"الإستقامة – إستقامة العبادات" في خطبة الجمعة من كفرقرع
تاريخ النشر: 07/02/11 | 5:55من محمد ابي الحارث
بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة، أقيمت شعائر خُطبة وصلاة الجمعة، من مسجد عُمر بن الخطاب في كفرقرع الموافق 8 من صفر 1432هـ، حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري “أبو أحمد”، رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك، ‘‘الإستقامة – إستقامة العبادت‘‘، هذا وأم في جموع المصلين، فضيلة الشيخ صابر زرعيني “أبو الحسن”، إمام مسجد عمر بن الخطاب.
ومما جاء في خطبة الشيخ لهذا اليوم المبارك:” الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وآل بيته الطيبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.
وأردف الشيخ قائلاً:” أيها الأخوة الكرام، الخطب محورها الإستقامة: وإذا قال المسلمون (ماذا قال المسلمون؟) نحن أحباب الله؛ نحن الأمة المنتصرة؛ نحن أبناءُ الله وأحباؤه، من دون أن يستقيموا، من دون أن يحلوا الحلال، من دون أن يحرموا الحرام، من دون أن يكونوا حيث أمرهم الله، من دون أن يفتقدهم حيث نهاهم، إذا إكتفوا بالإسلام كعبادات شعائرية، وكانتماء، وكحماس للإسلام، وعواطف، ومشاعر، ولم يطبقوا تفاصيل المنهج، فالله عز وجل يخاطبهم كمن خاطب من قبلهم: ((قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ))..”.
وتابع الشيخ حديثه بالقول:” أيها الأخوة الكرام، الحقيقة المرة نحتاجها هي طريقنا إلى الصواب، طريقنا إلى إصلاح ذات بيننا، لا يمكن أن ننتفع من هذا الدين إلا إذا طبقناه، كل أنواع الولاء، والانتماء، والإعجاب السلبي، والحديث عن هذا الدين، وعظمة هذا الدين، وعظمة هذا القرآن، وهذا إسلام عظيم، دين الفطرة، دين الرحمة، دين العدل، دين المساواة، كلام بكلام لا يقدم ولا يؤخر.”.
ويقول النبي عليه الصلاة والسلام فيما صحّ من أقواله: ((ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ))؛ لتأبيد النفي، اثنا عشر ألف ملتزمون لن يغلبوا، ومليار وخمسمئة مليون يعلنون ولاءهم للدين، انتمائهم لهم، إعجابهم به، يمدحونه كثيراً، من هذا المنطلق أيها الأخوة الكرام، وحرصاً على وقتكم، وعلى جهدكم، وعلى الوقت الذي يبذل للمجيء لهذا المسجد، لن ننتفع بهذا الدين، ولن نقطف من ثماره شيئاً، ولن نستحق وعود الله وما أكثرها، إلا إذا استقمنا على أمره، والدليل: ((وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا))؛ ما لم تأخذ موقفاً، ما لم تصل لله، ما لم تقطع لله، ما لم تعطِ لله، ما لم تمنع لله، ما لم تغضب لله، ما لم ترضَ لله، ما لم توالي أهل الإيمان ولو كانوا فقراء وضعفاء، وما لم تتبرأ من الكفار والمشركين ولو كانوا أغنياء وأقوياء، ما لم تنضم إلى مجتمع المؤمنين فلن تقطف من ثمار الدين شيئاً.
كلكم يرى ويسمع كيف أن العالم كله قد أعلن حرباً عالمية ثالثة على العالم الإسلامي، تقسيم العالم العربي والإسلامي ونهب الثروات، في العراق والسودان وفلسطين واليمن وأفغانستان، ولبنان، وكأن الله عز وجل أراد بنا خيراً، لعل الله عز وجل أراد كما قال:((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ))؛ من هذا المنطلق أيها الأخوة الكرام، آثرت أن تكون سلسلة هذه الخطب متعلقة بالاستقامة، والآن ننتقل إلى استقامة العبادات، الحديث الأول والأخطر والذي أخرجه البخاري رحمه الله تعالى: ((مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ))؛ هذا الولي، من هو الولي بالمفهوم القرآني؟ ((أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)).”.
وأردف الشيخ قائلاً:” أكبر قربة إلى الله، أعظم عمل تفعله:((وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ)).”.
وتابع الشيخ قائلاً:” الحفاظ على الفرائض هي رأس مال المؤمن: هل صليت الخمس فرائض ؟ هل خشعت في الصلوات الخمس؟ هل صليتها في أوقاتها؟ هل حاولت أن تؤديها في المسجد؟ ((وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ)). الآن النوافل ولحكمة بالغة جعل الله لكل فريضة نافلة، فهناك صلوات مفروضة و صلوات نافلة، صيام مفروض و صيام نافلة، زكاة وصدقة:((حَتَّى أُحِبَّهُ))؛ ((ما أعظم المحافظة على هذه الفرائض والصلوات، ما من إمرىء مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيُحسن وضوئها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تُؤت كبيرة وذلك الدهر كله))، خالق السماوات والأرض يحبك ؟ هل هناك من مرتبة فوق هذه المرتبة ؟ والله يكفي أن يحبك الله ولو كنت في أصعب حال في الدنيا، ويكفي أن يكون الإنسان مبغوضاً عند الله ولو كان في أعلى درجات الدنيا.”.
وأضاف الشيخ قائلاً:” الله أعطى الملك لمن لا يحب ولمن يحب، كي نكون موضوعيين أعطاه لقارون وهو لا يحبه، أعطاه لفرعون وهو لا يحبه، وأعطاه لسليمان الحكيم وهو يحبه، أعطى المال لمن لا يحب لقارون، أعطاه لمن يحب لسيدنا عبد الرحمن بن عوف، فالشيء الذي يعطى لمن يحب ولمن لا يحب لا يعد مقياساً لأن الله يحبك إطلاقاً. (( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ )) لا يستمع إلا إلى شيء يتوافق مع منهج الله، هناك خرافات، ودجل، و ترهات، و ظنون، و أوهام، و حقائق مزورة، و ادعاءات، والله العالم اليوم طافح بالضلالات، أُلّف كتاب في بلد عربي أن آلهة قريش ديمقراطيون لأن كل منهم اعترف بالآخر، أما إله محمد قمعي لم يقبل غيره لا إله إلا الله، هكذا.”.
وأردف الشيخ قائلاً:” إذاً هناك ضلالات، و باطل، و هناك من يعبد الحجر، و من يعبد البقر، و من يعبد الشجر، و من يعبد الشمس والقمر، و من يعبد موج البحر، و من يعبد الجرذان في آسيا، عندي بحث طويل مع صور معابد كبيرة جداً يعبدون الجرذان، اشكروا ربكم أن سمح لكم أن تعبدوا الواحد الديان:((فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ))، لا يقبل ترهة، ولا باطلاً، ولا شيئاً مزوراً، ولا فكراً إباحياً، ولا فكراً علمانياً، ولا فكراً ملحداً:((كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ))؛ لو رأيت بيتاً رائعاً، صاحبه تاجر مخدرات، هل تقول ليتني مكانه ؟ تحت قدمك هذا القصر وكل ما سواه، تشكر الله على خمسين متر تسكنها وأنت مستقيم، وتركل بقدمك هذا الشيء المنيف.((كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ))؛ ترى بنور الله، ترى الحق حقاً والباطل باطلاً، ترى الخير خيراً والشر شراً. ((وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا))؛ لا يتحرك إلا وفق منهج الله، الإيمان قيد الفتك ولا يفتك مؤمن، حينما فتح الفرنجة القدس ذبحوا سبعين ألفاً في يومين، ولما فتحها صلاح الدين لم ترق قطرة واحدة، بل إن امرأة ضاع ابنها فوقف وقال لقواده: لا أجلس حتى يعود ابنها إليها، هذه الرحمة: ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)).”.
وتابع الشيخ:” أيها الأخوة الكرام، إياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تتوهموا أن المؤمن يتميز بالصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، لا، ينطلق من مبادئ راقية جداً، من قيم أخلاقية عالية جداً، من فضائل لا يعلمها إلا الله، من حلم، وكاد الحليم أن يكون نبياً، من علم، ما اتخذ الله ولياً جاهلاً، من رحمة:﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ ﴾، من حكمة:((وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)).”.
وشدد الشيخ حديثه بالقول:” الدين ليس في المسجد، إياكم ثم إياكم ثم إياكم، أن تتوهموا أن دينكم في المسجد، هنا فقط تأتي لتلقي التعليمات، دينك في الحقل، دينك في مكتب المحاماة، دينك في العيادة، في مكتب المحاماة، في المكتب الهندسي، في البقالية، في السوق، في الطريق، في الحقل، هذا دينك، فهم الناس الدين أنه في المسجد، يأتي ويصلي وانتهى الأمر، أما علاقاته تكون في بيته، لقاءاته، رحلاته، بيعه، شرائه، كله خلاف الشرع، لذلك لا وزن لنا عند الله عز وجل. ((كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا))، لا يتحرك إلى منكر أبداً من بيته إلى عمله، إن كان مدرساً إلى مدرسته، إن كان مهندساً إلى مكتبه، إن كان طبيباً إلى عيادته، إن كان موظفاً إلى دائرته، إن كان مؤمناً لصلة الأرحام، إن كان مؤمناً للعمل الصالح، لحضور مجلس علم إلى مسجد:((وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ـ الآن دققوا ـ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ))؛ أعد لك جنة عرضها السماوات والأرض، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، حينما يرى المؤمن مكانه في الجنة، مقامه في الجنة، يقول: لم أر شراً قط في حياتي، وحينما يرى من شرد عن الله مكانه في النار يقول: لم أر خيراً قط.
وأضاف الشيخ:” أيها الأخوة، كل بطولتك أن تعيش المستقبل، أن تعيش أخطر حدث مستقبلي مغادرة الدنيا، إلى أين ؟ من بيت إلى قبر، ماذا في القبر؟ في القبر روضة من رياض الجنة إذا كنت مؤمناً، لذلك أيها الأخوة:((قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)).”.
وتابع الشيخ:” كثير من الصحابة، لهم قاسم واحد مشترك، أنهم كانوا جميعاً في أعلى درجات سعادتهم عند لقاء ربهم، دققوا كل بطولتك أن تجعل ما يعده الناس مصاباً، أن تجعل الموت، فرحة:((للصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ إِفْطَارِهِ وَ فَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ)). الموت عرس المؤمن:((تحفة المؤمن الموت))، إجعل المصيبة الأولى في الحياة اجعلها عرساً، اجعلها فرحة، الإنسان حينما يولد كل من حوله يضحك وهو يبكي وحده، فإذا وافته المنية كل من حوله يبكي فإذا كان بطلاً عملاقاً يضحك وحده:((قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ))، وا كربتاه يا أبت، قال: لا كرب على أبيك بعد اليوم، غداً نلقى الأحبة، محمداً وصحبه. البطولة أن تكون محباً لله، أو أن يحبك الله:((فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ))؛ إله الكون خالق السماوات والأرض قال:((فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ))؛ تسعى إلى من؟ إلى أن تحبك زوجتك؟ إلى أن يحبك مدير مؤسستك؟ خالق السماوات والأرض بيده كل البشر، بيده الأقوياء، بيده الضعفاء، بيده الصحة، بيده زوجتك، بيده أولادك، بيده سعادتك، إقبالك، إذا أحبك الله ماذا تنتظر؟ يا رب ماذا فقد من وجدك؟ وماذا وجد من فقدك ؟ إذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان عليك فمن معك؟
فـلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنـا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب وجئتنـا
ولو ذقت مـن طعم المحبة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـا
ولو نسمت من قربنا لك نسمة لمـــت غريباً واشتياقاً لقربنا
وأضاف الشيخ حديثه بالقول:” أيها الأخوة الكرام، الدين فيه نصوص، وفيه أبحاث، وفيه حقائق، وبالدين يوجد صلة بالله، هناك خشوع بالصلاة، بكاء بالصلاة، شعور أن الله يحبك، شعور أن الله يدافع عنك، شعور أن الله لا يتخلى عنك، شعور أن الله سيوفقك، هذا الشعور يحتاج إلى استقامة، وما لم نستقم على أمر الله لن نقطف من ثمار الدين شيئاً: ((فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ـ صار مستجاب الدعاء ـ وَلَئِنْ إسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ))، ولا شراً تتقيه ولا يكبرن عليك ذنباً أن تستغفره.
وأردف الشيخ قائلاً:” أيها الأخوة الكرام، الحقيقة الدقيقة لم يضيع أحد فريضة إلا إبتلاه الله بتضييع السنن، ولم يبلَ أحد بتضييع السنن إلا أوشك أن يبتلى بالبدع: ((ثلاث صاحبهن جواد مقتصد ـ منضبط ـ فرائض الله يقيمها ويتقي السوء ويُقِلّ الغفلة، وثلاث لا تحقرن خيراً تبتغيه))؛ قال النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق: كل ثلاثة على راحلة، وأنا وعلي وأبو لبابة على راحلة، ركب الناقة فلما جاء دوره في المشي توسل صاحباه أن يبقى راكباً: قال: ما أنتما بأقوى مني على السير، ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر. له أجر أن يمشي، هناك شخص إذا لم يكن العمل الدعوي كبير لا يقدم عليه، هو مقامه كبير، لا يخدم إنساناً، ولا يلبي حاجة إنسان، هو فوق ذلك، ما أنا بأغنى منكما عن الأجر.((لا تحقرن خيراً تبتغيه))، قال: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، ذهب موسى عليه السلام ليأتي بالنار لأهله فناجاه الله عز وجل، كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، قد تذهب لعيادة مريض يفتح الله عليك خيراً لا يعلمه إلا الله:((لا تحقرن خيراً تبتغيه ولا شراً تتقيه)). أعوذ بك مما أهتم له ومما لا أهتم له، هناك أشياء صغيرة تنقلب إلى كارثة، تنقلب إلى دمار كبير، إلى حرق المستودعات كلها، إلى مئة مليون خسارة، من شرارة، أعوذ بك مما أهتم له ومما لا أهتم له ((ولا يكبرن عليك ذنب أن تستفغره))، وسعت رحمتي كل شيء:((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً))، ((وإياك واللعب))؛ مسلسلات، ورحلات، ولقاءات، وغيبة، ونميمة، ومطاعم، وسهر:((وإياك واللعب فإنك لن تصيب به دنيا ولن تدرك به آخرة))، إذا الإنسان لم ينم من ألم أسنانه، وكان حاضراً خمسين وليمة سابقاً لو تذكرهم واحدة واحدة يذهب الألم ؟ هناك أشياء في الدنيا ليس لها أثر مستقبلي، متعة تنتهي ليس لك أجر، هل يقال أن فلاناً حضر ثلاثين وليمة وهو ميت من باب التأبين؟ ما شاء الله حضر خمسين وليمة، وأكل طعاماً لذيذاً بزمانه، لا يحكى هذا، لا يحكى عند الموت إلا أعمالك الصالحة فقط:((فإنك لن تصيب به دنيا، ولن تدرك به آخرة، ولن ترضي به المليك، وإنما خلقت النار لسخطه، وإني أحذرك سخط الله عز وجل))،هذا عبد الله بن عمرو بن العاص.”.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين.
ومما جاء في خطبة الشيخ الثانية:” الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آلِ بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه أجمعين.
أيها الأخوة أداء الفرائض الصلوات الخمس، صيام رمضان، أداء الزكاة، حج البيت، هذه الفرائض إذا خلصت فيها النية لله تعالى لا يعدلها عمل آخر يقرب إلى الله تعالى.
أيها الأخوة الكرام: قال:” أما النوافل فترفع من مكانة العبد عند ربه، فالفرق بين الفرائض و النوافل، النوافل ترقى بها عند الله، الفرائض تسلم بها، لذلك:((وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)).”.
وإختتم الشيخ خطبته بالقول:” أيها الأخوة: هذه الفرائض إذا خلصت فيها النية لا يعدلها عمل آخر يقرب من الله تعالى، وهذه النوافل ترفع مكانة العبد عند ربه حتى يصطفيه الله، و يجعله من خاصة عباده الصالحين الذين يحبهم و يحبونه..”.