في مدرسة الشكر الإلهي
تاريخ النشر: 30/11/14 | 16:05أحد أسماء الله الحسنى (الشّكور)، أي الكثير الشّكر، والشاكرون يتخلّقون بأخلاقه، فمع أنّنا نعرف أنّ الإنسان هو الذي يشكر الله لأنّه هو المتفضِّل المنّان، ولأنّه هو الذي يسبغ نعمه على عباده، إلّا أنّنا نزدادُ إيماناً وشكراً لله عندما نعرف أنّه يشكر سعي عبده المؤمن، وهو شكر لو تأمّلنا فيه دقيقاً لرأينا أننا لا نستحّقه، كيف؟
فالعمل الصالح (الإيجابي) الذي نقوم به – تحت أيّ صنف من الأعمال كان – هو من بعض عطاء الله تعالى لنا:
(العقل) الذي نُفكِّر فيه بالعمل.. (هبة الله)..
و(الإرادة) التي تتحرك فينا كوقود وطاقة.. (منحة الله)..
و(الأدوات) التي تُعبِّر عن هذه الإرادة، وتترجمها إلى أعمال (أعضاؤنا).. (عطايا الله)..
و(التوفيق) الذي يرافق حركتنا وعملنا.. (بركةُ الله)..
وإذاً:
فالعمل الصالح والنافع الذي نوفّق للقيام به هو في الحقيقة: (هبة) و(منحة) و(عطايا) و(بركات) من الله الغني الحميد، فلماذا الشكر منه تعالى على شيء هو منه وله؟!
الشكر منه بعض من رحمته بنا، فلأنّنا وضعنا ذلك كلّه في الطريق التي قال عنها أنّها التي يحبّها ويفضّلها لنا لأنّ فيها صلاحنا ومصلحتنا، فهو يشكر لنا ذلك، ألا ترى أنّ أباك يشكرك أحياناً على عمل هو الذي أرشدك إليه، وأعانك عليه، لتقديره أنّ فيه مصلحة؟! شكر أبيك هنا، شكرٌ على حسن استماعك له، وطاعتك له، وتقديرك لتوجيهاته ونصائحه، أي أنّك بار، وأذنك واعية لما يقول، وقلبك متفاعل مع ما يدعوك إليه.
شكر الله لعبده فضل إضافي منه على ما أنعم وتفضّل به أصلاً من منح وهبات وعطايا وبركات، تصوّر – مثلاً – إنّك إذا سجدتَ لله شكراً على نعمةٍ أو نجاح أو توفيق أو النجاة من بلاء.. فإنّه تعالى يخاطب ملائكته قائلاً: عبدي سجد لي شكراً، فماذا تروني صانعاً به، أو له؟
هنا يعدِّد الملائكة ما يعرفون من نعم الله الفضيلة بما في ذلك الجنّة، فيقول تعالى: له ذلك وفوق ذلك، شكرني عبدي فحقّ لي أن أشكره!!
ولك أن تتصوّر شكر الله، هذه الساحة المفتوحة من العطاء الجميل والجليل والجزيل! أليس في شكر الله لعبده – وهو المتفضِّل عليه – درسٌ لنا نحنّ الذين نحاولُ أن نتعلّم أبجديّة الشكر في المدرسة الإلهية؟!
تريد أن تكون عبداً شكوراً؟ تذكّر شكر الله لعبده!
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ولا تجعلنا من القانتين ، اللهم واغفر لنا ذنوبنا واعتق رقابنا ورقاب اباءنا وامهاتنا من النار ، امين