لماذا يا هذا 7 … "النظافةُ من الإيمان"!
تاريخ النشر: 02/09/12 | 15:23تلتقي أمّ السعيد بجارتها أمام مدخل البيت، بعد التحيّة؛ يدور بينهما الحوار التالي…
الجارّة: شو يا إم السعيد؟ مزبوط هالحكي؟ اسمِعِت إنو بدكُم تروحو عالحج السنة!
أم السعيد (متحمّسة): آه والله! الله يطعَمها لكُل مشتهي!خلص مظلّش من العُمر إشي!
الجارة: صح يختي! الله يتقبل منكُم! بالباص ولاّ بالطيّارة رايحين؟!
أم السعيد: بالباص… ! الروحة بالطيّارة بِدها! وإنتِ بتعرفي البير وغطاه!
الجارة: الله بعين! أنا بسألِك… لأنو أكيد سمعتِ عن الفوضى والوساخة بالطريق! الله يعينكُم بس!
كُل ما بتذكّر شو شُفِت بالطريق… بقشعّر بدني!! والله ما هو لايق بطريق الحج !
أم السعيد (بامتعاض ويأس): ليش هو بس بطريق الحج!!؟ برمضان الأخير رُحنا أنا وأبو السعيد والإولاد عالأقصى! الله لا يوريكي منظر الحمّامات هُناك… ومنظر الزبالة المكوّمة!! والله ما هيك قال ديننا! مين السبب؟! مش إحنا؟! الله يِصلِح الحال!
________________________________________________________
لا بُدّ أنّنا سَمِعنا مِن الكثيرين حولَنا؛ مِمّن أدوّا مناسكَ الحجّ أو العُمرة أو صلوّا في المَسجد الأقصى أو كانوا في زيارة لأحد الأماكن المُقدّسة الإسلاميّة في إحدى الدُول العربيّة، عن الكثير مِن الفوضى وسوء النظافة التي تُسيطر على المكان! الساحات، المُصليات ودورات المِياه… حدّث ولا حرج! ليس هُناك فقط… المَدارس، الطُرقات والأماكن العامّة تصرخ تذمراً واستياءً!!
في الحقيقة! تُزعِجني تلك المناظر… تُؤلِمني تلك المظاهر وتقضّ مضجعي؛ تلك الأحاديث التي أسمعُها والمشاهد التي أراها لكلّ ما يجري في مُقدساتنا الإسلامية… أماكننا التاريخيّة ومجمل مؤسساتنا العامّة!
مَن السبب؟! ما هذِه الأحوال؟! أولسنا نحنُ المسؤولون؟! أتليقُ تلكَ المناظر والسلوكيّات بدور العبادة والفكر والعلم والنهضة؟ بأمة الإسلام؟
أليس ديننا دينُ النظافة والقِيَم؟! أين نحنُ من كُلّ ذلك!؟ أوليست النظافةُ هى العنوانُ الظاهر لحضارةِ الأمة ورُقيّها؟
لماذا لا نكون مثل غيرنا من الشعوب؟ أؤلئك الذين يُقدّسون قيم النظافة والنظام ويعتبرونها من أساسيات التكامُل في شخصيّة الإنسان وسلوكِه! ماذا ينقصنا؟ أوليس بالحريّ بنا (نحنُ المُسلمون) أن نعلّم الآخرين قيّم النظافة والنظام التي حثّ عليها رسولُنا الكريم صلى الله عليه وسلم!؟ لماذا تركناها خلفنا وسِرنا نردّد في خُطبنا وشعاراتنا بأنّ لنا مقدّسات إسلاميّة تئنّ وتُنادينا… ومدارس ومؤسسات عامّة تحتاج طاقاتنا ومَسؤوليتنا!؟ نعم! إنها تحتاجنا! إنها أمانة! لكنها أيضاً تطلبُ منّا قبل كل شيء… أن نحترمها! أن نسير على خُطى ديننا الحنيف، وأن نتبّع أخلاق المسلمين في الحفاظ على نظافتها واحترام قُدسيتها، أن نزرع ونذوّت ذلك في نفوسنا ونفوس أبنائنا وصغارنا!
إنّ احترامَها والحِفاظ عليها؛ لا يأتي بمرحلة إزالة النفايات عن الأرض، بل يأتي بمرحلةٍ قبل ذلك! يأتي من خلال التنشئة السليمة على قيم النظافة والنظام؛ وتذويتها كَنظام شاملٍ وقاعدة أساسيّة من قواعد حياة الإنسان وسلوكهِ السليم! ألَسنا نحفظُ عن ظهر غيب “النظافةُ من الإيمان”… لكن أين نحنُ من ذلك؟!
بالله عليكم! لماذا يهتمُ السائحُ في دول أوروبا قبل كلّ شيء باتباع أبسط قواعد النظافة والنظام؟ لماذا يعتبرها من أساسيّات حياته كإنسان عاقل؟ لماذا نراهُ في كاملِ حيرته بحثاً عن المكان الأنسب ليطفأ سيجارته أو ليرمي مُجرد منديلاً رقيقاً في يده؟
كُلّنا على علمٍ بدور المساجد والمُقدسات الإسلامية في حياة المسلم… إنها بيوت الله ومقر التقوى! أمكنة تزخر بالتاريخ والمجد والعظمة! هل تستحقُّ منّا هذه اللامبالاة والإستهتار؟! لماذا نحترم نظافة ملابسنا وبيوتنا وممتلكاتنا ونرضى بالسوء لبيوت الله والأماكن العامّة؟
كلّنا فخرٌ بأننا مُسلمون… وبأننا نتبع لنظام حياةٍ شاملٍ يرتقي بالإنسان ويضمن لهُ العيش الراقي الرغيد! ولسنا بحاجة لأن نتعلم من أيّ شعب كان، أساليب العيش الراقيّة! فديننا يحمل أسمى المعاني وأقدس القيم! حبّذا لو اتبعناها… سِرنا على نهجها واعتبرناها أسلوب حياة… فبذلكَ فقط؛ سنلحظ الفَرق!