بركة بمؤتمر سديروت: هناك من يجني ثروات من الاحتلال والاستيطان
تاريخ النشر: 26/11/14 | 15:34أكد النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، في كلمة له، في افتتاح مؤتمر سديروت في النقب، على أن في إسرائيل من يجني ثروات ويُضخم ثرواته من الاحتلال والاستيطان، الذي يأتي على حساب الرفاه الاجتماعي ومستوى المعيشة، ومن يعتقد أنه قادر على اخضاع الشعب الفلسطيني ليتقبل ديمومة الاحتلال كقدر من السماء فهو خاطئ، لأن مواصلة هذا الطريق ستقود الى كارثة يدفع ثمنها الناس والشعوب.
وجاء هذا في كلمة النائب بركة في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر “سديروت” السنوي، الذي يعقد للسنة الت 12 على التوالي في كلية “سبير”، بحضور جمهور واسع من الطلاب، الذي في غالبهم قطعوا كلمة النائب بركة بالتصفيق الحار، مقابل عدد من مجموعة من اليمين المتشدد، التي كانت تقاطع الخطاب بتعابير معارضة، وكان وزير الاسكان المستوطن أوري أريئيل، قد ألقى هو ايضا خطابا في الجلسة الافتتاحية، كانت مليئة برسائل اليمين العنصري المتشدد، وقد تطرق لبعض منها النائب بركة من كلمته.
متى بدأ التاريخ
وكان عريف الجلسة، قد طرح على النائب بركة أسئلة، ومنها إذا كان بركة يقبل “بحقيقة” أن اليهود كانوا هنا قبل 3 آلاف سنة، وأنهم “طردوا قبل ألفي عام”، فافتتح بركة كلمته، يجيب على هذا السؤال بالذات قائلا، إن
المسألة التاريخية تبقى مفتوحة للمؤرخين، إن كانت 3 آلاف عام أو من قبل هناك 5 آلاف عام، فالتاريخ مثل باقي المواضيع، وهو قضية ليست محايدة، فكما أن العلم المتطور بالإمكان استخدامه للخراب وتدمير المجتمع الانساني، فكذا بالنسبة للتاريخ، وأنا شخصيا على قناعة بروايتي للتاريخ، ولكن أسعى ليس للصدام حول الرواية التاريخية، وإنما كيف نبني المستقبل.
وقال بركة، لقد سبقني هنا الوزير أريئيل، فكل ما يقوله ويشرحه، فقط من أجل يكرّس الوضع القائم، ويختلق تبريرات من منظوره، كيف يحافظ على ديمومة الصراع، فخروج إسرائيل من غزة، هو كالخروج من داخل القفص الى محاصرته، برا وبحرا وجوا، فهي ما تزال تسيطر على كميات القمح والطحين الذي يدخل الى القطاع، وكم منالسمك يحق للصيادين الغزيين أن يصطادونه، وتحدد كمية الاسمنت الذي يدخل الى قطاع غزة لبناء البيوت، وعمليا البيوت التي ستدمرها إسرائيل، وأمام كل هذا يقولون لك، ماذا يريدون منا، فها قد خرجنا من قطاع غزة؟، إنهم خرجوا من أزقة القفص، ولكنهم استمروا بالسيطرة عليه كليا، وما هو مطلوب هو عملية سياسية حقيقية تنهي الوضع القائم، فبنيامين نتنياهو “خاض” مفاوضات على مدى تسعة أشهر، بهدف ادارة المفاوضات وليس حلها، ولم يقدم أية اجابة على كيفية الخروج من الصراع.
وتابع بركة قائلا، إن من يتوهم أن باستطاعته اخضاع الشعب الفلسطيني، وأن يتقبل الاحتلال كقدر من السماء، فهذا وهم ولن يحصل، ومن يعتقد أنه يستطيع قصف بلدات الجنوب، وأنه هكذا سيكون الوضع الدائم، فهو أيضا يخطئ.
مبدأ المساواة
وقال بركة، إنه طرح على جدول الكنيست مشروع قانون “المساواة”، الذي استخلصه من مقال لقاضي المحكمة العليا الياهو ماتسا، قبل عدة أشهر، الذي أعرب فيه عن الحاجة لوجود قانون أساس في كتاب القوانين الإسرائيلي، قانون المساواة، لكل الشرائح ومن كافة النواحي، وليس فقط على أساس قومي، ورأيت أنه اقتراح جدير بأنه أطرحه، وطرحته لأتحدى به الحلبة السياسية، فأنا أعلم ما هو وجه الكنيست: وجه الكنيست هو كوجه المتحدث الذي سبقني (الوزير المستوطن أوري أريئيل)، ولهذا ليس لدي وهمٌ بأن هذا القانون سيُقر.
وتابع بركة، لقد استعنت في بلورة نص القانون بدساتير استراليا وكندا وجنوب أفريقيا بعد انتهاء نظام الأبرتهايد، فدساتير الدول بالمعدل العام، ترتكز أساسا على مبدأ الديمقراطية ومبدأ المساواة للجميع، وكما قلت فإن هذا القانون لن يمر، ولكن بهذا أكون قد عرضت أمام المجتمع الإسرائيلي صورة أوضح لحقيقة المؤسسة الحاكمة والحلبة السياسية.
وأضاف بركة، إن السؤال المطروح: هل إسرائيل ناضجة لتبني مبدأ المساواة للجميع؟ إذا كان الجواب ايجابيا، فإن الطريق أمامنا نحو مجتمع طبيعي، وإذا كان الجواب سلبيا، فلشديد الأسف، فإن طريقنا مفتوحة نحو كارثة، لأنه بالإمكان اقامة أنظمة حاكمة مبنية على عدم العدالة والطغيان، لعام أو عامين أو عشرة أو سبعين عاما، الى حين يأتي الوقت الذي تقع فيه الكارثة، ويدفع ثمنها الناس والشعوب.
السياسة والاقتصاد
وشدد بركة على أن حكومة بنيامين نتنياهو تستخدم الشعب الإسرائيلي كرهائن لديها، فهي تسد كل أفق سياسي نحو السلام، وتسرّع الاجراءات لسن المزيد من القوانين المخالفة لأسس الديمقراطية، ومنها ما ليس له أي مثيل في كل العالم، وتنتهج سياسة اقتصادية نيوليبرالية متطرفة، أسماها شمعون بيرس سياسة خنازيرية، تتعاظم فيها ثروات الأغنياء، ويُداس الفقراء في الوحل، فإسرائيل تخوض “منافسة شديد” مع دولتين، حول المكان الأول في الفجوات الاجتماعية الضخمة بين الأغنياء والفقراء، بين غناء فاحش وفقر مدقع، والدولتان هما اسبانيا والبرتغال.
وتكلم بركة عن مبادرات اقتصادية اجتماعية لمواجهة السياسة الاقتصادية، مثل رفع الحد الأدنى من الأجر الى 30 شيكلا، وخلال البحث قال أحد المعترضين، إن هذا الرفع سيخرب “الطريقة” (بقصد النهج الاقتصادي القائم)، فعن أي طريقة يتحدث، فمن المفترض أن الطريقة تتبلور لخدمة المجتمع، لا أن يعمل المجتمع خدمة “للطريقة”، ونحن نرى سلاطين المال الذين يحلبون هذه البقرة المسمّاة “طريقة”.
وقال بركة، إن الحكومة ليست معنية بتغيير هذه السياسة، بل مشغولة باستمرار الاحتلال والاستيطان، ولا ينتبه الكثيرون الى أن هناك من يربح من هذا الواقع، ويملأ جيوبه ويضخّم ثرواته من هذا، فكل حكومات إسرائيل تعرف أن الغالبية الساحقة من المستوطنات ستزول في اطار الحل النهائي، فإذا لماذا ترصد كل هذه الميزانيات الضخمة، وعلى حساب من؟، أليس على حساب الرفاق الاجتماعي ومستوى المعيشة، وعلى حساب المواطنين الذين يئنون تحت وطأة التمييز؟، والمواطنين العرب في النقب، هنا في هذه المنطقة، اذلين يواجهون في هذه المرحلة أشرس هجوم على أرض ووجودهم في قراهم وبيوتهم؟.
ما يعني انه في حين أن الحكومة تسد كل أفق للسلام، وتواصل سن قوانين عنصرية ومعارضة للديمقراطية، وتنتهج سياسة اقتصادية متطرفة، فهذا كله عمليا سمسرة بحياة الناس، وتجعل الناس وقودا لحروبها وسياستها، وعلى المجتمع أن يحدد موقفه من هذا الواقع، إن كان في اليمين أو في اليسار، إذ لا يمكن فصل القضايا الاجتماعية، عن القضايا السياسية، والعكس بالعكس.
وقد رد النائب بركة في نهاية كلمته على أسئلة عدد من الحضور، بتوجهات كلمته، موضحا بعض جوانبها.