لقاء مع د. كتّاني رئيس مجمع القاسمي
تاريخ النشر: 03/11/14 | 19:00الدكتور ياسين كتّاني، حصل على شهادة الدكتواة من جامعة تل أبيب، حول أطروحته عن أدب الرّوائيّ الحداثيّ إدوار الخراط، وهو أحد أبرز الباحثين في مجال الأدب العربيّ الحديث. كتب في الأدب الحداثي، إضافة إلى “أطروحته”، عدّة أبحاث ودراسات أثرت المكتبة العربيّة بما طرحته من مقاربات جديدة في تحليل أساليب التشكيل الفنّي لدى كتّاب عرب طليعيّين، حداثيّين وما بعد حداثيّين في مجال القصّة.
تقلّد الدكتور كتّاني منصب مدير المدرسة الثانويّة للعلوم والتّكنولوجيا في باقة الغربيّة، ثمّ مديرًا لقسم المعارف في سلطتها المحليّة.
إلى جانب عضويّته في لجنة المناهج للأدب العربيّ والأدب العالميّ، عمل رئيسًا لطاقم امتحانات البجروت في وزارة المعارف.
كانت أكاديميّة القاسمي الإطار الذي تماثل مع تطلّعاته الثقافيّة، الفكريّة والأدبيّة، فقد انخرط فيها منذ تأسيسها سنة 1989، فعمل فيها محاضراً في مجال اللّغة العربيّة وآدابها، ونتيجة لقدراته المتميّزة وعطائه المبدع، تقلّد في هذا الصّرح الأكاديميّ العديد من المناصب، منها: ترأسه لمجمع القاسمي للّغة العربيّة، رئيس تحرير مجلّة “المجمع”، العميد الأكاديمي ونائب رئيس الكليّة.
حول هذه الأمور وغيرها، كان لنا معه اللّقاء التّالي:
*دكتور كتّاني، أعلن مجمع القاسمي للّغة العربيّة، منذ تأسيسه، أهدافه في “الحفاظ على سلامة اللّغة العربيّة وحمايتها من مزاحمة اللّغات الأخرى، فاللّغة العربيّة في بلادنا في صراع مفتوح مع اللّغة العاميّة من جهة، واللّغة العبريّة من جهة أخرى”. السؤال هو: بماذا يختلف مجمع القاسمي للّغة العربيّة، عن مجمع اللّغة العربيّة في الناصرة، خاصة أنه يسعى لتحقيق نفس الهدف؟
– أهدافنا في مجمع القاسمي للغة العربيّة ليست مجرّد شعارات نتجمّل بها وهذا ما يميّزنا، فلدينا الإرادة والفاعليّة وجمهور الهدف المثالي الذي يتيح لنا نقل تلك الأهداف من دائرة القول إلى دائرة الفعل. نعمل في إطار كليّة أكاديميّة عروبيّة تعتبر الأفضل في البلاد، يدرس فيها نحو 3000 طالب بين منتظم ومستكمل، فضلاً عن جمهور واسع من أعضاء المجمع وأصدقائه ومن محبّي اللغة العربيّة وأدابها ممّن يشاركون في فعاليات المجمع ويتابعون نشاطاته
*حدّثنا عن الأساليب التي يتّبعها مجمع القاسمي للّغة العربيّة، في سبيل إعلاء مكانة لغة الضاد في بلادنا، وما هي الطرائق التي تنتهجونها لتحقيق هذه الغاية؟
– تتعزّز مكانة اللغة العربيّة من خلال:
1- تأثير مجمع القاسمي المباشر، بالتعاون مع قسم اللغة العربيّة، على معلّمي المستقبل في الكليّة عبر الإرشاد التربوي والتطبيقات العمليّة، وطرق التدريس الحديثة، والتأكيد على سلامة اللغة العربيّة على السنة المعلّمين والمتعلّمين، وتحبيبها للنشء الجديد، وخلق مناخ من التنافس بالمدارس في المطالعة والإبداع والمسابقات وإصدار المجلّات الصفيّة والمدرسيّة
2- من خلال الأيّام الدراسيّة وأسابيع اللغة العربيّة في أكاديميّة القاسمي، ومن خلال معارض الكتب وورشات الإبداع، ومجلّتي “روّاد الضاد” و “الساقية” التي يكتب فيها الطلاب.
3- تفعيل دورات لطلاب المدارس للكتابة الإبداعيّة، ومنتدى “براعم الإبداع” للطلاب على الشبكة العنكبوتيّة
4- على المستوى الأكاديمي ينشط مجمع القاسمي في عدّة محاور:
أ) إنتاج المعرفة: فقد أصدر المجمع 42 كتابًا (ثلاثين عنوانًا) في فروع اللغة العربية وآدابها، تتضمّن معاجم مختلفة وموسوعات
ب) إصدار مجلّة دوريّة محكّمة “المجمع” في اللغة والأدب والفكر
ج) مؤتمرات دوليّة ومحليّة (مؤتمران في كلّ عام) في مختلف المواضيع
د) مشاركات أعضاء المجمع في محافل ومؤتمرات دوليّة
هـ) إقامة علاقات وإبرام اتفاقيات وشراكات مع جامعات في الضفّة الغربيّة وفي العالم العربي
*ما المشترك بين مجمعكم ومجامع اللّغة العربيّة القائمة في الوطن العربيّ، وبماذا تختلفون عن تلك المجامع؟
– مجمع القاسمي هو أحد مجامع الأقليّة العربيّة في البلاد، ولا سبيل إلى المقارنة بيننا وبين مجامع اللغة العربيّة في الوطن العربي من حيث أعداد حملة الشهادات العليا والعلماء والمتخصّصين وإمكانيات التواصل والفضاء غير المحدود مع العالم العربي والجماهير الواسعة.
مجامع الوطن العربي لا تكاد تعرف عنّا شيئًا، ولا أحسبها تريد أن تعرف. لنا في هذه البلاد خصوصيتنا الثقافيّة والسياسيّة، ولنا أهداف لا تنطبق تمامًا مع أهدافهم، ولدينا العزيمة والإرادة على المضيّ والمثابرة رغم كلّ شيء. نملك ثقة بأنفسنا وبعلمنا، ونثق بما نملك، ولا أتردّد في القول إنّ وضع اللغة العربيّة في بلادنا أفضل منه في الوطن العربي.
*إذا سألتكم عن أهم إنجازاتكم التي حقّقتم حتّى اليوم لرفع شأن اللّغة العربيّة على المستوى العلميّ والنّظريّ، ماذا تقول… ماذا تقول أيضًا عن الوسائل التي تعملون بواسطتها على المستوى العمليّ التّطبيقيّ؟
– من أهمّ ما نعتزّ به من إنجازات في السنوات الخمس الماضية:
1. “قاموس المجمع في ألفاظ العربيّة المعاصرة والتراثيّة الشائعة” (1550 صفحة)
2. “موسوعة دراسات وأبحاث في الأدب الفلسطيني الحديث” (8 مجلّدات)
3. “أنطولوجيا الشعر الفلسطيني المحلّي” (مجلّدان)
4. مؤتمران دوليّان: الأوّل، عن الصوفيّة لمدّة ثلاثة أيام، شارك فيه نحو ثلاثين باحثًا من أوروبا وأمريكا وجامعات إسرائيل والضفّة الغربيّة، والثاني، بالاشتراك مع الجامعة الأردنيّة، وقد عقد في قاعة مؤتمرات الجامعة في عمّان، في موضوع “الأدب الفلسطيني قي ستين عامًا”
5. إجراء أبحاث ميدانيّة عن مشكلات اللغة، وتوجيه طلاب اللقب الثاني في أكاديميّة القاسمي إلى بحث دراسة وتدريس اللغة العربيّة بأساليب بديلة (وقد أنجزت دراسات نوعيّة مميّزة في هذا المجال).
*يتألّف مجمع القاسي للّغة العربيّة من عدة لجان،هي: لجنة اللّغة واللّسانيّات، لجنة النحو العربيّ، لجنة الأدب الحديث والنّقد، لجنة الأدب القديم والحضارة الإسلاميّة، لجنة مناهج اللّغة العربيّة، لجنة الإصدارات والنّشر، لجنة التّرجمة، لجنة تحرير مجلّة “المجمع”، ولجنة المخطوطات وإحياء التّراث.
واضح أن هذه اللّجان تقوم بأعمال جليلة وكثيرة. لكنّ عملها لا يكاد يلمسه الجمهور.. لماذا لا تولون الإعلام العناية المطلوبة، في حين أن مجامع اللّغات في العالم لا تترك شاردة أو واردة دون أن تغطّيها إعلاميًا، وبالشكل الوافي؟
– إنّ إصدار نحو 42 كتابًا في أقل من خمسة أعوام، هي حقًّا أعمال جليلة وكثيرة كما ذكرت، وهي إثبات على فعالية معظم اللّجان. وجميع ما صدر عندنا يوزّع مجّانًا على المكتبات العامّة والأساتذة الجامعيين والأدباء وأصدقاء المجمع.
ثمّة قصور واضح لدى الإعلاميين، في الصحف والمواقع المختلفة، فهم يغطّون بإسهاب مثلاً خبر العثور على أفعى كبيرة في أحد البيوت، بينما لا يحفلون بحدث ثقافي ضخم من ثمانية مجلدات، ليس له نظير من نوعه حتى الآن كإصدار “موسوعة دراسات وأبحاث في الأدب الفلسطيني”.
*لجان المجمع التي ذكرتها قبل قليل، تدلّ على أنّها تقوم بأعمال واسعة بحيث لا نستطيع أن نتوقّف عندها كلّها في هذا اللّقاء. لكن لو رغبنا في التوقّف عند مجلّة المجمع التي ترأس أنت تحريرها، ماذا تقول؟
– مجلّة “المجمع” مجلّة دوريّة محكّمة متخصّصة في اللغة والأدب والفكر، صدر منها إلى الآن سبعة أعداد، كتب فيها عشرات الباحثين المرموقين من حملة الشهادات العليا.
*ما هي المعايير التي تستهدون بها في قراركم نشر المقلات والأبحاث في “المجلّة”؟
– تُقبل المقالات التي تستجيب لقواعد النشر الخاصّة بالمجلّة، وتخضع المقالات للتحكيم السرّيّ من قبل قارئين اثنين أو أكثر، وتُرفض المقالات التي يجمع المحكّمون على عدم صلاحيتها للنشر. عدد المقالات التي رفضت للعدد الثامن الذي بين أيدينا على سبيل المثال يفوق عدد المقالات التي تمّ قبولها.
مجلّة المجمع موجودة في أكثر من عشرين مكتبة جامعيّة في الدول العربيّة، وهي إلى ذلك موجودة على النت، على موقع مجمع القاسمي للغة العربيّة.
*قرار وزارة المعارف، القاضي بإلغاء تعليم القواعد العربيّة في الصّفوف الابتدائيّة، أثار ردود فعل كثيرة، بين معارض ومؤيّد، ما موقفكم من هذه المسألة؟
– تدريس القواعد موضوع في غاية الأهميّة، سأتناوله على الخصوص في مقابلة أخرى، ولكنني أعرف معرفة يقينيّة أن تدريس القواعد على النحو الذي كان لم يكن مجديًا على الإطلاق.
على العموم، أنا مع التجريب والحركة، وضدّ التقوقع والتحجّر والمكابرة
*هناك أيضًا اقتراح قانون آخر، قُدّم في الآونة الأخيرة، يقضي بإلغاء رسميّة اللّغة العربيّة في بلادنا. ما موقفكم بصدد الاقتراح المذكور؟
– الاقتراح عنصري ومجحف، وهو تصعيد آخر ضدّ الأقليّة العربيّة في البلاد. التصدّي لمشروع القرار ليس بالإعلان المنمّق وانتهى الأمر، وإنّما باتّخاذ موقف جماعيّ ومتابعته، على مستوى الأقليّة العربيّة بكامل هيئاتها (لجنة المتابعة/ أعضاء الكنيسة/ رؤساء السلطات المحليّة وهيئات مدنيّة ومجامع وغيرها)
*ماذا يشغل المجمع هذه الأيام بالذات، وما هي مشاريعكم المستقبليّة؟
– أ) مشروع إصدار معجم في قواعد اللغة العربيّة
ب) مشروع إصدار سلسلة من قصص الأطفال تلائم احتياجات الطفولة المبكرة
*هلا زوّدتنا، أخيرًا، بلمحة عامّة عن كتاباتك وأبحاثك الشخصيّة، في مجال تخصّصك واهتماماتك؟
– تتمحور أبحاثي في مجال الرّواية الحداثيّة على وجه الخصوص، وقد ضمّ كتابي الرابع (الأخير)، الصادر قبل أشهر عن دار الرائد في عمّان عددًا منها. أكثر كتاباتي في السنتين الأخيرتين مقالات كتبتها بالإنجليزيّة لمجلات عالميّة في الخارج، وقد حصلت في أعقابها على ترقية لدرجة (محاضر كبير أ )، وأنا ماض في هذا الاتجاه قدمًا.
أشارك في مؤتمرات دوليّة عديدة، وقد شاركت في السنة الماضية فقط في خمسة مؤتمرات: في تورنتو، باريس، عمّان، أبو ظبي، وأخيرَا أنقرا WOCMES 14. غير أن العمل الأهمّ الذي أنجزته، والذي فرغت منه لتوّي، تحرير موسوعة دراسات وأبحاث في الأدب الفلسطينيّ الحديث في ثمانية مجلدات.
وأنا إلى ما تقدّم أعمل عميدًا أكاديميًّا لأكاديميّة القاسمي، ومحاضرًا للأدب الحديث فيها، ولي نشاطات نوعيّة أخرى مع وزارة المعارف والثقافة
أجرى اللّقاء- سيمون عيلوطي