الفقر في اسرائيل
تاريخ النشر: 20/11/14 | 16:52كشف تقرير صادر عن البنك المركزي الإسرائيلي عن تنامي ديون المواطنين للبنوك والشركات التجارية ومؤسسات الدولة، إذ بلغ مجمل الديون المتراكمة على الإسرائيليين عام 2014 ما قيمته 116 مليار دولار منها 28 مليارا للمصارف.
وينشط في السوق الاسرائيلية 16 مصرفا تجاريا قامت منذ عام 2008 بتقديم قروض بقيمة 192 مليار دولار للشركات التجارية وللقطاعين الخاص والعام وللمواطنين، فارتفعت قيمة الديون أثناء السنوات الخمس الأخيرة بحوالي 37%، في حين لم يطرأ تغيير ملحوظ على معدل الأجور الذي يقف عند حاجز 2500 دولار، إذ يبلع معدل ديون العائلة الواحدة من الطبقة الوسطى للبنك نحو 45 ألف دولار.
ودلت إحصائيات صادرة عن مؤسسة التأمين الوطني أن معدلات البطالة واصلت الارتفاع وبلغت في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي نحو 6.4% بارتفاع 0.2% عن الشهر الذي سبقه، ليصل عدد العاطلين عن العمل 241 ألفا.
وأظهرت المعطيات أن 50% من العائلات العاملة تتقاضى “الأجر الوسيط” الذي يبلغ معدله نحو 1445 دولار، حيث تعيش 728 ألف أسرة عاملة تحت خط الفقر وتضم نحو مليون وأربعمائة ألف نسمة، منها نحو 60% عائلات من فلسطينيي 48، ونحو 28% عائلات اليهود الحريديم و12% من العائلات القادمين الجدد من روسيا وأفريقيا.
ويعاني نحو مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي، إذ يبلغ معدل الانفاق الشهري للفرد في العائلة نحو 400 دولار تعتبر مصروفات أساسية لتوفير الغذاء والخدمات المعيشية.
تهميش وتحييد
وأوضحت الباحثة كرين شبرمان من “المعهد الإسرائيلي للديموقراطية” أن الفقر والبطالة وانعدام المساواة الاجتماعية ليست وليدة الصدفة وهي نتاج للسياسات الاقتصادية للحكومة بالعقد الأخير، وقد أخذت تتسع الفجوات الاقتصادية بين مختلف الشرائح الاجتماعية، إذ تحولت إسرائيل إلى أكثر الدول عالميا تكرس انعدام المساواة بعد أن تميزت بالماضي على أنها دولة رفاه.
وتعتقد شبرمان أن ملف الفقر والبطالة وانعدام المساواة من أكثر القضايا الحارقة بالمجتمع إسرائيلي، لكن تحت غطاء الوضع السياسي والأمني تم تهميشها وإهمالها وتحييدها عن السجال والنقاش لكيلا تكون قضية رأي عام.
ولفتت إلى أن الديون والفقر دفعت العائلة إلى التركيز على تدبير أمورها الشخصية وعزوفها عن المشاركة في أي حراك أو نشاط سياسي أو اجتماعي، على الرغم أنه ترسيخ عملية العولمة واقتصارها على الطبقات العليا وأصحاب رؤوس الأموال، والتي أتت على حساب غالبية الشرائح والطبقات المجتمعية التي تم تهميشها وعدم إشراكها بالتحولات والمتغيرات.
ويبدي حوالي 65% من المواطنين-بحسب الاستطلاع الذي أجرته دائرة الإحصاء المركزية- قلقهم حيال أمكانية عجزهم عن توفير الأموال لعائلاتهم وتخوفهم من عدم العيش الكريم والتعلق الاقتصادي بالآخرين بالمستقبل، كما ويتوقع نحو 20% منهم أن تزداد أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية سوءا ويخشون فقدان مكان العمل والانضمام لسوق البطالة ويستبعدون احتمال إيجاد عملا بديلا.
ارتهان وتحرر
من جانبه، عزا مدير جمعية إعمار للتنمية والتطوير الاقتصادي يوسف عواودة معدل الفقر المرتفع بالداخل الفلسطيني وغرق العائلات العربية بالديون للبنوك إلى الممارسات الحكومية التي صادرت الموارد الأساسية وحالت دون التطور والازدهار التجاري والصناعي للبلدات العربية، وهو نتاج سياسات علاج الفقر وإعادة توزيع المدخولات بإسرائيل، إذ تبلغ حصة الداخل الفلسطيني من الناتج القومي نحو 7% على الرغم أن نسبتهم من التعداد السكاني تتجاوز الـ 20%.
لكن عواودة أكد في حديثه للجزيرة نت أنه لا يمكن التعويل على الحلول المتعلقة بالحكومات الإسرائيلية التي عولت على انشغال المجتمع بأموره المعيشية وسلخه عن قضاياه ومنعه من المشاركة بالنضال أو تطوير حراكا شعبياـ إذ كانت بسياساتها مصدرا للمشكلة والواقع الاقتصادي الاجتماعي المتدني.
وبغية الخروج من دائرة الفقر والبطالة وتخطي الديون، يولي أهمية قصوى لضرورة الاعتماد على الحلول الذاتية للمجتمع الفلسطيني بالداخل للتحرر وعدم الارتهان للمصارف، وذلك بدعم وتشجيع المبادرات والمشاريع والحث على العمل وتذويت ثقافة الادخار وترشيد الاستهلاك وتقليص النفقات تجنبا للجوء للاقتراض وعدم الانسياق وراء اغراءات البنوك لتغطية العجز.
ربع السكان في البلاد يعيشون تحت خط الفقر
شف التقرير السنوي لمركز “تاوب للدراسات السياسة الاجتماعية في إسرائيل”، سلسلة من النتائج المقلقة على الوضع الاجتماعي والتنمية الاقتصادية في البلاد، بما في ذلك التراجع في مجالات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والتوظيف.
وبحسب نتائج التقرير، فإن المجتمع الاسرائيلي لا يزال يحتل مواقع متقدمة في نسبة الفقر والفجوات في الدخل الشهري مقارنة بباقي دول العالم المتطورة، وذلك بنسب أعلى بكثير من تلك النسب التي كانت قبل عقود.
وتبين أن نسبة الفقر في الوسط اليهودي والوسط العربي تزيد عن النصف، وهي نسبة تعتبر الأعلى منذ 20 عاماً, كما تبين أن نسبة الفقر تظل عالية مقارنة بباقي دول التنمية الاقتصادية، حيث أن ربع السكان في البلاد يعيشون تحت خط الفقر، بينهم 21% من الأطفال.
وأشار التقرير إلى أن ارتفاع نسبة الفقر تنعكس في التنازل عن الاحتياجات الأساسية، حيث أن 20% من السكان يعانون من العجز المالي عن شراء الغذاء، بينما يضطر ثلثهم إلى تقليل التدفئة أو التبريد في شققهم السكنية، وتنازل نحو السدس عن شراء الدواء أو تلقي العلاج الطبي، بينما تنازل 21% عن علاج الأسنان.
وفي مجال التعليم، يشير التقرير إلى تحسن في تحصيل الطلاب في المواضيع الأساسية، ولكنها لا تزال في أسفل التدريج مقارنة بباقي دول العالم المتطورة.
وفي مجال التعليم العالي، يشير التقرير إلى صورة وصفت بأنها “متفائلة” من جهة الارتفاع المتواصل في العقود الأخيرة في التوجه إلى التعليم العالي. وفي المقابل أدى إلى انخفاض في عدد أفراد الطواقم الأكاديمية في الجامعة نسبة لعدد السكان وعدد الطلاب. كما يشير التقرير إلى تراجع الجامعات مقابل الكليات الأكاديمية.
أما بالنسبة لسوق العمل، فقد بين التقرير أن البلاد لا تزال متخلفة بعدة عقود في مجال نجاح العمل مقارنة بباقي الدول المتطورة، حيث أن المسبب الرئيس لتأخير التطور هو البيروقراطية الحكومية التي تمس في الاستثمار بالثروة المادية والبشرية.