اكتساب الرأي العام من خلال النفوذ
تاريخ النشر: 02/11/14 | 13:29تسعى الدول والتشكيلات الحزبية والفصائل والتنظيمات الشعبية والجماهيرية من خلال امتلاكها لمصادر النفوذ والشخصيات المتنفذة بالدرجة الأولى إلى اكتساب الرأي العام في المجتمع ، ولكن ، ما هو الرأي العام الذي يراد اكتسابه ؟
يعرف الدكتور كرم شلبي في المعجم الذي وضعه للمصطلحات الإعلامية الرأي العام بأنه : (( وجهة نظر أو رأي أغلبية الجماعة ، الذي لا يفوقه أو يحجبه رأي آخر ، وذلك في معين وراء مسألة تعني الجماعة )).
ولا يقصد بالرأي العام أن تتوحد آراء المجتمع كله حول قضية معينة ، فهذا من المستحيل المتعسر ؛ لاختلاف الرؤى واختلاف المستويات والعقليات والتوجهات ، ولكن المراد به حصول الرأيعلى أغلبية نسبية ، وبخصوص الوصول إلى الإجماع أو الأغلبية ، فالإجماع ليس شرطاً أساسياً للوصول إلى الرأي العام ، فيكفي أن تكون هناك أغلبية تعبّر عن آرائها بانسجام، ليكون ذلك مؤشراً على وجود الرأي العام ” .
إن الوصول إلى تشكيل رأي عام في أي مسالة من المسائل ، وأي أمر من الأمور يعتبر إنجازاً حقيقياً وكبيراً للطرف الذي استطاع تحرير الرأي الذي حاز على الأغلبية ، وهذا ما تحاول الفصائل والقوى التنظيمية والشعبية الوصول إليه بكل إمكاناتها ، لما له من دلالات كبيرة ومؤثرة على الصعيد السياسي والاجتماعي والذاتي وغيرها .
أما عن كيفية الوصول إلى الرأي العام ، فإن ذلك يتم من خلال وجود قضية ما ، تقوم الطبقات القيادية والخبراتية والتخطيطية للمجاميع المختلفة بدراستها بشكل مستفيض ، وتتدارس الآراء بشأنها ، والخلوص بوجهة النظر الذاتية تجاه هذه القضية من خلال عرضها على الثوابت والأفكار والمبادئ الخاصة بكل طرف ، ومقدار النفع والمصلحة الحاصلة منها أو عكس ذلك ، وبناء على الرأي الصادرعن كل طرف ، فإنه يحاول – في القضايا الكبرى على وجه الخصوص – أن يقوم بتمريرها على المجتمع ، وإقناعه بها من أجل كسب تأييده فيها .
وهنا يتجلى دور ذوي النفوذ بأوضح صوره ، حيث إن كل فريق يعمد إلى ما بين يديه من وسائل التأثير ، ومواقع النفوذ ( فردية أو جماعية ) ، ويقوم تعبئتها بالفكرة وتصوراته وارائه إزاءها ، ليقوم أهل النفوذ بدورهم في مجال نفوذهم من أجل الترويج لها ، وتزيينها في أعين الناس .
فالسياسي في مجاله ، والإعلامي في مجاله ، والخطباء المنظرون في مجالهم ، والنقابي في مجاله ، والمعلم بدوره ، والمؤسسات في مجالها ، الكل يحاول أن يوجه أنظار العامة لما قد رشح عنده من تصورات ، وتتعاضد بذلك الكلمة والفكرة والأساليب والوسائل التقنية في الدعاية والإعلان والإعلام وغيرها ، وتبذل كل الجهود والطاقات الخاصة من أجل تعزيز قيمة الطرح المتبنى ، والترويج له في القلوب والعقول ، فإذا تم الأمر : تحقق الإنجاز ، وإلا ، فالجانب الأضعف ، والذي لا يملك مواطن نفوذ مؤثرة ستناله الخسارة والفشل .
المستشار د. نزار نبيل أبو منشار الحرباوي