الدنيا دار اختبار وابتلاء
تاريخ النشر: 25/12/14 | 12:02الدنيا كما وصفها الله تعالى بأنها دار اختبار وابتلاء، قال الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2].
ووصفها أيضاً بأنها دار لهو ولعب، وأن نعيمها لا يدوم، والراحة فيها ليست بباقية، قال سبحانه: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 64].
وقال: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24].
وقال: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا} [الكهف: 45].
وقال: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد: 20].
ولقد وصفها المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنها سجن للمؤمن، والمسجون يتشوق إلى التحرر من السجن، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الْكَافِر».أخرجه أحمد 2/323(8272)، ومسلم (8/210)، والتِّرمِذي (1324).
والعاقل هو من يؤثر ما يبقى على ما يفنى، عَنْ أَبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال: «منْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَّرَ بِدُنْيَاهُ، فَآثِرُوا ما يبقى عَلَى ما يفنى». أخرجه ابن حبان في صحيحه (2473)، وأحمد (4 / 412)، والحاكم (4 / 308، 319)،
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ، جَعَلَ اللهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، جَعَلَ اللهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهَ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ». أخرجه التِّرْمِذِي (2465)، والألباني في السلسلة الصحيحة (2 /670).
وقال على بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل.
وقال جابر بن عبد الله خرجت مع الإمام علي رضي الله عنه إلى خارج المدينة، فتفكرت في أحوال الدنيا، وغرورها، وفتنتها، فقال: يا جابر إن الدنيا أحقر من أن يفتتن بها لبيب، يا جابر إن لذاتها في ستة أشياء: مأكول ومشروب وملبوس، ومنكوح ومشموم ومسموع، فأما المأكول فألين ما يؤكل العسل وهو رجيع ذبابة, وأما المشروب فألذ ما يشرب الماء وقد تساوى فيه جميع الحيوانات، وأما الملبوس فأفخر ما يلبس الحرير ومخرجه من دودة، وأما المنكوح فمبال في مبال، وأما المشموم فأطيبه المسك وهو دم دابة، وأما المسموع فألذ ما يسمع الوتر وهو إثم كله.