الحركة التشكيلية في الداخل الفلسطيني
تاريخ النشر: 03/09/12 | 2:15الناظر في حركة الإبداع الثقافي في الداخل الفلسطيني يرى نمواً وانتعاشاً للفن التشكيلي، هذا الفن الذي نشأ في أواخر الخمسينات من القرن الماضي عبر تجارب فنية لمجموعة من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين، وفي مقدمتهم جمال بياري من يافا، وابراهيم ابراهيم من الرينة، وعبد يونس من عارة، وظاهر زيداني من الناصرة ، وعبد عابدي من حيفا.
وقد تميزت الأعمال الفنية في بداياتها بالبكائيات وتصوير اللاجئ الفلسطيني في مخيمات التشرد والبؤس والشقاء، وصمود جماهيرنا الفلسطينية وتشبثها بأرضها ووطنها، ومقاومتها الباسلة للحكم العسكري ولسياسة التمييز والقهر القومي وسلب ومصادرة الأرض العربية.
وفي أواخر الستينيات أخذت ظاهرة التفجع والتحسر على فقدان الوطن بالتراجع، وظهرت تحديات جديدة فرضت على الفنان الفلسطيني التعاطي والتعامل معها. وفي هذه المرحلة بدأت بواعث حركة فنية وبرزت أسماء جديدة حققت وهجها وانتشارها من خلال لوحاتها الفنية، فعكست نمو وتطور الشخصية الوطنية الفلسطينية، ورصدت الواقع الجديد الذي أفرزته هزيمة حزيران والاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية العام 1967، كما وصورت مقاومة شعبنا الفلسطيني ضد القهر والظلم والكبت والبطش الاحتلالي، وتخاذل الأنظمة والقيادات العربية الرجعية.
وفي مسيرة هذه الحركة لمعت أسماء كثيرة كان لها عميق الأثر على مسار وتطور الحركة التشكيلية الفلسطينية، ومن هذه الاسماء التي اثبتت حضورها وساهمت في الجهود الفنية نذكر على سبيل المثال لا الحصر: “وليد ابو شقرة، اسد عزي، د.سليم مخولي، كمال ملحم، وليد قشاش، احمد كنعان، عبد التمام، سيسيل كاحلي، منير باشا، عاصم أبو شقرة، فريد ابو شقرة، سعيد ابو شقرة، محمد وليد، جمال حسن، زاهد حرش، وليد ياسين، سعاد نصر، تيريز نصر عزام، اميرة الديك، ميخائيل توما، شاكر ابو رومي ، ابتهاج زيد الكيلاني ” وغير ذلك من الفنانين والفنانات.
الفن التشكيلي كغيره من الفنون هو حصيلة مكونات اجتماعية وسياسية وفكرية، وتعبير عن رؤية الفنان وموقفه من الانسان وقضايا مجتمعه، ومن خلال تعلقه بالبيئة الشعبية والواقع المعاش استطاع الفنان الفلسطيني تجسيد الواقع الاجتماعي والسياسي واستلهام الحلم الفلسطيني، والتعبير عن قضايا وهموم ومعاناة شعبنا ونضالاته من أجل السلام والمساواة، وبطريقة انسانية وواقعية مباشرة استوحى الطبيعة والمأساة الفلسطينية والوجع الفلسطيني اليومي، وصور يوم الارض الخالد والانتفاضة الشعبية ضد الاحتلال.
ختاماً يمكن القول، لدينا حركة فنية تشكيلية واقعية وطنية وتقدمية، تحددت سماتها ومعالمها بوضوح، وعززت الانتماء لهذا الشعب وتراب الوطن، وهي رافد من روافد النضال الوطني في سبيل حرية شعبنا واستقلاله، وتطلعات الفنان الفلسطيني هي المسافة الفاصلة بين الحلم والواقع.