في ذكرى رحيل الشاعرة فدوى طوقان
تاريخ النشر: 13/12/14 | 12:12في 13/12/2003 رحلت عنا الشاعرة الرائعة فدوى طوقان، وفي أوراقي وجدت هذه الرسائل التي أرسلتها لي.
وهنا أتساءل:
لماذا لا نهتم هذه الأيام بأدب الرسائل، هل للتقنيات الجديدة أثر ما، وهل لرسائل الفيسبوك مثلاً تأثير، أو فعالية إيجابًا أو سلبًا؟
……………………………………….
رسائل من فدوى طوقان إلى الدكتور فاروق مواسي
***********************
نابلس
30/8/1968
..
عزيزي السيد فاروق
.
تحياتي الخالصة وألف شكر على قصيدتك الجميلة التي تفضلت فأهديتها إلي.
كما أنني سعيدة بأخ تربطني به رابطة الشعر والعروبة والأرض.
..
يؤسفني أن الحظ لم يكن بجانبي يوم أن اتصلت هاتفيًا بالبيت، ولكن آمل أن أكون أوفر حظًا في المقبل من الأيام.
حبذا لو تمكنت من زيارتي في البيت في فرصة أخرى قريبة.
غير أني أود أن ألفت نظرك إلى أن علي ارتباطين يومي الثلاثاء 3/9 والسبت 7/9، وما عدا هذين اليومين فإنني في حل من أي ارتباط خلال الأيام العشرة القادمة.
…
أشكر لك اهتمامك بترجمة المقابلة التي أجرتها معي صحيفة معاريب، فحين رأيت المقابلة منشورة في الجريدة وجدت نفسي أقف أمام طلاسم لا أفهمها.
ترجمتك للقصيدة من العبرية جيدة، والبيت الذي وضعت علامتي سؤال هو هكذا في الأصل:
…
أأرواحهم في الرياح ترود الديار؟
وتُنشرُ دنيا
طواها الزوال
وتهمي ذكر
وتهمي ذكر
أصدق المحبة
سلمت
…
فدوى طوقان
**********************************
(القصيدة التي أهديتها لفدوى هي حلم السلام، وقد نشرت في مجموعتي الولى – في انتظار القطار- 1971، ص 5.)
*****************************
.
نابلس 25/12/1985
……..
عزيزي الشاعر فاروق
…
أطيب تحياتي، ومعذرة عن التأخير في الكتابة إليك، فقد عدت من عمان قبل أسبوع فقط لأجد كتابيك الحديثين “الجنى في الشعر الحديث” و “الرؤيا والإشعاع”، وها أنا قد فرغت من قراءة “الجنى” أبادر لأرحب بك أولاً، مسرورة بلقائك، فقد بعد العهد بآخر لقاء لنا –ولكني أشكرك ثانيًا على إتاحتك هذه الفرصة لي للاطلاع على كتاب “الجنى”.
أما كتاب “الرؤيا والإشعاع” فسوف أتفرغ لقراءته في عمان لاضطراري إلى العودة إليها يوم الأحد القادم.
..
صدقني يا فاروق حين أقول لك، وبدون أيّ لون من ألوان المجاملة إنني لأحسّ بعجزي عن إيفاء هذا الكتاب القيّم حقه من التقدير والثناء، لقد استأثر بإعجابي بحق تناولك لأصول الصناعة اللفظية ومظاهر هذه المهارة الفنية التي تشكل أهمّ وسائل الشاعر لبلوغ غايته المتمثلة في خلق عمل فنّي متكامل.
…
إن تناولك الذكيّ للقصائد المختارة لطلاب الشعر الحديث وقرائه ينمّ عن جهد كبير واجتهاد موفق استخدمت فيه كل ما تملك من حواس، ولا عجب، وأنت الشاعر الموهوب، والناقد البصيرة، والخبير المتخصص الذي نضجت تجربته الطويلة في ممارسة تدريس مادة الشعر والأدب، فلا عجب في أن يأتي كتابك “الجنى” إنجازًا أكاديميًا عميم الفائدة جديرًا بكل الثناء والتقدير، ولا ريب في أنه سيكون عونًا ومساعدًا كبيرًا على تنوير طلاب الشعر ومحبيه.
…
لك الشكر أيها العزيز، وجزاك الله خيرًا على ما أسديته وقدّمت إلى الطلاب من خدمة عظيمة النفع، تتجلّى من توجهّك إلى قلوبهم وإلى عقولهم الغضة الجديدة، وذلك من أجل تنمية قدرتهم على تذوق الشعر، واستساغته، والتجاوب مع غايته التي تتمثل في تبليغ التجربة الإنسانية وتوصيلها إلى الآخرين.
….
أكرر شكري العميق مع أخلص تمنياتي، سلمت، وكل عام وأنت بخير.
…
فدوى طوقان
***********
نابلس
18/4/1995
عزيزي د فاروق سلمه الله!
أحييك وأشتاقك.
…
عطفًا على المكالمة الهاتفية بيننا أكرر اعتذاري لعدم استطاعتي شخصيًا المشاركة في يوم احتفالكم في الناصرة بالإبداع النسوي المتمثل بالكتابات الشعرية والنثرية التي أبدعتها شاعرات بلادنا وأديباتها.
…
إن هذا الاحتفاء مبادرة طيبة ومباركة أنا أول من يهتف لها، لإيماني بطاقة الإبداع في النساء العربيات المعاصرات في هذه البلاد العزيزة بشاعريّات كبيرة تستحق الإعجاب والتقدير.
..
لقد ظل أدبنا وشعرنا النسائي يخاف أن يتكلم، وظل ينقصه الإحساس العنيف بوحدة الذات، والاندفاع اللا شعوري إلى التعبير عن الذات شعرًا أو نثرًا، بتعبير أصح ظل ينقصه الجنون الوهاج الذي يجعل الشاعر لا يتردد في التضحية بكل شيء من أجل التعبير.
….
وحين كسرت المرأة العربية المعاصرة طوق خوفها من الإصغاء إلى صوت ذاتها راحت تثري الساحة الإبداعية بإبداعها الشعري الحي، معبرة فيه عن وجودها النفسي والاجتماعي، وهو مضمخ بعطر الأنوثة ، فكنا نحن شاعرات الأربعينيات والخمسينيات قد خضنا فترة مضطربة مترجرجة، وكنا ندرك أقوى الإدراك آنذاك أننا نشق طريقًا غير ممهد، وأن شاعريات أكثر توهجًا ستسطع بعدنا وتضيء، إلا أننا كنا نعرف أن باستطاعتنا أن نغمض لأعيننا في شبه ارتياح، فذاك ما كنا نستطيعه في حدود زماننا وظروفه الاجتماعية والثقافية.
….
إنني أشكر من كل قلبي الأخوة الأدباء القائمين بهذا الاحتفاء الكريم بالمرأة المبدعة، فهو مؤشر إلى وضع إبداع المرأة الشاعرة والأديبة في مركز اهتمام الساحة الأدبية العربية، وفي مركز اهتمام الواقع الأدبي والنقدي.
هذا عدا عن كون هذه المناسبة تثـمينًا لدور المبدعة يكفل للأدب النسوي حقه.
وختامًا فإني أقدم لك ولجميع الحضور في حفلكم الكريم أصدق مشاعر التقدير والإعزاز.
…….
ملاحظة: قرأت رسالة فدوى في احتفال مدرسة راهبات الفرنسيسكان بالمبدعات سنة 1995.
…………………………………………………
****************************
نابلس في 16/10/1996
…….
عزيزي د. فاروق
تحية طيبة مشفوعة بالشوق والمحبة.
تلقيت هذا الصباح كتابك الجديد “القدس في الشعر الفلسطيني الحديث”، وهو كتاب قيم بحق، لم يسبق أن تناول موضوعه كاتب قبلك- أعني خصوصية القدس كمكان في الشعر العربي قديمه وحديثه، وكم كان جميلاً منك أن تلتفت إلى استلهام الشاعر المسيحي رموزًا إسلامية، والعكس بالعكس.
…
هذا وفي الكتاب مقتطفات من قصائد لشعراء فلسطينيين لم يسبق لي أن اطلعت عليها، كقصيدة أديب رفيق محمود “كلمات بالإزميل على سور القدس”، وهي قصيدة جميلة أيقظت فيّ الرغبة في البحث عن ديوان هذا الشاعر.
شكرًا من القلب على ما بذلت من جهد في تأليف الكتاب، وشكرًا على الهدية التي آثرتني بها، والتي أخذت مكانها إلى جانب كتبك الأخرى التي أثريت بها أدبنا الفلسطيني.
جزاك الله كل الخير الذي أنت به جدير.
بكل التقدير والمودة الصادقة!
..
سلمت!
فدوى طوقان
…………………………………….
**********************
نابلس 4/ يناير/ 1999
….
عزيزي د. فاروق مواسي:
….
أحييك وأشتاقك وأتقدم إليك بأصدق مشاعر التقدير والامتنان إذ وافيتني بقصة أخي إبراهيم “متى وفاء الدَّين”، وطالما تساءلت: أين ذهبت يا رب؟ حيث كانت ضمن كتابات أخرى لإبراهيم احتفظت بها بعد وفاته، والتي تبعثرت بين أيدي “أولاد الحلال” من مستعيريها بقصد الاستفادة منها في بحث أو دراسة لهم عن إبراهيم، ولم يردوا الأمانة إلى أهلها.
…
كم أسعدني حضورك الاحتفال بتكريمي في جامعة النجاح، وكم كان يبهجني لو أنك أرفقت برسالتك نسخة عن الكلمة التي شرفتني بها، فهل تفعل؟
أرجو ذلك.
…
بدخول عام 1999 علينا أسأل الله أن يكون عام خير وأمن وسلام عليك وعلى عائلتك العزيزة.
…
أشكرك وأشكرك وأشكرك
….
مع محبتي
فدوى طوقان
************************
………………………………………………..
نابلس في 27/ مايو/ 1999
عزيزي د. فاروق مواسي:
أحييك وأشتاقك،
عدت امس بعد غياب شهرين في مسقط والإمارات العربية لأجد ملحق الاتحاد، وفيه صفحات من سيرتك الذاتية أو رحلتك معي.
فرحت به كثيرًا، وسأظل أعتز به كثيرًا، أشكرك وأشكرك أيها الإنسان الجميل النبيل.
…
لم أستطع التأكد من رمز محل الإقامة، فكان علي أن أقتطع العنوان وألصقه بالغلاف حرصًا على وصول هذه الرسالة القصيرة.
..
أكرر شكري القلبي، سلمك الله.
…
بكل محبة
فدوى طوقان
……………………………
**
ب.فاروق مواسي