المدونــــة الـثـامنـة عشرة البديل من العبريــــة
تاريخ النشر: 22/07/12 | 7:03רֵאָיוֹן= رُؤان
مقابلات كثيرة نجريها من إذاعية أو صحفية، تلفزيونية، أو عند طلب العمل، أو القبول لأية مؤسسة، أو حتى بين اثنين لاستطلاع رأي، وفي كل مرة نحجم عن استعمال (قابـَل) وحدها، فنقول أجريت مقابلة، ونحجم عن اختيار لفظة خاصة لمن قابل، كأن نقول المقابِل، أو المحاوِر وأخرى لمن قوبل، كأن نقول المقابَل، أو المحاوَر، فيختار بعضنا ما هو أسرع له- قول מְרַאְיין , מְרוֹאיין, عندي רֵאָיון” רִאְיין אותי.
بعد تدبر وتفكر وجدت أن ترجمة المورد لـinterview لا تسعفني، فالمعجم يقول لنا: مقابلة فقط، وبالطبع فمعنى مقابلة قد يكون ترجمة פגישה – meeting وغيرها، وكذلك فإن الحوار لا يقوم بالمعنى تمامًا.
قلت: لا بد من لفظة جديدة، وأنا أعرف خطورة التجديد، وخاصة على المتحفظين الذين يريدون من جهة ألا نجري على اجتهاداتنا تقنيات عبرية، ومن جهة أخرى يريدون الحفاظ على ألفاظ عبرية في مخاطباتهم، فاخترت هنا أن أبقي لهم لفظًا قريبًًا من العبرية، متعلللاً بعربية الأصول قدر الإمكان.
الفعل رَأَن اخترته من رأى + ن.
رأى لأن الفعل- للمقابلة- هو في اللغات التي نعرفها مأخوذ من المشاهدة والرؤية.
زدت النون (جعلتها ساكنة)، وقد تزاد في العربية فصيحة ودارجة: غشمن، فلحن، عقلن، ملقن، بلغن، وحتى زعرن، فليس كفرًا أن نزيد النون لحل المشكل.
حذفت الياء من اللفظة الأولى لالتقاء الساكنين، فبقيت رَأَ.
فالذي قابل يكون قد رَأَن، والمقابلة الصحفية هي رُؤان، والذي يقابل هو الرائن، والذي قابلوه هو المرْؤون، وأنا سأرأن بعض اللغويين لاستطلاع آرائهم في رأن.
سأترك لمن قبِلها أن يستمر في اشتقاق الألفاظ، وسأشكره لأنه أزاح عني همًا لغويًا طالما أشغلني.
وسأعتذر لمن يرفض ابتكاري، قائلاً له: حاولت أن أختزل في اللغة تيسيرًا، فبدلاً من رأنوني في برنامج كذا، وكان الرائن ناجحًا، فلتقل -أخي المتحفظ- كما كنت تقول: أجروا معي مقابلة، والمقابِِل (أو من أجرى المقابلة) كان ناجحًا، وقد أجرِيت لي مقابلة مع ثلاثة آخرين. وهذا على الأقل نقبله، فقد اعتدناه- ومع ذلك فلا بأس به إذا أردنا أن نحافظ على لغتنا.
ولكني لا أقبل أن تعود حليمة لعادتها القديمة فيقول قائل: رئينوا أوتي، وكان عندي رئيون، قال لي المِرأيين!
هذا اقتراحي، ولا ألزم به أحدًا، وسأظل أبحث عن كل بديل من الدخيل بالعبرية، وإذا أمكنني أن أختار ما هو قريب من اللفظ العبري مما له أصول عربية فلن أتوانى، والسبب معروف.
סַפָּק = زَوّاد
סְפִירַת מְלַאי= جَـرْد المخْـزون
חַיָּב= مَـدين (مَدْيون)
سألني محب متابع لهذه المدونات، ويبدو أنه تاجر عن ترجمة أرتئيها لهذه التعابير التجارية، فأما סַפָּק فأفضل ترجمتها على صيغة المبالغة زَوّاد، وهي أفضل من اسم الفاعل (مُزَوِّد)، ذلك لأنها تأخذ صيغة أصحاب المهن من نجار وحداد وفلاح ورسام وسباك…ونضيف هنا المهنة المستجدة: زَوّاد. أختار الزواد وأفضلها على المُـمِدّ، المجهز، مع أنهما يتجاوزان معنى الطعام (الزاد)، فقد يكون الزاد كل ما نحتاجه، وذلك على سبيل الاستعارة،
وأختارها ثانيًا لأنه ليس لها منافس في معناها، فإذا قلت مُـزَوِّد فقد يسألك السامع: ماذا؟
ولكنك إن قلت زَوّاد فهم المتلقي طبيعة عمل هذا الشخص – هذا إذا قبلناها-.
وأختارها ثالثًا لأنها على وزان اللفظة العبرية، فأنا أنافس بلفظة عربية.
أما סְפִירַת מְלַאי، ونعني بها فحص البضاعة الموجودة في المخازن في تاريخ معين، وتسجيلها الدقيق، وعادة ما يقوم التجار بذلك في نهاية السنة المالية، فالترجمة الملائمة لها هي جَـرْد المخْـزون- stocktaking، وقد اختارها مجمع اللغة العربية في القاهرة، وشاع التعبير في العالم العربي منافسًا لـلفظ – (stock) اختصار التعبير الإنجليزي-، فذكر معجم الوسيط جرَد ما في المخزن: أحصى ما فيه من البضائع وقيمتها.
تبقى חַיָּב، وهي ترد في سياقات مختلفة، ولكن القصد في سؤال صاحبنا يتعلق بالدَّيْن، وأرى أن نقبل اسماء المفعول: مَـدِيـــن (وهي الأصوب لغويًا) ومُـدان ومديون وهما واردتان في المنجد، والثانية شائعة جدًا على الألسن. فأرجو مع حرية القول الصرفي ألا يكون عليك يا صديقي חוֹב כַּסְפִּי أقصد دين مالي!
مع ذلك قال صديقي: חִייבְתִי חשְבוֹנִי!
חִייבְתי חשבוני= دَيّـنْـت حسابي
זִיכִּיתי = أزْكـيْـتُ
הִפְקַדְתי= أودَعْــت
– بل قل: دَيّـنْـت حسابي، فالمصرف أقرضك، ودَيَّـنَ في معجم الوسيط معناها أقرض، أو اقترض، وهما بمعنى دان، التي لها المعنيان المختلفان.
من يجد بعض التحفظ أذكّره أن الوِزان فَعَّـل يدل على التكثير. وهو الدائن أو المُـدَيِّـن، وأنت المَديون أو المُـدَيَّــن، عسى أن يكون التَّـدْيــيـن لفترة عابرة.
أما إذا أودعت في حسابك فأنت أَزْكـَـيْـتَ = זיכּיתָ حسابك، فمعنى زَكَـا، أزْكى، زَكّــى هو نما وزاد، فأنا عندما أوْدِع = אַפְקִיד مبلغًا أجعله ينمو ويزيد، ومنها أخذ معنى التزكية والإزكاء والزكاة- طهارة للأموال، فهي تربو وتزيد. جدير بالذكر أن المورد جعل ترجمة ((credit = قيدنا لحسابك، ولا أظن أن الترجمة دقيقة، كما أنه تهرب من استخدام الفعل ديَّـن في معنى (debit)
ماذا فعلت:
اخترت ديَّـن بالذات لأنها على الألسن، ولا تتناقض أبدًا مع الاستدانة، بل هي شعبية فصيحة.
اخترت أَزْكــى لفظًا قريبًا من العبرية الشائعة جدًا، وعُـدت به إلى أصول عربيته، ولا أظن أنني قمت بما يعيب!
ثانيًا: اخترت لفظًا يذكّر بالزكاة وطهارة المال، لعله يربو وينمو ويزيد.
أرجو أن يظل حسابك في إِزْكــاء זִיכּוי، وألا تُديِّن حسابك من الآن فصاعدًا، فافحص حسابك الجاري עו”ש، وحافظ على مالك!
رسالة:
في مدونتك السابقة- السابعة عشرة أشفيت غليلي، لأنّك عالجت بعض المصطلحات التي نويت بالسؤال عنها، وهي من عالم السير والطرقات. فيعطيك كل الصحة وهدأة البال لتكمل مشروعًا هامًا وحيويًا للجميع الواقعين تحت سطوة الجهل وهيمنة المحتل!
مع محبتي – جواد
– شكرًا يا عمي جواد، ولكني أخذت أشعر أنني أقوم بعمل شبه مستحيل، وكأنني دونكيشوت لغوي؟؟؟؟!!!!
فبالأمس كنت في شركة المياه، وليتكم كنتم معي لتروا ولتسمعوا اللغة العِـرْبِــيّّـة، فالأمر ليس يسيرًا، بل هو خطير بمعنى الجدية والخطر.
فليت الصحافة، والمؤسسات، والمسؤولين يتبنون ما نقترحه! هي مسؤولية، أين نحن منها؟
– ولكن، كيف يقبلون ما أعرضه؟
ألم نتعود معارضة بعضنا بعضًا لا لسبب إلا لأنه منك أو مني؟؟!!
تحية للنحات اللغوي الماهر أبي السيد ، مع موافقتي لبعض من ورد من نحوت إلا أنني اعتقد ، وليسمح لي البروفيسور ، بأن بعض هذه النحوت ثقيل على القلب واللسان . حبذا لو عمد الاستاذ لعرض ما ينحت على بعض المختصين قبل ان ينشرها . ومع ذلك له فائق الشكر وعظيم التحية .
يا صديقي:
توافقني أن كل جديد لا نصفق له، بل يكون ثقيلاً على الكثيرين!
هذا يذكرني بمقطوعة لجورجي عطية يقول فيها:
أفٍ له فيه عيب وذاك أمر أكيــــد
قالوا له: أي عيب؟!
أجاب: لحن جديـــــد
قد توافقني أنني أقترح ما أقترح بعد دراسة وتمحيص واجتهاد، واستغراق في عشرات المصادر.
توافقني أنني لا ألزم أحدًا بأية لفظة، فأنا أقول وعلى الجديين أن يتأولوا.. فهذه طرقة على الباب، أحاول أن تكون خفيفة، وحتى لو كانت عالية فهي تقرع الأذهان، وتحفز المساءلة، ولن تزعج إلا الذي يستمر نائمًا.
توافقني أن المختصين أقلاء، وخاصة بيننا، وهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليد، ويمكن من كانت له ملاحظة أن يعلمنا مما علمه الله، فالباب مفتوح.
الباب مفتوح لك أولاً لك لتقول لنا : لماذا استثقلت ما استثقلت؟ وما هو الحل عندك؟
أرجو أن تنتبه لجملتي الأخيرة في الرد أعلاه على الصديق جواد، ورسالته المعجبة وهو محام من خيرة المتذوقين للعربية.
هذه الرسالة سأنشرها لأنها تجيب عن تساؤل يسأله بعض الأخوة، وسأنشر ردك إن كنت تود الإضافة.
تحيات!
الأخ الصفوري لم ينتبه إلى أن المدونة المواسية هنا رقم 18 ليس فيها نحت (نحوت؟؟!!)
النحت كان في مدونات سابقة واختارها لتكون مخرجا – أذكر تقليطان اختار لها الواسي وأذكر قال نوعيت اختار لها يسيكة وقد حفظتهما لجمال وقعهما وقد اختار نحتا آخر لا يحضرني الآن واختياره بسبب أنه ليس هناك من أي حل
إذا اعتبرت رأى + ن نحتا فأنت مخطئ فهذه النون زائدة كما يقول وتجوز زيادتها في اللغة
أرجو ألا نتعجل فليس هنا أي نحت في هذه المدونة
الكثيرون ينظرون ويقرأون فيجب أن ندقق
شكرا للأستاذ الدكتور على العطاء والمسئولية
شكرا لمن يعمل
فمن اجتهد وأصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر واحد
وأنت أخي الصفوري لك أجرواحد
أخي العزيز عماد فاروق
بعد التحية
أرجو أن لا تؤاخذني إن كنت قد أخطأت باستعمال المصطلحات ، ولكن أرجو أن تتكرم بالقاعدة التي تتحدث عن عدم جواز النحت من الأحرف المزيدة ولك وافر الشكر وكل الأجر وحبذا لو أجاب الاستاذ الدكتور عن ذلك
سأفرد لموضوع النحت المدونة الرابعة والعشرين، المعنى؟ ما هو؟ ومتى يجوز.
والسبب لكثرة تناول الموضوع تأييدًا ورفضًا.
قبل أن أدرس الموضوع وأغوص فيه أود أن أؤكد أن كتابة عماد ومنطقه أعجباني، وهو عماد وسند لي حقًا، ويسرني التعرف إليه، فنحن نبحث عن أمثاله بكل تلهف.
زيادة الحرف لا تعتبر نحتًا وقد زيدت الميم في بعض الكلمات: زرقم = شديد الزرقة، والنون مثل رعشن= شديد الارتعاش، والواو في كوثر= شديد الكثرة، إلخ، ولهذا مبحث خاص في أسباب الزيادة، ومتى تكون.
شكرًا على الاهتمام، ولكم المحبة والاحترام!