المدونــــة الحاديـــة والعشرون "البديل من العبريــــة"
تاريخ النشر: 03/08/12 | 1:13צִיּוּד= مُـعَـدّات
צִיּוּד تطلق بالعبرية على ما تراه ماديًا من أدوات وتجهيزات، ونحن نقول بالعربية: مُـعَـدّات،
وإن أردنا أن نستخدم الكلمة العبرية مصدرًا، وكأننا نقوم بفعل فهي تَزْويـــد أي المـدّ بمُعَـدات.
צֵידָנִית= مـزادَة
سألتني حفيدتي وقد لاحظت انهماكي في تقديم الألفاظ العربية بدلاً من الألفاظ العبرية المهيمنة في جملنا: اليوم سنقوم برحلة، وسنأخذ معنا الـ צֵידָנִית- ( وتقصد هذا الصندوق لحفظ الطعام ناضرًا ومحافظًا على حرارته)، فماذا نسميه بلغتنا؟
ترددت قبل أن أجيبها، ثم قمت أنا برحلة لغوية:
في الدول العربية يسمونه بالإنجليزية:cooler ، (برّاد) أو picnic box، (صندوق النزهة)، ولكنا في بلادنا نردد لفظ צֵידָנִית، ولم أجد وأنا أستعرض ألفاظ الزاد ومشتقاته عبر تاريخنا اللغوي- لفظًا يدل تمامًا على وصفها وما تحويه.
لم أجد أوفى من لفظ مّزادة بديلاً من اللفظة العبرية، ولولا خشيتي من أن أثقل عليكم لعرضت أمامكم شعرًا للبيد بن ربيعة وللحسن الأخفش وللمعري ولغيرهم، يستخدمون فيها لفظة المزادة، ولكن لا تتوقعوا أنها تمامًا צֵידָנִית، فهذه اللفظة جديدة – شكلاً ومضمونًا كما تعرفون- اكتسبت دلالات حديثة لم ينعم بها آباؤنا؟
قلت بعد تدبُّـر: مَـزادَة.
هذه اللفظة تحوي الماء خاصة، وقد اخترتها رغم ذلك من بين ما ألفاظ ذكرها معجم سغيب في ترجمة צֵידָנִית،
اخترتها أولاً وقبلاً لعدم اشتراكها اليوم في أي معنى آخر، فإذا قال أحدنا اليوم “اشتريت مزادة”، فإننا سندرك – إذا قبلنا التحديد والتجديد- أن المقصود هو صندوق الطعام والشراب الذي يحافظ على درجة الحرارة،
فهل ستعتمدونها؟ أم أنكم ستظلون على لفظ (تسيـدانيــت)؟
إذا استثقلتم المَزادة (بسبب عدم التعود) فلا بأس مؤقتًا من قولنا- “صندوق الرحلة”.
القرار لكم!
أما צֵידָה – -هذه اللفظة العبرية التي يستخدمها القليل منا، وليست سائدة في جميع المناطق- ،فهي التي نحضّرها لنا، وخاصة لأطفالنا، وفيها طعام لنا أو لهم في أثناء الغياب عن المنزل، فهي بالعربية كما نلفظها في حياتنا اليومية زوّادة، واللفظة ملائمة وقريبة المؤدّى ومنطقية، وتلاحظون أنني تركت شكل الزاي، لأنها تلفظ بلهجات مختلفة. (لم يرد ذكر اللفظة في المعاجم بهذا المعنى).
في هذا السياق اسمحوا لي أن أذكر مطلع قصيدة لي عن القدس، وقد استخدمت اللفظة:
زوادتـــي في رحلتـــي مشاعري مزجتًها ببهـــجة المنــــاظر
والآن، يا حفيدتي، ونحن في الرحلة، هل تسمحين أن نفتح المزادة، فقد سمعت أنك أحضرت ما أحب من الحَـلْـَويـَات!
وغدًا عندما تذهبين إلى المدرسة لا تنسي أن تأخذي زوادتك معك! صحتين!
עוּגָה= كعكة
עוּגִיָה= كُـعَـيْـكَـة
نعم، فقد أحضرت עוגה ؟
– المشكلة أن بعضنا خصص الكعك للصناعة المحلية فقط، وذلك من الكعك الذي أعدته لنا وتعده أمهاتنا في المناسبات، ولكنا عندما نريد أن نحتفل بعيد ميلاد أحدنا نستعمل غالبًا (עוגה)، بل أسمع بعضهم يقول (عوجاي)، ولن تطيب إلا مع (الشتـيـيا= שְׁתִיָה)، وأنا أسأل: لماذا؟
ففي العربية نقول: كعكة مع المشروب، أم أن الكعكة تكون – يا رعاك الله- أدنى مستوى؟ ويكون المشروب أقل جودة؟!
إذن لنبق على لفظ الكعكة لجميع أصنافها، ويجب ألا نميز بين كعك وكعك، فهذه كعكة بجوز، وهذه كعكة تفاح، وسنحضر لمن يحتفل بزواجه كعكة كبيرة، ومشروبًا، ونبارك له ولعروسه!
أما القطع الصغيرة من الكعك- ما اصطلحوا عليه بالعبرية עוּגִיָה فهو تصغير، فلنقل بالعربية
الفصيحة كُـعَـيْـكَة، وفي لغتنا الدارجة لا بأس من كعك صغير.
הוֹרָאָה קְבועָה= تحويل دائم
سؤال:
كنت معك في المصرِف (أو البنك)، ورأيتك تخاطب أصدقاءك، وأنت تحرص على استخدام ألفاظ عربية بدل الألفاظ العبرية وسط دهشة الزبائن، فتعجبت، وأنت تحتمل أحيانًا سخرية من هذا، أو بسمة غريبة من ذاك، لكني مع ترددي في قبول ما تقترحه أسألك بعد أن طالعت مدونتك السابقة عن الأمور المصرفية:
ماذا نسمي הוֹרָאָה קְבועָה بالعربية؟
وماذا يسمونها في العالم العربي؟
– إنها في دول الخليج طلب مستديم، وكأنهم يختارون ما هو قريب من المصطلح بالإنجليزية-standing order.
– هل نعتمد هذه الترجمة- طلب مستديم ؟
– أرى أن نسمي هذا الأمر بالدفع بما يلائم واقعنا اللغوي هنا، واقتراحي هو= تحويل دائم.
ذلك لأن لفظ “طلب” فيه حيادية، وليس فيه التزام، ثم إنني أبتعد عن ألألفاظ التي لها دلالات أخرى، فلو اخترت مثلاً: أمر لكانت هذه اللفظة مقابلاً لـ פקודה, צווי, צו,….،بالإضافة إلى معنى الإجبار في الموضوع، وهو غير مقصود.
– إذن ماذا تقترح؟
– لأننا نحول من حساب إلى حساب فالأجدر أن يكون اللفظ تحويل، وهكذا تفضّل شركة الكهرباء وشركة الهاتف وغيرها أن يكون هناك تحويـــل دائم، حتى يضمنوا وصول المبلغ من حسابي أو حسابك.
لا ننس أن تحويل هي העברה، ولا أظن أن المعنى نخطئه هنا، فالتحويل يتم بسبب التزامنا أن ندفع كل شهر أو كل فترة معينة، ولذا نحول للحساب الآخر المبلغ المطلوب.
שיק (צֵ’ק, שֵׁק)= Cheque= شـيـك
لا أرى غضاضة في قبول اللفظة شِيك، وجمعها شِيكات لشيوعها في لغات العالم، واللغة العبرية أخذتها من الإنجليزية، ولم تقاومها لفظة המחאה مثلاً التي أقرها مجمع اللغة العبرية.
شِيك في تقديري هي في الأصل صَـكّ، وهي بمعنى وثيقة بمال ونحوه، وقد أقرها مجمع اللغة العربية في القاهرة بدلاً من شِيك، ولكن ندر من يستعملها، فالكل يبحث عن الشيكات، لا الصكوك!!
على فكرة، هي لفظة فارسية نقلها العرب بمعنى كتاب، وكذلك كتاب الإقرار بالمال وجمعها صكوك، وصِكاك وأصُـكّ. وقرأت في كتاب غرائب اللغة العربية للأب رفائيل اليسوعي ص 237 أن الصك هو كتاب الاعتراف بدين أو غيره، وعلى الأرجح فهي من ـ ـاك tchak الفارسية- بمعنى- جملة مكتوبة.
نقول دفتر الشيكات بدلاً من פִּנְקַס השֵיקִים.
سأكتب لك شيكًا لأمرك (לִפְקודַתְךָ)، فأودِعْـه!
وإذا صرفته ……(أترك لك التتمة).
– ولكن، هل أدفع עֲמָלָה؟
– تقصد عُـمولــَـة، والجواب: نعم!
ولفظة العُمولة أقرّها مجمع اللغة العربية في القاهرة، وقد أوردها معجم الوسيط، وتعني الأجر الذي يأخذه السمسار أو المصرِف لقاء معاملة ما، ولا أظن اللفظة العبرية إلا منها وبشهادة معجم ابن شوشان الذي يؤكد أنها من (العمالة).
احييك استاذي الفاضل ب. فاروق مواسي بتحية رمضانية مباركة شاكرا لك مجهودك المتواصل في تقديم الأفضل من أجل لغتنا . فانا اتابع مدوناتك عن كثب فهي تملا القلب براحة النفس والطمأنينة لوجود أمثالك الذين يصونون ويحفظون هذه اللغة الغالية على قلوبنا جميعا . أود استاذي العزيز ان استفسر حول المعنى الأدق لكلمة רפורמה (والتي تعتبر كلمة عبرية حسب معلوماتي) . رمضان كريم وصوم مقبول !!
أحييك أستاذي مرة أخرى على جهودك، مع أنك هذه المرة جانبت الدقة في تفسيرك لكلمة شيك . فكلمة “تشاك ” غير موجودة بالفارسية على حد قول الأستاذ شريف إيراني من حيفا المجيد لهذه اللغة والذي قال لي بأن هناك كلمة ” تشيك ” بالفارسية وتعني فرشة وعليه اقتضى التنويه
شكرًا أخي أبا جلاء: (الريفورما) هي الإصلاح- متفق عليها، وهي كلمة إنجليزية ، وأنا أتركز فقط في الألأفاظ العبرية جذرًا.
أخي إلياس: كأني بك تشك بأنني أنقب جيدًا جدًا، ولا آتي بشيء من تحت إبطي، فقد كتبت لك الكلمة الفارسية وكيف تكتب، وبحثت عن الجيم الفارسية في الطباعة، ونقلت ذلك عن معجم فرهنك نفيسي، وعن كتاب غرائب اللغة لليسوعي. فليراجع صديقنا الإيراني معلوماته جيدًا.
فالفرد العادي منا ليس مصدرًا، ولا تؤخذ الأمور إلا من مصادرها.
شكرًا على المتابعة!
ربما سأنشر ما كتبنا.