الحصيرة…
تاريخ النشر: 22/01/11 | 4:57بقلم ابراهيم مالك – ( قصائد من وحي الأعمال الفنية الأخيرة للفنانة التشكيلية رانية عقل وموضوعها الحصيرة )
الحصيرة الوطن
أتأمل الحصيرة ، تلك التي نسجتها أصابع فنانة ، تعيش لحظات حلم ، محلقة بعيدا وبعيدا ، في مراحات نجوم قصية ، فترى ما لا يُرى !
أتأملها ، فأرى من وراء الحجب ، وَجْهَيْ أمي وأبي ، وقد أبْصَرا في عُرْيهما ” نجمة المجوس ” ، الموحِية بأكثرَ من وِلادة ، فراحا على الحصيرة يرقصان ، في ليلةٍ غـَرِدَة ٍ وَمـُقـْمـِرَة ، على إيقاع خبطات أقدام آلـِهـَة ٍ عـاشـِقـة !
إيه أيتها الحصيرة ، يا حافظة سـِر ِّ عائلتي المقدسة ، يا ملاذنا في الطفولة ، في ليالي الشتاء قارصة البرودة ، لحظة نروح في شغف ، نصغي لجدتنا عما كان ، لم يكن ولن يكون !
يا وطني !
كم يحزنني ما كنته وصرته ،كنت مدى ً ينفتح على مدى ، مفترشا ثرى أمي ، بين ماء وماء ، بين شطآن بحر وشعاب قمم وبين طلة فجر وحلكة عتمة ،
وقد راح الطالعون ، من رحم أسطورة ، يطوون ثراك كالحصيرة ، فباتت معلقة في طرف زاوية من حيطان ما كان غرفتي وبـت ُّ مـُضـيـَّع َ الجـُذور كتائهٍ في العراء .
ألله يا وطني !
كم يوجعني ما دُفـِعـْت َ إليه !
فصرت َسجنا أَصـْغـَر َ من قبضة يد ،
أضيق َ من فسحة أمل ٍ
وكنت َ رحب الحوش ، أشبه بمراحات ، تزينها كمشات ُ نجوم ، بيادر ُ قمح ٍ ،
كروم ُ عـِنـَب ٍ ، زيتون ٍ ، فاتن الخضرة ، أحراش ُ بـَلـّوط ٍ وَحـَواكـيـر َ تين !
ألله يا وطني ، كم تمنيت !
لو أنك تنتفض على ما فيك وحولك من رماد ٍ ، يؤذي البصيرة ،
تنتصر على ذاتك ،
وما دُفـِعـْت َ إليه ، فتفـُك َّ قيدك السحري ، وتعاود َ التحليق، طلق الجناح !
ألحَصيرَة ُالرَّبابَة
شُبـِّه َ لي ، في ساعة قيلولةٍ نهاريةٍ حالمة ، أنني رُحْتُ أفترشُ الترابَ ، في خيمة ٍ جليلية ، أصْغي للهمس ِالطالع ِ من رحم ِمهباج ٍعاشق ْ، وقد أدهشني ما رأيْتُ ، استحالت ِالحصيرةُ رَبابة ً، حواشيها مُلوَّنة ٌ، ذكـَّرتني بزنـّار فاطمة ، فراحت ْ أصابعي الراقِصة ُ فرحا ً، تُداعب ُ أوتارها ، لِترْوِيَ حِكايَةَ عِشقي :
ألله ُ ، يا وطني ، ما أجملَكً ، وإنْ سَرَقوك َمنّي !
ألحصيرة .. أنا
تأمَّلْتُ الحصيرة طويلا ، حتى كاد غبشٌ يحجبُ عن عَيْنيَّ النور ، فرأيتني أخرج من بين خيوطها الملونة كعينيْ فنانة ، مُتكئا ً على عَصايَ ، تلك التي سأهُشّ بها على ما تجمَّعَ حولِيَ من ذُباب ٍ، ولي فيها مآرب أخرى :
كأن أبعد عن جسدك الهش يا وطني ، ما قد يتولـَّدُ ، من عَقاربَ ، تطلع مني ومن ذواتي ، سُمـُّها بات في ليليَ الطويل ، قاتلا ً حقا ً!
الفنانة الرائعة العظيمة رانية عقل.. تستحق ان يكتب فيها وفي لوحاتها شعرا عظيما رائعا…
تعلمت على يدها عدة سنين.. وكان لها الاثر البالغ في نفسي.. وتركت بصمة في جوفي لا محاله.. بصمة لن تنسى ابدا…
احييك 🙂
الفن انشودة تبعث في الروح بهجة لذيذة المذاق…تمنحنا مشاعر وردية حلوة.
الحصيرة…تذكرنا الطفولة المتواضعة للعيش البسيط .كانت أيام جميلة رغم
القلة والحياة البدائية.
الحصيرة…تراث قديم عليها نام الاهل.وجلس الاجداد والاباء يتسامرون..
تحية محبة وتقدير للكاتب الاديب الشاعر ابراهيم مالك….والى الفنانة الكبيرة
بنت بلدنا السيدة الاخت رانية عقل.