احفظ تُحفظ

تاريخ النشر: 05/12/14 | 13:33

فاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (قالها يعقوب عليه السلام لما أُخذ منه ابنه يوسف، وبعد أربعين سنة رده الذي هو خير حافظاً وهو أرحم الراحمين
قَال ابن عباس: كنتُ خَلفَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَومًا فقالَ: يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَك..” رواه الترمذي، وأحمد، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7957)

“احْفَظ اللَّهَ” أمر يستدعي التفكير. كيف – وأنا العبد الفقير الضعيف – أحفظ الله رب العالمين؟
يتمثل الحفظ في حفظ حدود الله وحقوقه وأوامره ونواهيه، ومعنى ذلك هو الوقوف عند أوامره بالامتثال والتنفيذ، وعند نواهيه بالترك والاجتناب، وعند حدوده فلا يتجاوز ما أمر به إلى ما نهى عنه وحذّر منه، فمن فعل ذلك فهو من الحافظين لحدود الله،قال تعالى:” هذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ؛ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ” فالحفيظ هو الحافظ لأوامر الله، كالصلاة التي أمر الله بالمحافظة عليها فقال “حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى” ومدح المحافظين عليها بقوله:” وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ”. وقال صلى الله عليه وسلم: “فليحفظ الرأس وما وعى وليحفظ البطن وما حوى” وحفظ الرأس يدخل فيه حفظ السمع والبصر واللسان، قال تعالى:”إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً “، وحفظ البطن يتضمن حفظ القلب عن الإصرار على ما حرم الله، ويتضمن إدخال الحرام إليها من المآكل والمشارب. ومن أعظم ما يجب حفظه من نواهي الله عز وجل اللسان والفرج، عن عائشة رضي الله عنها أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:” من حفظ ما بين لحييه (اللسان)وما بين رجليه (الفرج)دخل الجنة” صحيح الجامع برقم (140).

روي أنّ الإمام الطبري رحمه الله كان في رحلة على متن سفينة، فلما وصلت الشاطئ قفز منها قفزة أثارت عجب الحاضرين. فقالوا له:كيف استطعت ان تفعل ذلك وقد تجاوزت المائة ؟ فقال: هي جوارحنا حفظناها في الصغر فحفظَتنا في الكبر.

وقد يحفظ اللهُ العبدَ بصلاحه بعدَ موته في ذريَّته كما قيل في قوله تعالى: ” وكان أَبُوْهُمُا صَالِحاً ” أنَّهما حُفِظا بصلاح أبيهما. وقال سعيد بن المسيب لابنه: لأزيدنَّ في صلاتي مِنْ أجلِك، رجاءَ أنْ أُحْفَظَ فيكَ، ثم تلا “وَكَانَ أَبُوْهُمُا صَالِحًا ” وقال ابن المنكدرِ: إنَّ الله ليحفظُ بالرجل الصالح ولدَه وولدَ ولده
ويُحفظُ العبد في دينه وإيمانه، فيحفظه في حياته من الشبهات المضِلَّة، ومن الشهوات المحرَّمة، ويحفظ عليه دينَه عندَ موته، فيتوفَّاه على الإيمان.. فاحذر أن يضيعك الله في دينك وفي شيخوختك.

راقِب الله، واعلم ان الله في كل وقت مطلع عليك ومراقبك أينما كنت. وانتفع بما اعطاك، قال بعض السلف رضي الله تعالى عنهم: (مساكين أهل الدنيا، خرجوا منها ولم يذوقوا ألذ ما فيها، قيل: وما ألذ ما فيها؟ قال: ذكر الله عز وجل ومعرفة الله. ومن لا يعرف الله فكيف يكون في حفظه! ألا فلنتق الله.

1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة