الرئيس عباس يماطل بالرد على استشهاد الوزير ابو عين
تاريخ النشر: 12/12/14 | 9:38نستغرب هذه المماطلة من قبل السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس وعدم اتخاذ اي قرار حاسم وسريع بوقف التنسيق الامني مع الاحتلال الاسرائيلي فورا كرد على جريمة قتل الشهيد زياد ابو عين وزير شؤون مكافحة الاستيطان ولجوئها الى اساليب التهرب والتسويف من خلال القول بانها ستستمر في حال انعقاد مفتوح حتى يوم الجمعة لبحث ودراسة تداعيات هذه الجريمة.
هذه الاجتماعات المفتوحة لقيادة السلطة او مجلس الوزراء تعني محاولة “امتصاص” الغضبة الشعبية التي تجتاح الضفة الغربية وقطاع غزة، ومحاولة “تبريد” الموقف، تمهيدا لتجنب اتخاذ اي قرار فعلي يرتقي الى مستوى هذه الغضبة، ويشكل ردا حاسما على هذا التمادي الاسرائيلي في سفك دماء الشعب الفلسطيني.
سمعنا اصواتا لمسؤولين “فلسطينيين” تطالب بالتهدئة، وتجنب التصعيد لعدم وضع اي عراقيل في طريق جهود السلطة للذهاب الى مجلس الامن الدولي لاستصدار قرار بوضع سقف زمني لانهاء الاحتلال الاسرائيلي، وهي اصوات تبيع الوهم والخنوع والاستسلام للشعب الفلسطيني والامتين العربية والاسلامية معا، وتعيش في بيوت “عاجية” منعزلة كليا عن الجماهير البسيطة والوطنية التي تشكل ملح الارض، ونبضها الحقيقي.
***
الشهيد ابو عين قدم حياته دفاعا عن الكرامة الفلسطينية التي اذلها التنسيق الامني مع الاحتلال الاسرائيلي، وهو التنسيق الذي وفر الحماية للاستيطان، ولاكثر من 800 الف مستوطن يتزايدون بشكل متسارع في الضفة الغربية والقدس المحتلين، بينما نحن نلهث خلف المجتمع الدولي، ونتسول عطفه وامواله، ونتحول الى اكبر شعب متسول في التاريخ.
اعلان الحداد ثلاثة ايام، واغلاق المدارس، وتنظيم جنازة شعبية ضخمة للشهيد، يتقدمها رئيس السلطة، كلها اجراءات لا تكفي وحدها، ولا تلبي الحد الادنى من مطالب الشعب الفلسطيني، ولا بديل عن وقف التنسيق الامني ومطاردة مجرمي الحرب الاسرائيليين امام المحاكم الدولية، والعودة الى المقاومة بأشكالها كافة، فقد طفح الكيل، واسرائيل لا تفهم اي لغة غيرها.
الاسرائيليون يكذبون كعادتهم دائما ويزورون الحقائق، ويلفقون الروايات الكاذبة لتبرئة انفسهم من المجازر التي يرتكبونها في حق هذا الشعب الفلسطيني وخداع العالم، والانكى من ذلك انهم يحاولون تسويق هذا الكذب للسلطة الفلسطينية وبعض مسؤوليها الذين يصفهم الاحتلال بـ “الحكماء” و”العقلاء” و”المعتدلين” ونحن نصفهم بالمتواطئين مع الاحتلال وجرائمه.
الشهيد ابو عين فقد حياته، واستشهد بسبب الغازات السامة الاسرائيلية، والضرب على الرأس بأعقاب البنادق، ولم يستشهد اثر ازمة قلبية، وحتى لو استشهد فعلا بسبب هذه الازمة، فإنها نتيجة لهذه القنابل الغازية، ونقول هذا رغم ان التشريح الرسمي لجثمانه الطاهر اكد عكس ذلك، وثبت جريمة القتل ضربا على الرأس بهدف القتل، ثم ليس هو الشهيد الاول ولن يكون الاخير، واغتياله بهذه الطريقة البشعة وهو يدافع عن اشجار زيتون هو تأكيد اضافي على عناد هذا الشعب وعنوان على شجاعته ورجولته واصراره على استعادة ارضه ونيل الاستقلال الحقيقي وليس المزور الذي ذقنا علقمه في اتفاقات اوسلو المخجلة.
الم تحاول آلة الدعاية الاسرائيلية الكاذبة تبرئة اسرائيل وجيشها من استشهاد الطفل محمد الدرة، الم تروج لرواية وقحة ومعيبة حول إستشهاد الرئيس الفلسطيني الرمز ياسر عرفات بمرض “الايدز″، الم تدعي ان مدارس الاونروا التي قصفتها، وقتلت اطفالها ونسائها الذين لجأوا اليها، واحتموا بها، اثناء العدوان على قطاع غزة، كانت تحوي مخازن للصواريخ وهو ما نفته الوكالة نفسها بقوة؟
***
حركة “فتح” التي ينتمي اليها الشهيد ابو عين مثلما ينتمي الى كل الشعب الفلسطيني وامته العربية، مطالبة بأن تنتصر لشهيدها وتطالب قيادتها بالكف عن التسويف والمماطلة والتهرب من الرد على هذه الجريمة التي راح ضحيتها انسان كان يدافع عن الارض وكرامتها وزيتونها في وجه عدو عنصري حاقد مجرم، يجب ان تتصدى لهذه القيادة وتضع حدا لسياساتها المتخاذلة التي اساءت اليها والشعب الفلسطيني بأسره.
هذه الحركة التي اطلقت الرصاصة الاولى وثبتت الكيانية الفلسطينية، وقادت المشروع الوطني لاكثر من اربعين عاما، يجب ان ترتقي الى مكانتها وارواح شهدائها، وتاريخها المقاوم المشرف، وتفرض على السلطة ورئيسها الرد العملي على هذا الاجرام الاسرائيلي، بالتعاطي معه على اساس انه عدو غاصب وقاتل لا يجب التنسيق معه وحماية مستوطنيه ومستوطناته، والتصدي له بالقوة التي يستحق.
نخاطب حركة “فتح” بعد ان يئسنا والملايين غيرنا، من مخاطبة الرئيس عباس وسلطته، ولان هذه الحركة وشرفاءها هم الذين يقدمون له الغطاء، والحماية، والشرعية التنظيمية، فاذا كانت حركة تحرير وطني فعلا، وهي كذلك في رأينا، عليها ان تقلب الطاولة على هذه السلطة وكل “المحنطين” في صفوفها الذين خطفوا القرار الوطني والمشروع الوطني الفلسطيني، واوصلوا القضية العربية الاولى الى هذا الوضع المهين والمزري.
عبد الباري عطوان