"وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون"
تاريخ النشر: 23/07/12 | 16:19بقلم وسيم تيسير أحمد مصري، قسم الخدمات النفسيه التربويه، عرعره
وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم وتب علينا يا مولانا إنك أنت التواب الرحيم.
لقد إستوقفتني الآيه الكريمه من سورة آل عمران التي يقول الله عز وجل بها “وأطيعوا اللـه والرسول لعلكم ترحمون ﴿١٣٢﴾”. ونقطة البدايه هي مع الرحمه: فالله سبحان وتعالى يقطع عهداً بإنزال رحمته لطاعته عز وجل ولطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام.
لنقف بعض الوقفات مع صفة الرحمه .. فأول إسميين لله تعالى في كتابه العزيز بعد إسمه الأعظم “الله” هما الرحمن والرحيم (وذلك في سورة الفاتحه) وهما الإسمان اللذان يتكرران في كل بسملة في القرءان الكريم. والرحمه لها أمر عظيم في تيسير أمور الحياة على وجه الأرض وكذلك في علاقة الأفراد بعضهم ببعض. فمن رحمة الله تبارك وتعالى أنه يُنَّزل الماء من السماء ليحيي به الأرض بعد موتها وبذلك تنموا النباتات والأشجار وتتوفر المواد الغذائيه للكائنات الحيه. والماء ماده أساسيه لكي تتمكن الحياة. ومن رحمة الله عز وجل تنويع الخضار والثمار وتنويع ألوانها وأشكالها وأطعمتها ، ولولا ذلك لمللنا الطعام المتشابه. ومن رحمته خلق اليل والنهار، فالنهار للعمل والليل للراحه. ومن رحمته فصول السنه المختلفه. ومن رحمته خلق الذكر والأنثى وجعل المودة والرحمه بينهما وإتمام الحياة بالسكينه والطمأنينه المتوفره في الزواج. ومن رحمته كذلك إنزال الوحي وتعليمنا سبل الحياة والتصرف وإرشادنا لطرق التقرب إليه عز وجل وكيفية الوصول إلى جنات النعيم.
تظهر الرحمه في العديد من الآيات الكريمه والأحاديث الشريفه ، منها:
فعن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال ” الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء ” {الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: أبو داود}
وعنه أيضاً بالنسبة لصلة الرحم “إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ من خلقه، قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك ؟ قالت: بلى يا رب، قال: فهو لك . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاقرؤوا إن شئتم : { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم } {الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري}
وكذلك ذُكِرَت الرحمة في الآية الكريمه التي سأركز عليها هنا “وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ﴿١٣٢﴾” {سورة آل عمران}
ويتوسع معنى رحمة الله لعباده بتأييده وتثبيته لهم. فمن رحمته أن يُيَسر لهم أمور حياتهم وأن يحميهم من المصائب والهموم والغضب. ومن رحمته أنه يدافع عنهم عند الظلم وعند الشده. ومن رحمته تيسير رزقهم وإمدادهم بالمساكن الطيبه والأولاد والعلاقات الأسريه المترابطه. ومن رحمته تعليمهم ما يفيدهم بدنياهم وآخرتهم. ومن رحمته كذلك المد في أَعمارهم وإعطاءهم الفرص المتواصله للتقرب إليه وإستغفاره ولتَحسين عبادتهم له. فمن رحمته مثلاً أنه أحيانا لنَبلغ شهر رمضان المبارك وكذلك أنه علمنا القراءة والكتابه لتيسير التواصل بين الناس وكذلك لإتاحة المجال لقراءة كتابه العزيز.
والرحمه الكبرى لربما هي القرءان الكريم ، حيث يقول الله تعالى “ وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ۙ ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ﴿٨٢﴾” {سورة الإسراء} ، وكما يظهر لنا في الآيه الكريمه من سورة آل عمران فالرحمه المتيسره عبر القرءان الكريم ورحمة الله عز وجل لعباده مشروطه بطاعة الله عز وجل وإتباع الوحي وسنة النبي عليه الصلاة والسلام.
فمن سبل طاعة الله عز وجل ونيل رحمته: الإستعانه بالله عز وجل دوماً والإيمان المطلق أن الله سبحانه وتعالى هو الملك وهو المُتصرف بكل شيئ ، فعنده خزائن العلم والرزق والصحه ولديه مفاتيح السكينه والطمأنينيه. فإن كنت تسأل الله عز وجل الزوجه الصالحه أو إن كنتي تسألين الله عز وجل الزوج الصالح فإعلم وإعلمي أن الوهاب هو الله. وإن كنت تريد التثبيت في دراستك وفي إمتحانك القادم فإعلم أن المُيسر هو الله. فالطريق الأولى هي التوكل على الله عز وجل وفي ذلك راحة عظيمه.
طريق أخرى هي العمل بطاعة الله وتجنب معصيته. فعندما تفتح قلبك للقرءان وتوفر الوقت لقراءته وتدبر آياته فإعلم يقيناً بأن الله عز وجل سيُنزِلُ السكينة والطمأنينة على فُؤادك ، فعند قراءتك للقرءان فإنك سَتَحظى بإمداد روحي عظيم عَلِمَه من علمه وجهله من جهله. فإنت في الواقع بقراءتك للقرءان تكون بإتصال مع روح الله عز وجل. والأمر يطابق الصلاة الخاشعه.
وطاعة أخرى هي صلة الرحم مع ما تتضمنه من سكينة وتوفيق في العلاقات وفي الرزق. كذلك تُنال رحمة الله تعالى عند الصدق بالحديث وتجنب الكذب ، فكلّنا يعلم الراحه النفسيه التي تكمُن في الصدق. إضافة إلى ذلك تُنال رحمة الله تعالى بالعمل على الزواج وإشباع رغبة الإتصال والتودد من خلال القناة الشرعيه المباحه وهي الزواج. والسكينه لن تنال عبر العلاقات الغير مشروعه ولن ترتاح النفس عبر إطلاق البصر والنظر إلى ما حرم الله تعالى. ففي إطلاق البصر إِثاره جارحه وحَسْرَة في القلب تَتْرُك العاصي مع التفكير والهم ، والحل السليم هو إشباع كل هذه الدوافع عبر الزواج. فتيسير الزواج رحمه وعلى الناس تيسير هذا الأمر بينهم البعض.
والرزق الحلال هو أيضاً سبيل لنيل رحمة الله عز وجل. والإمر بالمعروف كذلك والنهي عن المنكر.
ومن الأسباب المانعه لرحمة الله عز وجل: ترك الصلاه ، قلة ذكر الله عز وجل، النميمه والغيبه ، السرقه ، التحدث بأمور ليس لنا علم بها ، التكبر على الخلق ، التفاخر ، عدم السعي للإصلاح بين الناس ، تمني زوال النعمه عنهم ، عدم تعليم الناس ما يفيدهم ، اللجوء للسحره والإبتعاد عن الله عز وجل ، الغضب للنفس ، الكفر بنعم الله عز وجل وعدم الرضى ، البخل ، الطمع ، إتباع الأهواء والإعراض بشكل عام عن الله عز وجل.
فالوصفه السريعه لنيل رحمة الله عز وجل هي طاعته والإقبال عليه وتطهير القلب من كل الشوائب والمعاصي. فمَنْ سَلِمَ قلبُهُ سَلِمَت كل جواره. قال عليه الصلاة والسلام ” ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد ، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب ” { الراوي: – المحدث: ابن تيمية – المصدر: مجموع الفتاوى} ، فهيا بنا نُباشر بتصليح ما في قلوبنا وهيا بنا نتسابق لنيل رحمة الله عز وجل ، فهي كنز عظيم وسعادة في الدنيا والآخره. شَكَرَ الله لكم حُسْنَ متابعتكم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين.
شكرا لك اخي وسيم على المامك بالموضوع من جميع جوانبه..وبارك الله فيك رمضان كريم ..وكل عام وانتم بخير
كتابه متميزه وموفقه في هذا الشهر الكريم بارك الله فيك وكثر من امثالك والى الامام.
بارك الله فيك وجزاك الله كل خير … الله يكثر من امثالك
ما شاء الله