“ثـورة على الألـم” بقلم ب فاروق مواسي
تاريخ النشر: 14/11/14 | 22:17جَنَّ النَّهارُ فَلا نَسْمٌ وَلا زَهَرُ *** قسا المَسـاءُ فَلا حُبٌّ ولا سَمَرُ
أحِسُّ بالوَحْشَةِ الخَرْساءِ تَلْسعُنِي *** ففي حَشايَ سِياطُ النَّارِ تَسْتَعِرُ
كأَنني عابِرٌ في دربِ مَقْبَرَةٍ *** ومــارِجُ الْهَمِّ يَغْشاني فَأنْـصَهِرُ
قَلْبي حَزينٌ بِبَحْرِ الشِّعْرِ مُضْطَرِبٌ*** نَجْوايَ بَوْحٌ فَلا سِرٌّ ولا خَـطَرُ
إنَّ السَّعادَةَ فيما كان يُشْغِلُني *** إذ حبَّبَ العِشْــقَ لي في غَزْلِهِ عُمَرُ
أعودُ مِنْ رِحِلاتِ الحُبِّ في لَهَفٍ *** فَلا أزالُ مِنَ اللَّذَّاتِ أعْتَصِرُ
ما قِيمَةُ الحُبِّ في دُنيايَ مُحْتَبـسًا **** ما نَفْعُ أغْيَدَ حَاكى حُسْنَهُ القَمَرُ؟
بَيْنا أعيشُ عَلى الأعْصابِ يَبْعَثُني *** صَوْتُ الضَّميرِ فهل أُبْقي وَهل أذَرُ؟
مَنّي عَلى الدّهْرِ عَهْدٌ لَن أُناجِزَهُ *** أن أنشـدَ الحَقَّ حَتّى يَوْمِ أنْتَصِرُ
يا أيها الألَمْ الجَبّارُ مُتْ فَأنا *** أسـًى بذاتي وَوَصْبٌ كادَ يَنْفَجِرُ
لأبْلُغَنَّ بُلوغَ المُنْتَهى عَطِشًا *** للنصرِ والحُبِّ ، فَلْيَمثُـلْ لِيَ القَدَرُ!
أُريدُ أنْ أُرْجِعَ الماضي بِرَوْعَتِهِ *** مع الشُخوصِ التي في ذَكْرِها خَدَرُ
أَرْنو إلى الحُبِّ هَيْمانًا أسَامِرُهُ *** كم يطْلُبُ الحُبَّ في التَّحْنانِ منتظرُ
حَيثُ المَنى رَفْرَفتْ بالبِشْرِ خافِقَةً *** والطَّيْرُ تَذْرو أناشيدًا فَتَنْتَثِرُ
إنّي أعيشُ عَلى الآمالِ أرْقُبُها *** أن يُفـصِـِحَ الصُّبْحُ، والآلامُ تَنْحَسِرُ
…………………..
في انتظار القطار. نابلس: جمعية عمال المطابع- 1971، ص 83-85.
……………………………..
مع أبي القاسمِ الشّابي
………………………
كتبت القصيدة بعد أن قرأت قصيدة الشابي (الصباح الجديد) ومطلعها:
اسكني يا جراح *** واسكتي يا شجون
مات عهد النواح *** وزمان الجنون
وأطل الصباح *** من وراء القرون
أعيد نشر القصيدة في ذكرى وفاته الثمانين (6 أكتوبر 1934)، ولكني بالطبع أخاطب نفسي في القصيدة:
….
أثْقَلَتْكَ القُيودْ *** فِي مَتَــاهِ الأبَدْ
والنَّوى والصُّدودْ *** طَاوَلَتْكَ الأمَدْ
وَحَياةُ الشُّرودْ *** لَعْـنَةٌ فِي الْجَسَدْ
يا زَمانَ السُّدودْ *** يا سُدودَ الزَّمَنْ
…..
شَاغَلَتْكَ الْحَياهْ *** فِي ظِلالِ الوَهَمْ
لَمْ تَجُدْكَ الشِّفاهْ *** قُبْلَةً مِـنْ نَغَمْ
فلماذا الصَّلاهْ *** فِي رِحـابِ العَدَمْ
يا زمانَ الْمَتاهْ *** يا مَــتاهَ الزَّمن؟
……
راقَبَتْكَ الْمَنونْ *** في سَريرِ الْمَـلَلْ
سَاهَرَتْكَ الْجُفونْ *** تَرْتَعي بالْمُقَلْ
فلماذا تَكونْ *** لُقيَـــةً لِلْعــِلَلْ
في زَمانِ الشُّجونْ *** في شُجونِ الزَّمَنْ؟
………
حَوْلَ قَلبي نِصالْ *** من دُموعِ الْجَفافْ
عَثْرَتِي لا تُقالْ *** فِي جُموعِ العِجافْ
نَظْرَتِي كالْمُحالْ *** لَيْسَ فيها ضِفافْ
يا زَمانَ الضَّلالْ *** يا ضَلالَ الـزَّمَن!
اِسْتَطَبْتُ السُّهادْ *** كَي أنـامَ هَنِيءْ
فانْتَظِرْ يا فؤادْ *** فِي تَحَدٍّ جَـريءْ
سوفَ نَقْضي الْمُرادْ *** وَيغيبُ الْمُسيءْ
فِي زَمانِ البِعاد *** فِي قَريبِ الزَّمَنْ
…………
من مجموعتي الأولى- “في انتظار القطار”. نابلس: جمعية عمال المطابع- 1971، ص 90- 92.
بقلم ب فاروق مواسي