل وفد من مسلمي شفاعمرو في العام 1919 ليتسلم وكالة الوقف الاسلامي في شفاعمرو رغم كونه مسيحياً ، فكيف يمكن أن يشطب هذا التاريخ المشرق والمشرّف من تاريخ مدينتنا العريق؟!

وعودة لحيثيات عدم إصدار كتاب تاريخ شفاعمرو ، فإن ثبتت صحة الأمور التي ذكرتها في مقالتي ، فهي الغلوصة بعينها ، واللا مهنية ، ويجب العمل فوراً على إنهاء هذه المهزلة. ولا أريد أن أخوض الآن في قضية من كان أحق بإعداد هذا الكتاب من الأساس ، ومع كل احترامي وتقديري الذي أكنه للباحث والكاتب الدكتور شكري عراف ، إلا أن قرار تكليفه لإعداد هذا الكتاب من قبل ادارة البلدية ، يعتبر صفعة لكل كاتب ومثقف شفاعمري. أما أن يطلب الآن من شخص آخر بإعادة إعداد الكتاب من جديد أو إجراء تعديلات عليه ، فهي صفعة توجه لمعّد الكتاب الدكتور شكري عراف ، ولا أدري إذا كان يحق للناشر ، وهنا الناشر إدارة بلدية شفاعمرو، أن تجري تعديلات في الكتاب دون موافقة المعّد. المنطق يقول لا، المهنية تقول لا.

إن مهمة الحفاظ على تاريخ شفاعمرو، وتاريخ كل قرية ومدينة عربية أخرى، هي مهمتنا جميعاً، مؤسسات وهيئات شعبية، أفراد وجماعات. علينا أن نبادر، نقف ونتحدى كل محاولة لتزييف التاريخ، والصرخة التي أطلقها البروفيسور فريد نخول، يجب أن لا تبقى صرخة في واد. أما أنا فآخذ على عاتقي مهمة النشر عن تاريخ شفاعمرو وعلى حلقات من خلال زاويتي هذه “سطّر يا قلم”، لأنشر هذه الاضاءات المشرّفة من تاريخ مدينتي ولأذكّر الأجيال الشابة بتاريخهم العريق من جهة، ومن جهة أخرى لأذكّر رئيس بلدية شفاعمرو بواجبه الأخلاقي في إصدار هذا الكتاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة