يا خيل الله ارْكَبِي ..
تاريخ النشر: 04/08/12 | 8:44يا خيل الله ارْكَبِي ..
ما أطيب رفادة المسجد الأقصى المبارك،
وما أعذب نسائم الوافدين لبيت المقدس،
شدّوا رحالهم يُسْرجّون باحاته العامرة بقناديل الرباط ،
وركبوا بيارقهم يعلقون فوق أسواره مصابيح الثبات.
قَدِمُوا بكل سوادهم من أصقاع ارض الإسراء،
يلتَمِسون ليلةً هي خيرٌ من ألف شهر،
يبتغون رَكْعةً تزيل الكروب وتمحو عنهم القهر،
يبتهلون دعاءً يبدد ذل الهزائم ويكتب النصر.
يا حجيج أولَى القبلتين ! ويا وافدي ثالث الحرمين الشريفين !
ألا تسمعون أنات الأقصى الجريح تناديكم؟
ألا تستشعرون عبق نفحاته تستجديكم؟
فيا خيل الله اركبي واركبي…
أسرجوا للأقصى خيولكم الصافنات ،
شدّوا رحال بيعتكم لعروس المقدسات ،
وتعالوا قدسنا العامرة نلتمس في أقصاها نفحات ليلة القدر بصالح الدعاء والصلوات.
لا..لا تهابوا أسلاكهم الشائكة !
لا تفزعوا من جحافل حواجزهم العاتية !
فهم كعادتهم سيقفون عند أعتاب أبواب أقصانا ،سيحاصرون منافذه الشامخة ،
ويتسلقون فوق أسواره الصامدة ،
وسيرصدونكم عند مداخل أبواب الأقصى ،
وسيعبث رجالات فرعون بين أمتعة إفطاركم يبحثون عن صواع الملك ،
يصادرون زيتكم وزعتركم وبعضاً من خبز قمحكم ،فهم يهابون سنابل حقولكم ،
وما تحمل سنابل حقولكم، ويكرهون الزعتر والزيتون،
وسيحدد أحفاد النمرود أعماركم ،
وما المباح وما الحرام من سِنِيّ أعماركم، فهم يفزعون لطول بقائكم ،
ويخافون عزيمة إنجابكم.
لكنكم حتماً ستدخلون.
ستدخلون من أنفاقٍ متفرقةٍ، وسراديب متنوعة،
ونحن والحمد لله تذوقنا منذ القدم ظلمة الزنازين،
ونتقن الحبو في الأنفاق والزحف في السراديب.
ألم يرنا شيخ الأقصى أطال الله عمره، خرائط الأنفاق والسراديب؟
وكشف لنا طلاسم الهيكل المزعوم ، وما يحيكه الذيب ؟
إذن ستدخلون، لا تخافوا حتماً ستدخلون،
ألسنا عرب الداخل وهم أعراب الخارج ؟
ألسنا ننطق العبرية بطلاقة ، ونحمل الرايات الزرقاوات خفاقةً ؟
لا تخافوا حتماً ستدخلون.
ستدخلون من باب الأسباط وباب العامود،
فبابا الأسباط والعامود أعدا لعرب الداخل البالغين العاقلين ،
بينما إخوتنا من مسلمي غزة هاشم والضفة الغربية لن يدخلوا بيت المقدس ،
ولن يصلوا في الأقصى ولن يركعوا هناك ولن يدعوا ،
فباب الجنائز قد أوصده رجالات فرعون وسده أحفاد النمرود ،
حينما أقسم ‘الختيار’ ثلاثاً على الصلاة في المسجد الأقصى مع أخيه صدام حسين،
أتذكرون ذاك اليمين؟
يا حسرة على ‘الختيار’ قطع حلمه المنون !
فيا حجيج المسجد الأقصى ! ويا وافدي ليلة القدر من عرب الداخل!
أتوسل إليكم أن تحسنوا الدعاء، وتخلصوا العمل وصدق الرجاء..
بالله عليكم ! جئنا نكفكف دموع الأقصى.. فكفكف الأقصى لنا الدموع،
فقرانا ومدننا العربية تشهد جرائم القتل تلو الجرائم،
وتئن تحت وطأة غطرسة السلاح والعنف والمآتم.
استحلفكم بالله !
دخلنا باحات أقصانا نتخذ مجلسا لصلاتنا وذكرنا ،فافترش الأقصى الأسير لنا باحاته فراشا وثيرا ،
وأغدق علينا كرمه الوفير ،أما نحن .. فانظروا كم من أخٍ منا قد هجر أخاه ابتغاء شبر تراب واحد،
ومن حرم أخته حقها وقلبه على والديه حاقد، ومن نهب أموال اليتامى،
وشن الحروب والغزوات إكراما لحدود منزل أو درهم ودينار.
أتوسل إليكم !
لا تتمنوا عرض الحياة الدنيا، فعرض الحياة الدنيا بضاعة كاسدة زائلة.
سلوا الله أن يجمع شمل الأشقاء في فلسطين، وينزع من قلوبهم الحقد الدفين،
وان يعيد المبعدين ويفك سراح كافة الأسرى والمعتقلين.
ادعوا الله أن يزرع بيننا المودة والرحمة، ويجمعنا أهلا وإخوة متحابين،
ننزع الخلافات من بلداتنا وننبذ العنف من مؤسساتنا وشوارعنا .
ابتهلوا لله أن يرد شبابنا وشاباتنا إليه ردا جميلا ،
ويتقوه في مشربهم وملبسهم ، في كلامهم وأخلاقهم.
ادعوا الله أن يتولى إدارة أمورنا الأوفياء المخلصون ،
وان يجنبنا الشحناء والبغضاء والتناحر على المناصب والنياشين،
سلوه تعالى أن يكتب لنا سعة الصدور، والتسامح وحسن الجوار.
وليكن نصيب كبير من صالح دعائنا لنصرة المظلومين،
والانتقام من الظلمة الحاقدين ، وفك اسر أقصانا الحزين وسائر مقدسات المسلمين.
فيا خيل الله اركبي ..
لنحيي ليلة القدر في رحاب أقصانا بالصلاة،
والدعاء ، والخير الكثير.
اعادها الله علينا باليمن والبركات
ما أجمل الدرر التي ينطق بها لسانك العذب أستاذنا الكبير عوني .. دمت لنا ذخرا .
الاستاذ والشاعر الحبيب زهدي غاوي هذا غيض من فيض بيانك وسموك