المرابطات في المسجد الأقصى …قصص لبطولات يومية
تاريخ النشر: 08/07/12 | 6:29من الناصرة وعكا وحيفا والمثلث ويافا ووادي عارة ، تقطعُ نساء الأقصى مئات الكيلو مترات وصولاً إلى القدس؛ متحديات لسياسة الاحتلال الاسرائيلي في تهويدها وعزلها عن بقية الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة، إلى المسجد الأقصى والأسواق المحيطة بالبلدة القديمة يكون المستقر فَتُحيّين صلوات وتُنعشن أسواقاً كادت تموت كساداً.
في حيّز المسجد الأقصى بكلمتي التوحيد (الله أكبر، ولا إله إلا الله)، تعلو أصواتُهن كلما مرَّ بهنّ فوجٌ سياحي أو جماعة مستوطنين أرادوا أن يدنسوا المسرى ويظهروه بوجهٍ غير وجهه الحقيقي، وإذا ما تفردنَّ بأنفسهنّْ قليلاً سَعيّن في مناكبِ ساحاته بين تنظيفٍ وترتيبٍ للمرافق وعناية بآثارها الإسلامية، ومن ثمَّ تحطن كما الفراشات على الأزهار تلعق رحيقها على مصاطب فتلتحقنّ بدروس الفقه والقرآن، فتتعمق صلتهن بالأقصى ويتعاظم الاستعداد لديهن لحمايته والدفاع عنه تضحيةً بالدماء والمهج.
رد الاحتلال على إصرار النساء يكون بالاعتداء والضرب وأحياناً كثيرة الإقصاء بذريعة العمر، لكن ذلك أبداً لا يثنيهن عن مواصلة الطريق الذي بدؤوا وتحقيق هدفهن في صون الأقصى ومقدساته ومرابطيه من بطش الاحتلال.
في سياق التقرير التالي ننقل قصص وتجارب هؤلاء النساء المرابطات المدافعات عن الأقصى بالدماء، وهن بذلك سعيدات متأكدات أنه واجبهن في ظل عزل الاحتلال للمدينة عن الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
قلب معلق بالأقصى:
منذ الصغر تعلق قلب “سوسن مصاروة” بالمسجد الأقصى، فلم تترك جمعة تمر دون الذهاب إليه برفقة أهلها للصلاة والدعاء، ولكنها تبدو اليوم أكثر إصراراً على البقاء في ساحاته، والدفاع عنه، والسبب كما تؤكد لنا تصاعد الهجمة التهويدية التي يشنها الاحتلال.
تقول سوسن: “إن حماية المسجد الأقصى جزء من دور المرأة في النضال ضد الاحتلال”، وأضافت السيدة التي تقطن أم الفحم وتقطع ساعتين وصولاً إلى المسجد الأقصى، أن دفاعها عن المسجد الأقصى لا يقتصر على الرباط فيه في أوقات الصباح وما بعد الظهر التي تعتبر أوقات الذروة التي يهاجم فيها المتطرفون اليهود والسياح الأجانب المسجد الأقصى، بل تعمد إلى المشاركة في المهرجانات ومسيرات الغضب والنفير من أجل الأقصى.
وأشارت إلى أن المجتمع الفلسطيني في الداخل الفلسطيني بات أكثر وعياً بمخططات الاحتلال تجاه المسجد الأقصى؛ لذلك لا يترك كبيراً ولا صغيراً أو شيخاً أو امرأة أمر الدفاع والمسير إلى المسجد الأقصى باعتباره جزءا من الجهاد في سبيل الله، وبيَّنت أن المئات من نساء الداخل يواظبنّ على الرباط في المسجد الأقصى ضمن مسيرات البيارق التي تنظمها الحركة الإسلامية في الداخل منذ ساعات الفجر حتى بعد صلاة العصر.
التواجد على مدار الساعة:
وتؤكد مصاروة أن المرابطات تحرصن على التواجد على مدار الساعة في المسجد الأقصى، وتسارعن لنجدته إذا شعرن بخطر المتطرفين يحدق به، لافتة إلى أنهن في أحد المرات وبعد أن أديّن صلاة الظهر واطمأنن بعدم وجود متطرفين أو سياح أجانب في الساحات، خرجن إلى الأسواق المحاذية لسور المسجد الأقصى للسياحة قليلاً، إلا أن أحد المرابطين استنجد بهم مخبراً بمحاولة اقتحام الجنود للمسجد، فلم يملكن إلا الإسراع لنصرتهم والذود عنهم.
وتحاول النساء المرابطات في الأقصى إدخال ما يحتجنّ من مواد تنظيف للعناية بمرافق الأقصى، إلا أن الاحتلال يحاول منعهنّ بحجج واهية، تذكر مصاروة أنها يوماً أرادت وبعض المرابطات إدخال مواد التنظيف، إلا أن الجنود المتمركزين على البوابات منعوهن، تقول: “وقتها لحسن الحظ كنت أحمل في حقيبتي كاميرا جيب صغيرة، فهددت الجندي بأن أقوم بتصويره وهو يمنع النساء ويعتدي عليهنَّ بالضرب ونشره على كل مواقع الإنترنت؛ ليعرف العالم وجه الاحتلال الحقيقي في القدس، فما كان منه إلا أن استجاب وسمح لنا بإدخال المواد”.
بين مصاطب العلم والصلاة والدعاء:
أما “أم مؤمن -45عاماً”، من الناصرة، فقد اعتادت أن تسري إلى المسجد الأقصى برفقة زوجها منذ ساعات الصباح وحتى ما بعد العصر.
تقول السيدة: “إنها اعتادت أن تزور المسجد الأقصى بين الحين والآخر للصلاة فيه، والرباط لساعات قد تبدأ منذ فتح بوابات القدس المؤدية للمسجد الأقصى وحتى ما بعد صلاة العصر، إلا أنها في الآونة الأخيرة ومع بدء الإجازة الصيفية تؤوب إلى المسجد الأقصى يومياً برفقة زوجها وأبنائها”.
وتضيف السيدة: أن أبنائها لا يملون من الذهاب إلى هناك، خاصة في ظل النشاطات الموجودة هناك، مؤكدة أنهم يستمتعون جداً بمهرجان طفل الأقصى وحلقات القرآن، بينما هي تلتحق بمصاطب العلم وتعمد إلى التفقه في أمور الدين وعلومه، وأشارت أن الرباط لا يخلو أيضاً من محاولات صد لجنود شرطة الاحتلال، وصد المتطرفين اليهود الذين يحاولون تدنيس ساحات المسجد الأقصى ويظهروه بمظهر غير حقيقي، وأضافت أنها ومجموعة من النساء والرجال المرابطين في المسجد الأقصى استطاعوا قبل أشهر التصدي لمحاولات أعضاء الكنيست دخول المسجد الأقصى، ونجحوا في إفشال مخططاتهم بالدخول إلى المسجد الأقصى.
المرأة ترابط كالرجل:
وتتعرض النساء كغيرهم من المرابطين الرجال لشتى أنواع التنكيل على بوابات القدس، بانتظار سماح الجنود لهم بالدخول إلى المسجد الأقصى، إلا أنهن يتحملن الأذى بمزيد من الصبر، تقول أم مؤمن: “يكفي أننا ننفذ أمر الله في قوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون”سورة آل عمران، كما وأن صلاة في المسجد الأقصى تساوي 500 صلاة في أي مسجد غيره”، وأكدت أن الرباط في المسجد الأقصى فرض على المسلمين الذين يستطيعون الوصول إليهم، وخاصة في الأراضي الفلسطينية من عام 48 في ظل منع الاحتلال دخول الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية، وتُشير إلى أن الرباط وإحياء مصاطب العلم الوسيلة الأقوى والأنجع في الحفاظ على إسلامية المسجد الأقصى ودرء محاولات الاحتلال تدنيسه والاعتداء عليه .
تقرير: محاسن أصف- تصوير: “مؤسسة الأقصى”
انا بقول انه كل واحده تروح ترابط في بيتها افضل وتقعد لعيالها