المـدونــة الثانـيــة عشـرة "البديل من العبرية"
تاريخ النشر: 04/07/12 | 2:38צינתור = كَــثْـتَـرَة
أعني ما يتمثل بإدخال أنبوبة إلى فضاء الجسم، بقصد إخراج سوائل منه، كما هو في مجرى البول لإفراغ المثانة، أو إدخاله لشرايين/لأوردة الجسم عامة، والقلب خاصة لفحص سلامته وعلاجه. والتعبير بالإنجليزية منه ما هو: cardiac catheterization ، (وباختصار الأطباء- cardiac cath ، وقد استخدموا في الطب cardiac (بمعنى قلبي= أي ذو علاقة بالقلب) للتمييز بينه وبين إدخال الأنبوبة في جزء آخر من الجسم.
لقد ترجم المورد للبعلبكي اللفظ الإنجليزي(catheter)، أنه القَسْـطَـر(لاحظ أنه ابتدع اللفظة واستبدل الثاء سينًا، وغير في النقحرة)، وشرح أنه أنبوبة معدنية أو مطاطية تدخل في مجرى البول لتفريغ المثانة، وربما عنه أخذ معجم الوسيط فقال: القسطرة (بزيادة هاء التأنيث) هي أنبوبة المطاط تدخل في مجرى البول لتفريغ المثانة. ويلاحظ أن كليهما لم يتحدثا إطلاقًا عن القلب، وكأنه لم يكن في زمانهم ما يدعوهم إلى اهتمام باللفظة. (لاحظ أن المنجد لا يذكر الكلمة لا في المتن ولا في الإضافات!).
من حقنا أن نعود إلى اللفظ العبري צינתור (צנתור) فابن شوشان في معجمه يرى أن اللفظ צנתר = (catheter) ربما كان تحريفًا من צנור، وربما كانت الكلمة آرامية צנתרא. بل إن الكثيرين يلفظونها بأصلها الأجنبي קתטרה (ونسمعها دارجة كاتيتير).
إذن ما دامت اللفظة الإنجليزية هي المعتمدة فلماذا لا نقولها بلفظها بدون تغيير الثاء إلى سين
-كما هي في الأصل- (كَثْــتَـرة)؟ ولماذا لا نجيز الفعل (يُـكَـثْــتر) عندما يدخل الطبيب الأنبوبة- أي الكاثيتَر؟
الكثـتـرة أولى من القسطرة، لأنها أقرب إلى الأصل، ومن جعلها بالسين فلا إثم عليه، فهناك أساتذة أحبوها وأجازوها؛ ولكن لنبتعد في تضاعيف العربية عن استخدام צנתור، وقد شرحنا أكثر من مرة لماذا!
بالطبع لاحظتم أنني أقبل الألفاظ العالمية ما دمنا نفتقد البديل العربي، فما عجزت عنه مجامع اللغة لا يستطيع فرد أن يبتدع لفظًا ما ويسوّقــه.
ثمة سبب لغوي آخر يقرب (الكثـترة) للعربية، إذ أن الكثرة في التدفق بعد انحباس هي علامة خير.
يبقى أن ندعو بالخير والعافية لأولئك الذين أجروا العملية أو الذين على وشك إجرائها، ولا تهم اللفظة بقدر ما تهمنا عافيتهم!
ملاحظة لا بد منها: أطلعت البروفيسور رسمي مجادلة- المتخصص بأمراض القلب- على هذه المادة فأجازها.
הַנְדְסַאי = هندَسـانِــي
كثير من شبابنا يعملون في هذا المجال، فبالإضافة إلى المهندس هناك خريج كلية تِـقْـنِـيّـة- ويكون في درجة تتراوح بين المهندس وبين التِّـقْـنِـيّ (טכנאי)، هي (הַנְדְסַאי) = هندساي (وليس هندسَـئِي كما نسمعها في الخطأ الشائع من اللفظ العبري)، فإذا سألت: ماذا تعملـ (ين)؟ أجابك إذا كنت مصرًا على استخدام اللغة العربية: هندسي! وأجابتك هي: هندسية.
ونحن بالطبع نلاحظ أن النسبة تربكنا، فالنسبة إلى (هندسة) هندسي، فلو قال قائل: أعجبت بمخطط هندسي، فإننا لا نعرف المقصود؟ هل هو مخطط في الهندسة؟ أم هو مخطط الشخص الذي يعمل في الهندسة، وكذلك الحال في جملة: أعجبت بمخططات هندسية.
إذن الحل بأن نضيف النون في التخصص: هو هندساني، وهي هندسانية!
تسألني، أيجوز ذلك في اللغة؟
أجيب: نعم، فنحن نقول صيدلانــي، صيدلانية (ولا نقول هي صيدلية، وإلا فستكون غاضبة جدًا عليك!). نقول كذلك هو حلْـواني وكنفاني…
للأمانة: هذه الفكرة تداولتها أنا والدكتور إلياس عطا الله قبل عقود!! إذن هي فكرة مشتركة، فهل توافقوننا عليها؟
حتى في الكتابة:
كتب لي صديق: لست شليمًا مع هذه اللفظة التي اقترحتها…..
שָלֵם עִם= متوافق
قل يا صديقي: متوافقًا، لأنك توافق نفسك، أو لا توافقها، وفي الفعل (توافق) مشاركة، وفيه اختلاف عن الموافقة بمعنى הסכמה.
وأنت تجد في التوافق الرضا، وعليه يمكن قبول (راضيًا) إذا أحببت.
מִשְתַּלֵּם= يُوفّــي، مُوَفٍّ
أما التعبير الذي نسمعه من رجال الأعمال מִשְתַּלֵּם في هذا المشروع أو ذاك، فأقرب ترجمة نجدها في الدارجة (يُـوَفّـي)، “هذه المصلحة بتوفّي”، وفي رأيي أن نقبلها في الفصيحة أيضًا بمعنى= تدر ربحًا، فنقول: هذا المشروع وفّى، وهذا المشروع لم يوَفِّ. إذ أن طاقة الاشتقاق في العربية تجيز لنا، فالمعاجم تذكر: وفّـى فلانًا حقه= أوفاه إياه- أي أعطاه إياه تامًا، فهل يمكن أن نتيمن خيرًا من المشروع حتى يعطينا الحق في الربح، وإلا فسنقول: هذا المشروع لا يُوفّــي!