كانَ الْقِرى لَحْمي
تاريخ النشر: 29/11/14 | 13:03لا تَسْقِني، أَنا لَنْ أَكونَ سِوى أَنا .. أَبَدَ الزَّمانِ مَعَ الْـمَكانِ كَما أَنا
فَلَقَدْ شَرِبْتُكِ في كُؤوسِ مَسَرَّتي .. وَأَبَيْتُ غَيْرَكِ خَمْرَنا وَخُمارَنا
أَنا ما شَرِبْتُ سِواكِ مُذْ سِرْنا إِلى .. قَتْلِ اسْتِعارَةِ آخَري لَـمَّا دَنا
وَنَثَرْتِ شَوْكَ الظَّنِّ فَوْقَ طَريقِنا .. وَأَعَرْتِ مَوْتى ماءَنا وَجِرارَنا
فَبَعَثْتِهِمْ مِنْ مَوْتِهِمْ وَقُبورِهِمْ .. سَحَقوا كِلَيْنا أَوْصَدوا آمالَنا
أَنا ما رَضيتُ بِما رَضيتِ لِأَنَّني .. ذاكَ الَّذي بَصُرَ الَّذي يُرْجى لَنا
قَدْ كانَ دَأْبي الْـمارِقينَ أَغُلُّهُمْ .. لكِنَّ دَأْبَكِ لِلْقَطيعِ أَجاءَنا
وَلَقَدْ يَغُرُّ الْغِرَّ عَزْفُ غُرورِهِ .. فَيَرى الثُّرَيَّا كَالثَّرى، وَيَرى لَنا
فَإِذا انْتَبَذْناهُ اسْتَحالَ كَحَنْظَلٍ .. وَإِذا انْتَبَذْناهُ اسْتَغاثَ فَوا لَنا
ما حيلَتي مَدٌّ وَآمادٌ دَنَتْ .. مِنِّي رُجومًا عالِـماتٍ ياسَنا
وَتَغَلْغَلَتْ فينا تُطالِعُ وَقْتَنا .. وَحُظوظَنا وَتَقولُ: خَيْرٌ جاءَنا
لا تَشْرَبيني الْآنَ، يَشْرَبُني اللَّظى .. بِشِفاهِ آخَرِهِ فَلا أُخْرى لَنا
إِلَّاكِ فَاحْتَرِسي انْثِيالَ مَدارِنا .. وَتَكَوَّري قَبْلَ انْطِفا مَنْ كانَنا
فَسَتَغْرُبينَ إِذا أَتَيْتُكِ آخَرًا .. وَسَتَدْخُلينَ دُجًى أَبى إِشْراقَنا
وَسَتُصْبِحينَ غَيابَةً أَبَتِ الضِّيا .. إِذْ وَسْوَسَتْ لَكِ لَيْلَةٌ ما ساءَنا
أَدْري الَّذي تُزْجي الْوَساوِسُ لِلَّذي .. ظَنَّ الْهُدى في ما يُقَوِّضُ آنَنا
أَصْغى لِوَسْوَسَةِ الْـمَجوسِ لِظَنِّهِ .. أَنَّ الْـمَجوسَ إِلى الْهُدى أَهْدى لَنا
كانَ الْقِرى لَحْمي وَطابَ مَذاقُهُ .. في فيهِ إِذْ قالوا إِلَيْكَ طَعامَنا
وَلَقَدْ تَمايَلَ نَشْوَةً بَعْدَ الْقِرى .. طَلَبَ الْـمَزيدَ فَزيدَ ما أَلْغى أَنا
طابَتْ هُنالِكَ نَفْسُهُ وَنُفوسُهُمْ .. كَأْسُ الْخَبالِ قِراعُها أَخْبى لَنا
وَلَكَمْ مَضَتْ مِنِّي النَّصائِحُ أَنَّما .. بَعْضُ الصَّديقِ مِنَ الْعِدا أَعْدى لَنا
وَلَكَمْ رَأَيْتُ النَّارَ تَزْحَفُ صَوْبَهُ .. أَبْعَدْتُهُ وَحَفِظْتُهُ، فَكَذا أَنا
وَلَكَمْ صَرَخْتُ حِذارَ يَسْرِقُ حُلْمَنا .. ضَوْءٌ بَدا مِنْ مُشْهِرينَ عَزاءَنا
لا تَقْبِسي نورَ الطَّريقِ وَنارَها .. مِمَّنْ أَضاءُوا مَوْتَنا وَفَناءَنا
لا نُورَ ثَمَّ وَلا ضِياءَ تَوَقَّفي .. ذاكَ السَّرابُ وَوَهْمُهُ أَوْهى لَنا
فَلَكَمْ ظَمِئْنا غِبَّ ماءِ سَمائِهِمْ .. وَلَكَمْ رَوانا غَيْثُنا الْأَجْدى لَنا
وَلَكَمْ مَشَيْنا وَالضَّمائِرُ غائِبٌ .. وَمُغَيَّبٌ، وَحُضورُنا أَنَّا أَنا
لا جَمْعَ جَزَّأَنا فَـ “نَحْنُ” عَلامَةٌ .. تُقْصي إِذا حَضَرَتْ بِنا أَجْزاءَنا
حَتَّى إِذا عَصَتِ الضَّمائِرُ سَتْرَها .. صُغْنا اسْتِتارَ حُضورِها إِمَّا عَنا
فَتَعودُ مُضْمَرَةً وَنَرْجِعُ ظاهِرًا .. لا نَحْوَ يَسْتُرُ، لَوْ أَرادَ، جَلاءَنا
وَقَصَمْتِ مِثْلَ الْـمَوْتِ عُمْرَ صَباحِنا .. عَمَّمْتِ إِفْسادًا دَعي أَسْماءَنا
وَخُذي الْبِذارَ وَتُرْبَةً فَسَدَتْ وَقَدْ .. زُرِعَتْ خُطاكِ، فَقَدْ زَرَعْتُ سَماءَنا
وَنَما ارْتِحالُكِ في أُصولِ نَباتِها .. وَأَنى الْحَصادُ وَقَوْلُنا كُنَّا لَنا
محمود مرعي