حياة القلوب والطمأنينه بتقوى الله عز وجل
تاريخ النشر: 17/07/12 | 8:13بقلم وسيم تيسير أحمد مصري – قسم الخدمات النفسيه التربويه ، عرعره
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم وتب علينا يا مولانا إنك أنت التواب الرحيم.
إن من طبع الإنسان الذي خلقه الله عليه هو حُب إستمرارية الحياة ، وتمني الصحة والعافيه والسلامه في المال والأهل والولد. وفي هذا العصر الذي كثرت فيه المتاعب والهموم نرى حاجه مُتزايده للسعي وراء الراحه النفسيه والطمأنينه. أود في هذا المقال عرض وصفه ناجحه بإذن الله تعالى والتي تضمن السلامه والسكينه في الدنيا والآخره. في جوهر الوصفه قول رسول الله عليه الصلاة والسلام في الحديث النبوي الشريف الصحيح ” مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت ” {الراوي أبو موسى الأشعري ، صحيح البخاري}.
فما هو ذكر الله؟ قد يتوارد للأذهان بأنه التسبيح والتهليل والحمد والإستغفار ، وذلك ذكر وخاصة إن صَدَّقه القلب وعَملت به الجوارح. ولكن ذكر الله يشمل معاني أوسع من ذلك بكثير. أولاً لنرى وَعْدَ وعطاء الله سبحانه وتعالى لعباده الذاكرين .. يقول الله تعالى في الآيتين الكريمتين من سورة البقره ” كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ﴿١٥١﴾ فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ﴿١٥٢﴾ ” .. إنتبه لقوله تعالى ” فاذكروني أذكركم ” ، إن ذَكَرْنا الله فسَوف يَذكُرُنا ، ومعنى أن يَذكُرنا الله هو أنه سَيَقِفُ لجانبنا و سَيُؤَيدُنا بروح منه وبملائكته وبعباده الصالحين ، وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى واصفاً عطاءه لمن يذكره ولمن يُحِبه ” إن الله قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره مساءته ” {الراوي أبو هريره ، صحيح البخاري}.
والمعنى أن ذِكرَ الله سَيَضْمَنُ لنا مَعِيّتهُ وتأييدَهُ وقربه منا. من جانب واحد فإن الصلاة المكتوبه هي رأس الذِكرِ وهي أول ما سَيُسألُ عنه العبد يوم القيامه ، ومن جانب آخر فإن كل طاعه لله عز وجل فهي ذِكْر وكل تجنب لمعصيه من معاصي الله فهو أيضاً ذِكْر. إن وَجَدَنا الله عند أوامره وإفتقَدَنا عند نواهيه فقد ذكرناه ، وإن ذكرناه فسوف يَذْكُرَنا. والحياة المقصود بها في الحديث النبوي الشريف المذكور أعلاه ” مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت ” هي حياة القلوب أي هي السعاده والطمأنينه والراحه النفسيه التي تستقر في قلب المؤمن الصادق. وهي كنز عظيم الذي قال به أحد العلماء (بما معناه) ” أن لو الملوك علموا بتلك السكينه التي بثها الله في قلوبنا لقاتلونا بالسيوف من أجلها” ، فهي كنز عظيم لا يناله إلا تقي صادق.
وهكذا يمكننا الشروع بالوصفه المضمونه لنيل سكينة القلوب، لنيل تلك الحياة والطمأنينة:
مثل الذي يصلي الصلوات الخمس والذي يتكاسل عنهن مثل الحي والميت
مثل الذي يصوم رمضان والذي يفطر مثل الحي والميت
مثل الذي يخرج زكاة ماله والذي يُمسك مثل الحي والميت
مثل الذي يحج بيت الله الحرام والذي يؤجل الحج مع مقدره مثل الحي والميت
مثل الذي يعلم يقيناً أن الله هو الرزاق والذي يظن أن رزقه بيد غيره من الناس مثل الحي والميت
مثل الذي يقرأ القرءان والذي يهجره مثل الحي والميت
مثل الذي يبر والديه والذي يعاملهما معاملة جافة مثل الحي والميت
مثل الذي يغض بصره عن محارم الله والذي يُطلقه مثل الحي والميت
مثل التي ترتدي الجلباب عند خروجها من المنزل والتي تتبرج لعامة الناس مثل الحي والميت
مثل الذي يتكلم فقط في الخير والذي يتكلم بكل ما هب ودب مثل الحي والميت
مثل الذي يستر عن عيوب الناس والذي يَشْرُعُ في تتبع عوراتهم مثل الحي والميت
مثل الذي يخشع في صلاته والذي يسرح في أمور الدنيا مثل الحي والميت
مثل الذي يعبد الله الحي الذي لا يموت والذي يعبد الشيكل مثل الحي والميت
مثل الذي يأكل الحلال والذي يأكل الحرام مثل الحي والميت
مثل الذي يتقي الله في أهله والذي يظلمهم مثل الحي والميت
مثل الذي يميط الأذى عن الطريق والذي يزعج الناس بجهاز الستيريو الموجود في سيارته مثل الحي والميت
مثل الذي يقول شهادة الحق والذي يكتمها مثل الحي والميت
مثل الذي يحترم الكبير والذي لا يحترمه مثل الحي والميت
مثل الذي يعطف على الصغير والذي يقسي عليه مثل الحي والميت
مثل الذي يعدل بين أولاده والذي يميز بينهم مثل الحي والميت
مثل الذي يتكلم بما يعلم والذي يتكلم ويجادل بما لا يعلم مثل الحي والميت
مثل الذي يريد الخير للناس والذي يتمنى زوال النعمة عنهم مثل الحي والميت
مثل الذي يسعى للإصلاح بين الناس والذي يقف مكتوف الأيدي مثل الحي والميت
مثل الذي يُعَلِّمُ حرفاً من كتاب الله والذي يكتم علماً مثل الحي والميت
مثل الذي يحفظ فرجه والذي لا يحفظه مثل الحي والميت
مثل الذي يرحم الناس والذي لا يرحم مثل الحي والميت
مثل الذي يحمد الله والذي يظن أن النعمة من شطارته مثل الحي والميت
مثل الذي يستغفر الله والذي يظن أن لا بعث بعد الموت مثل الحي والميت
مثل الذي يخشى الله والذي يظن أن الله لا يسمع ولا يرى مثل الحي والميت
مثل الذي يتجنب الظن والذي يسيئ الظن مثل الحي والميت
مثل الذي يتقي الله والذي يَتَجَسَسْ على أمور الناس مثل الحي والميت
مثل الذي يذكر الله في السراء والضراء والذي يذكره فقط عن الشدائد مثل الحي والميت
مثل الذي يصدق بكلامه وبعهده والذي يكذب مثل الحي والميت
مثل الذي يتحلى بالصبر والذي لا يصبر مثل الحي والميت
مثل الذي لا يغضب لنفسه والذي يغضب لنفسه مثل الحي والميت
مثل الذي يعرف أن الكبرياء كلها لله والذي يتكبر على خلق الله مثل الحي والميت
مثل الذي يعلم حقيقة هذه الحياة الدنيا والغافل عن ذلك مثل الحي والميت
مثل الذي يعبد الله والذي يتبع ويعبد هواه مثل الحي والميت
وأُذَكِّرُ ختاماً بقول الله تعالى في سورة الأنفال ” يا أيها الذين آمنوا استجيبوا للـه وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ۖ واعلموا أن اللـه يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون ﴿٢٤﴾ ”
فلا حياة للقلوب إلا بالخوف من الله تعالى ولا حياة إلا بإسلام وجوهنا وأيدينا وأبصارنا وكل جوارحنا لله رب العالمين. وطوبى لمن كان الله وليه ” يا أيتها النفس المطمئنة ﴿٢٧﴾ ارجعي إلى ربك راضية مرضية ﴿٢٨﴾ فادخلي في عبادي ﴿٢٩﴾ وادخلي جنتي ﴿٣٠﴾ “.
وإن أردت المساعده والتثبيت الحقيقي في مواجهة أمور الحياة الدنيا وإن أردت السعاده في الدارين فإعلم وتذكر قول الله تعالى في نهاية سورة النحل ” واصبر وما صبرك إلا باللـه ۚ ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ﴿١٢٧﴾ إن اللـه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ﴿١٢٨﴾ “.
والله إن تقوى الله عز وجل وطاعته بإمكانها تحويل هذه الدُنيا إلى جَنَّة ، وكيف لا وروح الله تعالى مع المتقين ومع الموقنين بأن الوقوف أمام الله حق. شَكَرَ الله حُسْنَ متابعتكم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين.
رائع. الحمد لله