لا تسمحي بأن يستغلك حيتان المال
تاريخ النشر: 15/08/12 | 6:49إن ذكوريّة المجتمع وفوقية الرجل التي رسخت مفاهيم اجتماعية رجعية، إضافة إلى العنصرية التي يواجها مجتمعنا، جعلت مكان العمل المسموح به للمرأة هو محيطها القريب، أي قريتها أو مدينتها. فهنالك من أخواتنا وبناتنا من تريد العمل بعد المرحلة الثانوية لتوفير قسط تعليمها، وغيرها من تعمل لكي تساعد أهلها في “تجهيزها”، وأخرى تعمل لتساعد زوجها في مصروفه. عمل المرأة كعمل الرجل، فهو يصقل الشخصية ويكسب المرأة أو الفتاة استقلالا ماديا يقودها إلى الاستقلال الاجتماعي ويجعلها عنصرا فاعلا يخدم المجتمع.
قبل كتابة مقالي، قادني حب الاستطلاع إلى إجراء جولة ميدانية في عدد من فروع المحلات الكبرى التابعة لملكية “الحيتان الكبيرة” في بلدة عربية ما. توجهت بأسئلة محددة لعدد من الفتيات العاملات في هذه المحلات. الشهادات التي حصلت عليها كانت صادمة، ثم أجريت عددا من المكالمات الهاتفية لفتيات يعملن في مجمّعات تجارية تسوّق زورًا وبهتانا على أنها “عربية وإسلامية” ويستغل فيها اسم الله ودياناته لصبغ الشواقل وتنظيفها من دنس الاستغلال والسرقة، فلم تكن الصدمة من أقوال هؤلاء الفتيات أقل وقعًا عليّ. ومن أجل الموضوعية والمصداقية، من الجدير ذكره أن هناك مشغلين وأصحاب عمل يراعون الله أولا، ومن ثم يراعون القانون في العلاقات مع العاملات، وهذا واجب يقدّرون عليه ويشكرون.
نسبة لا بأس بها من الفتيات اللواتي التقيت بهن وهاتفتهن شهدن على ظروف عملهن، ولكن اشترطن عليّ ألا أذكر أسماء وتفاصيل تخص عملهن خوفا من الطرد. فمن هؤلاء الفتيات من يعملن لمدة 8 ساعات يوميًا على مدار 6 أيام أسبوعيًا، بمعدل أجر يقل عن نصف الحد الأدنى للأجور، حيث أن معدل الأجر الشهري للفتيات اللاتي حادثتهن يتراوح بين 1500 حتى 2000 شاقل شهريا!!. هذا المعطى يفيد أن معدل أجر ساعة عمل الفتاة يتراوح ما بين 7 حتى 10 شواقل للساعه!!، في حين يحدد الحد اللأدنى لللأجور بـ 22.04 شاقلا للساعه!!.
يتفنن أصحاب العمل والحيتان الكبيرة بالاحتيال على القانون عن طريق إصدار وثائق أجر، هذا إن أصدروها اصلا، وثائق تتماشى مع الحد الأدنى للأجور، إضافة إلى تسجيل ساعات عمل غير حقيقية. هذا ما يحصل بكل بساطة، ناهيك عن ظروف العمل القاسية، والتي تتعارض في الكثير من الأحيان مع الحقوق الأساسية للإنسان، وناهيك أيضًا عن هضم حقوقهن العمّالية كافة، كبدل السفر، نقاهة، ساعات إضافية، عطلة سنوية، مقابل أعياد، تعويضات نهاية الخدمة، رسوم صندوق التقاعد وغيرها.
قسم من هؤلاء المشغلين يعدون ظلما وزورا من نخبة القوم، يصلون، يصومون، يزكون ويحجون، وتحفظ لهم الأقوال ويستمع الناس إلى زيفهم في المجالس. يصادقون أصحاب العمامات وتجار الدين، محاولين تبييض وجوهم ومالهم.
إن طغاء المجتمع الذكوري والربح الوفير من شرعنة ظلم المرأة وعدم مساواتها بالرجل، يستوجب من هؤلاء الحيتان أن يحافظوا على الوضع القائم، وأن يمتطوا تفسيرات للدين وأقوال لله الواحد تلزم العباد بالتمييز ضد المرأة. ولا تملك فتياتنا إلا قبول الواقع كما هو، لئلا يغضب عليهن هذا المجتمع فيما إذا فكّرن لا سمح الله بالعمل خارج البلدة، أو اعتقدن، واستغفر الله قبل قولي هذا، أن يعملن في شركات ومجمّعات يهودية، والتي تراعي غالبا وإلى حد كبير شروط القانون.إنه الاستغلال يا أخواتي وانه لعهد من عهود العبودية.
ويسوق الحيتان ومن يصفق لهم مشاريعهم التجارية بنشر الأكذوبة التي تفيد بأن وسطنا العربي كان عطشا لهذه المبادرات الاقتصادية وأن هذه المجمّعات “العربية الإسلامية” تشكل رافعة اقتصادية تنعش الاقتصاد المحلي لهذا البلد أو ذاك، وأننا بحاجة إلى مجتمع عصامي لينمو بالاقتصاد ويدعم الشباب، أي لا يا شيخ؟؟
كيف تفسّرون يا جهابذة الشريعة ومقاصدها سرقة عرق أخواتنا وعملهن لبناء فيلاتكم وتمويل وقود سياراتكم الفارهة؟؟ فسّروا لنا يا حيتان المال كيف تتعالى أبنيتكم ويتهاوى بنياننا؟
أوجّه رسالتي إلى أخواتي في القرى والمدن العربية : انفضن عنكن غبار الخوف والتبعيّة، قفن مطالبات بحقوقكن التي يضمنها الله قبل القانون، لا تصمتن عن سرقة عرقكن، لا تسمحن بشرعنة الدونية والتمييز بحقكن. ثرن على هذا الظلم، فمن دونكن لن يستطيع الحوت أن يعيش ولن يستطيع الاستغناء عن جهدكن البدني والعقلي.
وكل عام وانتن بخير
بقلم المحامي وسيم حُصَري
كل الاحترام لك فيجب توعيت الفتيات بان تأخذ كل فتاه حقها كما يجب توعية الأهل كما يجب توقيف التجار عن ذالك. الغش ويتقوا الله الذي ينظر اليهم. ويمهلهم
بالفعل كل ما قد كتب في هذا المقال صحيح مئة بالمئة وواقعي .. فالكثير من فتياتنا يعملن بجهد جهيد مقابل القليل والقليل والقليل من ناحية مادية ومن ناحية حقوق أيضا ..فهن لا يأخذن حقوقهن كما يجب .. وفعلا أنهن لا يمتلكن القوة والشجاعة للوقوف وإيقاف هذه المهزلة .. جزاك الله كل خير .. فعلا يجب علينا فتح أعيننا جيدا لنوقف هذه السرقات وإظهار كل من يخفي نفسه وراء قناع الدين والإسلام .. موضوع جميل أشكرك .. ( مع تمنياتي لك بكتابات ومقالات غنية تحكي عن واقعنا الأليم بمشاكله الكثيرة التي تحتاج منا أن نناقشها ونبحث عن حل لها …)