الشاعر احمد فوزي أبو بكر في قصيدة "أزحِ الستارَ" د. سامي إدريس
تاريخ النشر: 07/08/12 | 16:10الشاعر احمد فوزي أبو بكر في قصيدة أزحِ الستارَ د. سامي إدريس
أزحِ الستارَ وأطفئ الأنوارا.. يا أبا فوزي في هذه الليلة البدرية التي تصطاد صعاليك النهار يشتعل الرقص على قدمٍ ونار.
(على قدمٍ وساق) هي في أصل أستعمالها ولكن الشاعر يكسر التعبير الجاهز المسكوك بوضع كلمة نار بدلاً من كلمة ساق وهذا فن حديث راق جدًا فيه من البلاغة ما فيه. وهو هنا يتحدث بلغة المخاطب إذ يطلب منه إزاحة الستار.. ولكنه لا يتوجه الى شخص معين بذاته ، وإنما كأنما يقول: ليُزحِ الستارُ على صيغة الأمر المبني للمجهول، ليتكشف لنا مشهدٌ رائع في ليلة بدرية بكى فيها القمر. إن هذه الليلة البدرية تذكرنا بمعركة بدر الكبرى أول أنتصارات المسلمين على أصنام الكفر والإلحاد وهي معركة قال فيها الشعراء شعراً عظيماً وقتل فيها من الكفار عدد عظيم، كانت معركة حامية الوطيس فاستعارها شاعرنا المبدع ليدلل على حرارة تلك الليلة وموقعها من ذكريات قلبه، والقتال هنا هو الرقص المشتعل الصاخب الجنوني على قدم ونار أي أنه يشعل أحاسيس الشباب حماسةً وعنفواناً وثورة للحب.
وينتقل الشاعر الى مناخ آخر في القصيدة ومنطقة أخرى يتحدث فيها بضمير المتكلم باستعماله ياء المتكلم:
كي تهتدي سُفُني موانئَ غُرْبَتي
فأنا وَحيدٌ في تَكايا توبَتي
وأنا سجينٌ في زوايا عزلتي
ولكنه لن يطيل الإنتظار فالألحان تأخذه الى عرس الأساطير العتيقة.
ويعود الشاعر الى ولعه بالتناص القرآني في قوله:
” واصدع بما تؤمرْ” فكأنه نبيٌّ يتنزل عليه الوحي يأمره بالجهر بدعوته وأن يعرض عن المشركين. والفعل إصدع له وقع شديد على أذن السامع يصدع رأسه صدعاً.
يتابع الشاعر الغوص في الأجواء الدينية السماوية في قوله:
“وافتح بأبواب السّماءِ
على المشارقِ والمغارب
أبوابُ جنَّتِكَ اخْتَفَتْ
فادخُل من البابِ المُوارِب
واصعد بِِرَقْصِكَ كلّما
قُذِفَتْ لِرِجْلِيْكَ الجِمار
واتبع فؤادك ينجلي
من دمع عَيْنَيْكَ الغبار”
أخي أبا فوزي إنك لشاعرٌ بدريٌّ محارب صامد في دوامة الوغى وحلبة الشعر. إنك لا تتكلف شيئاً وإنما تعيش تجربتك الحارة وتخرجها شعراً سائغاً لذة للشاربين وقد سبق وصفك لراقصة السوق في قصيدة أخرى فجاءت هذه القصيدة مكملة لها تسبح في نفس الحقل الدلالي. أشدُّ على يدك ولنا لقاء قريب بعون الله.
جميل استاد احمد