صور وذكريات

تاريخ النشر: 31/12/14 | 15:52

ثلاث نساء لن يخرجن من ذاكرتي:

المرأة الاولى : تبحث عن الأنجليزية في اسطنبول
بينما كنت اتجول في احد اسواق المدينة، برفقة بعض الاصدقاء، واذا بشاب في مقتبل، كان يشد زوجته التي كانت برفقته من يدها، ويتجهان نحونا. وعندما اقتربا منا ،اشار الي باصبعه وصاح بها:”هذا هو الاستاذ..”. وبعد التحيات الروتينية ،في مثل هذه المواقف.. قالت بمرارة: “ول يا استاذ.. دخنا ونحن نجوب ،شوارع ومحلات اسطنبول التجارية.. ولم ينطق زوجي حتى بكلمة واحدة باللغة الانجليزية !!. رغم انك علمته هذه اللغة خمس سنوات.!! تخرج من تحت يديك ،دون ان يتعلم حتى ولو كلمة واحدة..”.
فضحك كل الحاضرين الا انا وهو..!!
لانه بالنسبة ليس شر، البلية ما يضحك.. عرفنا اننا التقينا انا وهو، في جو تعليمي مجحف ،لم تعطنا الادوات ،كي نتواصل مع بعضنا.. حاولنا ولكنا عجزنا.. لقد رمونا في بحر متلاطم الامواج، ولم يزودونا بالمجداف، فغرق الكثير من الطلاب امثاله، في بحر الجهل القاسي.!

المرأة الثانية :حسن تصنع من القيود ربيعا.!!
التقيت به، واردت ان افتح حديثا معه، يشغلنا لمدة ،اجبرتنا الظروف لقضائها معا، فبارته بسؤال عفوي، لم افكر به سابقا.
“لماذا سموكم اولاد حسن، وليس اولاد جابر، على اسم جدكم..!!؟
فبدأ يروي قصته ،حول اسباب هذه التسمية، كانها كانت حاضرة على لسانه. فبدأها بالحديث عن بطولات جده ،وقوة شخصيته وهيبته. وسيطرته، وتحكمه بكل ما حوله، وخصوصا زوجته.. حتى انه كان كل اراد ان يضربها معاقبا ،فكان يناديها، طالبا منها تحضر العصا معها.!! فيضربها ما شاء له ،وهي واقفة كالصنم، تتلقى وجبتها من الضرب، دون ان تشكو او تبكي او تصرخ ،فاذا انتهى من الضرب، ناولها العصا لترجعها في مكانها المأمون ، حيث كانت تحافظ عليها، كأنها شيأ ثمينا، لا يمكن العيش بدونه.. وكان اذا اقتربت صلاة الجمعة، في ايام الحصيدة وكان مضطرا ان يتركها لوحدها في الحقل، والتوجه الى المسجد في البلد ،لاداء الصلاة كان يرسم حولها بعصاه ، دائرة بمساحة امتار معدودة ،وكان عليها ان لا تتخطى حدودها ،الا بعد رجوعه من الصلاة..
حتى جاء يوم.. دخل عليها زوجها، فصرخ بها كعادته ،طالبا منها ان تعد اولادها السبعه، وما يمكن رزمه وحمله، وعندما سألته عن السبب. اجابها لاول مرة على سؤال: اليهود اقتربوا من البلد ولا بد من الرحيل.!! “. فأنتفضت كأنها لبؤة ،خرجت من ثوب شاه وديعه، وصرخت بتحدي:”هذا لن يكون الا على جثتي.!!”. تناولت العصا من مكانها، وجمعت اطفالها حولها، ورسمت بعينيها المتحديتين دائرة وهميه، صممت ان تضرب بها من يقترب من اطفالها..!!
كل هذا، وزوجها غارق في بحر من الدهشة والاستغراب.. ولسان حاله يقول:”كل هذا يطلع من حسن..!!؟ وشعر انه يذوق- لاول مرة -طعم الهزيمة ا.

المرأة الثالثة : على جثتي.!!
بينما كانت حمى “التصويت” تحتل كل قطعة من بلدنا..غزا جسم امي النحيل مرضا فرافقته الحمى رفيقته الدائمة التي لا يستغني عنها، ولما كنا –نحن اولادها- منشغلين بالانتخابات، وما تتطلبها من جهود.. اشفق جارنا على امي، من تبعات المدة ،التي ستستغرقها البحث عنا. “ستموت المرة قبل ان يحضر اولادها ” فاتصل بالطبيب مستغيثا.. فأتى الطبيب مسرعا.
وعندما وصل. وقبل ان يكشف عنها، قال لها: لن اعالجك الا اذا وعدتيني بالتصويت معنا..!!
– لمن تصوت..!!؟ سألته وهي تإن من الالم.
– انا اصوت للحكومة!! همس وهو ينظر حوله..
– لن اصوت للحكومة.. لا تحاول..!! قالت باصرار.
فقال متوعدا:
– اذن ساتركك تموتين..!!
– اتركني اموت.. ستنقذني من العيش تحت حكم هذه الحكومة..!! قالت وهي تغور في بئر من اليأس.
– سأجعلهم “يقطعون” التامين عنك.!!
– لقد عشنا قبله.. وسنعيش بعده.!!

بقلم : يوسف جمال -عرعرة

jmal-yosf2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة