المدونـــة الرابــعة عشــرة البديل من العبريــــة
تاريخ النشر: 08/07/12 | 5:57النحت وجوازه، ومحاولات جريئة: يعبر القدماء عن النحت بأنه استخراج كلمة من كلمتين أو أكثر، فالعرب مالوا إلى اختزال قوالب لغوية، وقد اعتبر القدماء هذه الظاهرة سماعية، فلم يبـِح كثيرون منهم للمتأخرين بأن يبتدعوا.
مع ذلك فقد اعتبر ابن فارس النحت قياسيًا، وعده ابن مالك في كتاب التسهيل قياسيًا أيضًا.
(انظر كتاب: من أسرار اللغة لإبراهيم أنيس، ص 72 وما بعدها)
إذا نظرنا إلى بعض النماذج النحتيّــة فسنجد نحو (المشألة) = قول “ما شاء الله!”، (طلبق)= قال “أطال الله بقاءك” ، ومن الشواهد الشعرية:
لقد بسملت ليلى غداة لقيتها فيا حبذا هذا الحبيب المبسمل
(عمر بن أبي ربيعة)
لن أستطرد في موضوع النحت ونماذجه الواردة في لغتنا، وهي كثيرة، ولن ألجأ إلى الذين غالوا، فظنوا أن كل فعل رباعي هو من النحت، لكنا نقف على رأي اللغوي إبراهيم أنيس في قوله المهم جدًا:
“إن النحت في بعض الأحيان ضروري يساعدنا على تنمية الألفاظ في اللغة، ولذا نرى الوقوف منه موقفًا معتدلاً، ونسمح به حين تدعو الحاجة الملحة إليه” (م.ن، ص 75).
ومن جهة أخرى يعرض المحدثون من اللغويين إلى ظاهرة لغوية يسمونها Haplology
وهي عندهم حذف بعض الأصوات من الكلمة اختصارًا لبنيتها، وتيسيرًا للنطق بها، واعتبروا هذا ميلاً عامًا في تطور البنية للكلمات.
يقول (جسبرسن) “ليس هناك أدنى شك في أن الاتجاه العام لجميع اللغات هو نحو تقصير الصيغ للكلمات” (م.ن، ص 77).
وفي تجربة اللغة العبرية الغنية جدًا بنحتها واختزالها واختصاراتها ( הלחם+ הדבק) ما يدعونا للنظر، وصدق الحديث الشريف: “الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها”.
وعليه، وبسبب اقتناعي بضرورة التجديد، ومن الضرورة اعتماد الجرأة خدمة للغتنا التي قبلت النحت بمئات أمثال منه، وقبلت الاشتقاقات، فإنني اقترحت سابقًا بعض المنحوتات: حَّـتَّــن، ومصدرها تَحْــتـين، وهناك بطاقة حتّــان (עִדְכֵּן” עַדְכָּן)، شارصيف (بدل מד- רחוב)، يسيكة (بدل קל- נועית ).
استمرارًا لذلك سأدون هنا ما قد يعتبره البعض جنوحًا، وقد يرفضونه بدءًا، ولكني، مع ذلك- سأعرض وجهة نظر، فربما يكون لها أيما أثر، وربما ينحت أحد المتلقين نحتًا أجمل:
תקליטן= الواســِـي
لا شك أنكم تعرفون هذا الذي يقف وراء المسجلات في الأعراس، فيغير أسطوانة، ويضع سي دي، أو هذا الذي يعد برنامجًا إذاعيًا أو تلفزيونيًا، ويعلق، فهو -وللمحافظين للغة أقول “يغير الأقراص”، مع أن لفظة (القرص) استهلكت ووزعت على دلالات كثيرة.
إنه فارس الأسطوانات، وبالإنجليزية اختصروا، فسموه: D.J اختصار منDisc Jockey
والسؤال: كيف نبتكر لفظة عربية تنجينا من (التقليطان)؟
لم أجد إلا النحت سبيلا، فواضع (السي دي) في الجهاز، هو الواسي. إذ حفظت (وا) من لفظة (واضع)، وأخذت (الـسي) من أول سي دي.
أما الذي يعترض على استخدام (السي دي) مع أنه يستخدمه، فأقول له:
أخذت السين – يا أخي- من لفظة (أسطوانة)- الحرف الثاني (ولا تزعل).
ولا ينس أحد أن وظيفة هذا الواسي تـتفق مع معنى يواسي، يعزي ويعين، ويسلي!
أليست اللفظة الواحدة أفضل من تركيب (فارس الأسطوانات) مثلاً؟
أليست –على تحفظنا من كل جديد- أفضل من لفظ (تقليطان؟؟؟!!!)
متى ستستضيف الواسي في فرح قادم عندكم؟ وللمتدينين أقول: قد يضع الواسي أشرطة/ أقراصًا/ سيديهات دينية.
איימלתי = أَيْـمَـلْـت
تعرفون أن اللفظ أصلاً هو E.Mail أي Electronic Mail، وفي رأيي أن نقبل الاسم (إيميل)، وأن نشتق منه: يؤيمل، سأؤيمل ، وذلك اختصارًا للتعبير: سأرسل بالبريد الألكتروني (ثلاث كلمات- بل أكثر). ونحن نعلم أن اللغة توصيل وسرعة أولاً.
وإذا كنت متعصبًا للغة العربية أكثر مني، فسأقول لك: هذه أمور استجدت، ولا نحاسب العربية على “القصور” فيها، كما أنه لا ضرورة لأن نختلق اسمًا مبتدعًا ليس بينه وبين (الإيميل) أدنى وشيجة.
ويظل اقتراح تعريبي (أي أجعله عربيًا بالعافية):
إيميل هي اختصار لرؤوس الكلمات التالية:
إرسال يرسله مرسلٍ يصل للمتلقي= إيميل
طبعًا هذا اجتهاد من عندي لإرضاء المتعصبين الذين يرفضون كل ما لا يعرفون.
מעניין = مُـثـِيــه
أقرب لفظة لكلمة מעניין بالإنجليزية هي interesting/ arresting، فاللفظة الأولى تعني : رائع، لافت للنظر، وأما الثانية فتعني: ممتع، مشوّق.
نحن نستخدم اللفظ العبري מעניין فعلاً واسمًا، ونعني به (مثير للاهتمام)، وقد يكون ذلك إيجابًا أو سلبًا، فهذا الكتاب מעניין ، إذ قد يكون مشوّقًا، وقد يكون جاذبًا للنظر لأفكاره الغريبة التي نعترض عليها، وقد نقول اللفظة في حالة الدهشة، ولا تتوقع من أحد أن يستخدم التركيب (مثير للاهتمام) في حديثه، أو يذهب إلى القول إنه (مشوّق – وهذا لا يقصده)، بل يفضل عليها (معنيين).
ولذا أقترح أن نأخذ من (مثير) الأحرف الثلاثة الأولى (مثي)، ونأخذ من (الاهتمام) حرف الهاء، فتصبح اللفظة الجديدة: مُثـيـه، وقد ثاهَـني (עִנְיין אותי) هذا الأمر، وهو يَـثيـهك أيضًا، وأنت تجد في الأمر مَـثاهًا ענְיָן .
أعرف أنكم استثقلتم ذلك، وليس ما فعلت جريمة لا تغتفر، ولكن، ماذا سنفعل: هل نظل نردد كلما أعجبنا شيء أو لم يرق لنا: والله (מעניין معنيين!) و(عنيين أوتي- עִנְיין אותי) و (מצאתי עניין متساتي عنيان)؟!!
لا ننس أن لفظة (الاهتمام) وحدها لا تؤدي المؤدى!
בין- עירוני= بَـيْـمَديني
لاحظتم أنني حذفت النون، ودمجت اللفظتين في لفظة واحدة، وفي تقديري هذا أيسر من قولنا: “بين المدينة والأخرى”، ويمكن أن نقول تبعًا لذلك بيْـمجالي = בין- תחומי، بيْـشـخْصــي= בין- אישי.
ألم أقل لكم إن هذه المدونة فيها جراءة؟ أية جراءة!!! حتى أنا استغربت!
لملاحظاتكم أيملوا لي: