رمضان بعيون طفلة ….

تاريخ النشر: 24/07/12 | 16:00

وقعت هيبته في قلبي وظلت راسخة بذهني منذ نعومة أظافري حين رأيتُ الناس أجمعين يستقبلونه بحفاوةٍ كبيرة، ويجتمعون في المساجد كلما لاح هلاله ,يا الهي كدت أطير فرحا بشرا بقدومه ,حين كنت أسمع صوت الامام يعلن عن قدوم رمضان كنت أشدو أشدى الالحان وأتراقص على صدى رنين صوت المعالق تضرب بالطناجر مجسدة المسحراتي كما كانت تقول أمي.

ليلة رمضان كنت أذهب برفقة أبي وأخي الصغير لنشتري فوانيس رمضان من سوق القرية ,وحين نعود الى أدراجنا نجوب بها أنحاء المنزل بكل زواياه مرددين:”وحوحي يا وحوي ايوحا,رمضان جانا وفرحناله”,حين أتذكر طقوس استقبال واحياء شهر رمضان المبارك ترتسم على شفتاي الوردية ابتسامة خفية كم أتمنى أن أرجع الى الوراء عشر سنوات لا أكثر لاتلذذ من عبق أجواء رمضان بعيون الاطفال أكثر وأكثر.

أما في اول ايام رمضان نستيقظ على الصوت الحنون لامي تقول لنا:”صباح الخير يلا قوموا تسحرو”,لا أبالغ ان قلت بأن سحور زمان أطيب طعما من سحور اليوم .بالماضي لم يكن أحد صحون المائدة الايفون متجسدا بالفيسبوك أما اليوم فكل منا يأكل كما يحلو له ولم يعد السحور يتحلى بقداسة أيام زمان .كما تقول جدتي:ساق الله على أيام زمان”.أما عن أداء فرض الصلاة فكان بجماعة مع امي كم أنت فاضلة يا أمي أنت من علمنا الصلاة وعبادة المولى وسأدعو لك بكل صلاة :”ربي اغفر لي ولوالدي كما ربياني صغيرا”.

كم كنت أتوق لشرب كاس ماء بارد وقت الصيام وأقول لامي:”الا يمكن أن أشرب مرة واحدة وأكمل صيام,فتضحك قائلة صومي صومة العصفورة يا بنيتي”,ما أجمل الطفولة وتفكيرها كنت أراوغ أمي وأبلع القليل من الماء وقت المضمضة خلال الوضوء وأنا اليوم أبتسم مشتاقة لحلى الطفولة ,لطالما كنت طفلة مشاكسة وحين أذكر وقت كنت أمسك قطعة اللحم بيدي وأردد:”أذن يا سيدي واللحمة بايدي”ويقولا لي والدي:”حنونة يلا امسكي بيد أخوك محمد واخرجا لتستمعا الى صوت اذان المغرب وما ان تسمعانه حتى تدخلا مرة ثانية لتخبرانا بأنه حان الان موعد الافطار”.كم تروق لي هذه الثقة التي غمرانا بها والدينا ولكن كنا نركض ذهابا وايابا مرددين أذن..أذن ووالدي مبتسمان كفاكما لهوا يا اولاد ويمسك بيدينا ابي ونخرج برفقته الى الخارج حتى يرفع صوت اذان المغرب والمدفع وندخل معه مرة اخرى لتناول طعام الافطار وامي بيدها الناعمة ورقة احساسها اللطيف تضع اللقمة بفمي كنت ابنتها المدللة ,كم أتوق اشتياقا لتقبيل تلك اليدين لاني مهما عملت فلن أفيها أي من حقوقها.

وحين ننتهي من تناول وجبة الافطار ننهض جميعا لجمع الصحون والمواعين وتنظيفها وكنت أقف على كرسي صغير لاصل الى حافة المغسلة وأقم بواجبي بمساعدة الكبار.

وسهرتنا برمضان ما بتحلى الا مع حكايات جدتي وقهوة أمي,واحياء قيام الليل بتلاوات امي وابي للكتاب الحكيم القران الكريم …كانا يجمعاننا على طاعة الرحمن. ومن ثم كنت أجلس أنا وأخي الصغير لنصنع الفوانيس من الورق المقوى ونزينها بأحلى الاشكال ونبرزها بالالوان والايات والاحاديث الكريمة…كم أعشق تلك الايام حين كنا نصنع شتى الاشكال الورقية من مقالم وحصالات للتبرع الى الفقراء..

‫8 تعليقات

  1. عنجد طفولة حلوة كتير وذكرتيني بأيام كنت صغيرة وكانت طفولتي جميلة جداً اليوم عم اعمل جاهدة لحتى وفر جو رمضان لبنتي عنجد يعطيكي العافية وانا استمتعت بقرأتها موفقة حنين

  2. أشكر لك متابعتك العذبة عزيزتي ميرا , ونسأل المولى أن تملئ ابنتك عليكم البيت بضحكاتها الجميلة … وكل عام وأنتم بألف خير…مودتي لك

  3. يعطيك الف عافيه , جميل جدا والى الامام كل عام وانتم بخير ورمضان كريم

  4. أشكرك على مرورك الجميل…تحياتي لك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة