بوركَ هذا الصرحُ الحضاريّ المنير!
تاريخ النشر: 27/12/14 | 23:36كلمة د. محمود أبو فنه في مؤتمر خريجي الثانويّة في كفر قرع
السلام عليكم … قال تعالى في كتابه المبين: “وقل ربّي زدني علمًا” – (طه:114)
وقال تعالى: “قُل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، إنّما يتذكّر أولو الألباب” – (الزّمر:9)
وقال عليه الصلاة والسلام: “طلبُ العلم فريضةٌ على كلّ مسلمٍ” وقال: “اطلبوا العلمَ من المهدِ إلى اللحدِ”. وقال: “إنّ العلماءَ ورثةُ الأنبياء”. ويقال: المعرفة قوّة
وجاءت الدراسات والبحوث الكثيرة لتؤكّد أهمية التعليم ودوره كرافعة لإحداث نقلة نوعيّة في حياة الأفراد والشعوب والأمم، نذكر ما كتبه الباحث المصري د. حسن شحاته:
“التعليم يرفع مستوى معيشة الإنسان، ويحقّق أهدافه في الحِراك الاجتماعيّ والاقتصاديّ، ويساعد في تكافؤ الفرص” (د. حسن شحاته في كتابه: “رؤى تربويّة وتعليميّة متجدّدة بين العولمة والعوربة” – ص 42).
ونقرأ كذلك: “إنّ التعليم هو الآليّة الرئيسة لصنع ثقافة التغيير” – م. ن ص 96
من هنا نرى أنّ طلب العلم واجبٌ دينيّ وغاية أساسيّة في حياتنا.
والحمدُ لله، كان أهلُ بلدتي العامرة كفر قرّع سبّاقون في تأسيس مدرسة ثانويّة، ويسعدني، بل يشرّفني أنّني كنتُ من المعلمين الأوائل الذي علّموا في هذا الصرح الحضاريّ التنويريّ!
أذكر أنّني عام 1967 انخرطتُ في سلك التعليم، وأذكر كيف احتضنت المدرسة الثانوية في كفر قرع طلابًا من بلدتنا ومن البلدات المجاورة في المثلث (من برطعة، وعارة وعرعرة، وعين السهلة وأم الفحم وجت والطيبة … حيث لم يكن في هذه البلدات مدارس ثانويّة أو فروع مهنيّة).
واسمحوا لي في هذه العُجالة أن أنوّه ببعض إنجازات هذه المؤسسة التي نفتخر بها:
1. أتاحت لأبناء كفر قرع والبلدات المجاورة تعلّم مهنٍ مربحة ومحترمة، والكلّ يشهد أنّ فرع النجارة خرّج العشرات من النجّارين الناجحين والميسورين!
2. مع فتح الفرع النظريّ (عام 1968) إلى جانب الفرع المهنّي تمكّنت المدرسة وعلى مدار أكثر من أربعة عقود أن تخرّج الآلاف من الخريجين، وقسم كبيرٌ منهم واصل الدراسة العليا في الجامعات والكلّيات وتخرّج ليحتلّ مكانة مرموقة في المهن المختلفة. (بحسب الإحصائيّات يمكن إدراج كفر قرع في موسوعة جينس من حيث عدد الأكاديميين خاصّة الأطباء) والقسم الآخر خرج لسوق العمل متسلّحًا بالوعي والحكمة.
3. فسحت المجال للفتيات أن يُكملن دراستهن بعد الابتدائيّة. وللمعلوميّة أذكر أنّني في السنة الأولى لعملي في المدرسة (عام 1967 – 1968) كانت هناك ثلاث طالبات فقط في الصفّ الحادي عشر مهنّي، وطالبتان في الصفّ العاشر، واليوم ولله الحمد يزيد عدد الطالبات عن عدد الطلاب في المدرسة.
4. ومن أهمّ الإنجازات أنّ خريجي هذا الصرح التعليميّ الراقي – ذكورًا وإناثًا – أصبحوا أكثر وعيًا وأكثر دراية في بناء الأسر المتحابّة وفي تربية الأبناء الطموحين! ألم يقل الشاعر معروف الرصافيّ:
يرفع الشعبَ فريقان – إناثٌ وذكور
وهل الطائر إلّا بجناحيه يطير؟
ما ذكرتُه من إنجازات هو غيضٌ من فيض!
واليوم، نحن بحاجة إلى دعم هذا الصرح معنويًّا وماديّا ليواصل مسيرة العطاء، وتحسين الظروف والأجواء لنخرّج أجيالا تعشق العلم والبحث ولغة الأمّ الجميلة الخالدة، وتواصل التعلّم مدى الحياة، وتمتلك القدرات والمهارات على التعلّم الذاتي، والتفكير الإبداعيّ والناقد، وتتعامل مع المستجدّات التكنولوجيّة بحكمة، وتُسهم في إنتاج المعرفة والابتكارات، ولكنّها في الوقت نفسه تلتزم بالقيم الخيّرة، وتعتزّ بالانتماء للهويّة الوطنيّة والقوميّة مع الانفتاح على الثقافات الإنسانيّة الرحبة بعيدًا عن التعصّب والأنانيّة.
ونناشد المدرسة والمعلّمين العمل على تنمية ما يعرف بالذكاء العاطفيّ – بدون إهمال الذكاء الأكاديميّ العقليّ – المتمثل باكتساب المهارات الحياتيّة العاطفيّة المطلوبة مثل: الوعي بالذات والتحكّم بالانفعالات والنزعات، القدرة على التواصل مع الآخرين والتعامل معهم بمرونة وتسامح وتعاطف، المثابرة وتوفّر الدافعيّة…(انظر: كتاب “الذكاء العاطفيّ” دانييل جولمان، الكويت، 2000)
والسلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته!
كل الحترام كلامك واضح وصريح بتامل يفهمو