مدخل الى عالم الطفل (1)
تاريخ النشر: 03/01/15 | 14:25من خلال تجاربي ومعاملتي مع الاطفال من جهة، ومع الاهل والمربين والمربيات من جهة اخرة ومن خلال دراستي للدماغ البشري وطرق تفكير الطفل ومراحل نموه، من خلال هذا كله رأيت انه لزاما علي شرعا ومن باب الامانة العلمية ان اكتب عن مراحل نمو الطفل وكيفية فهمنا له والطرق السليمة للتعامل معه. هذه الكتابة ستكون ضمن سلسلة مقالات تنشر شهريا ان شاء الله والله ولي التوفيق!
اولا احب ان انبه ان كلامي سيقتصر على الاربع سنوات الاولى من حياة الطفل!
لماذا الاربع سنوات الاولى؟
من خلال الابحاث التي اجريت حول مراحل نمو الطفل من الناحية البيولوجية والنفسية تبين ان السنوات الاربع الاولى هي التي يتم من خلالها تكوين شخصية الطفل وبلورتها مستقبلا.. ففي هذه السنوات يكتسب الطفل المهارات الحركية والتربية النفسية، كما وينمو الدماغ في هذه الفترة من عمر الانسان بشكل سريع ليصبح الطفل قادرا على الاندماج في المجتمعات التي تحيط به من خلال الحركة والذهن..
– الحركة تعني هنا القدرة على الاتصال مع الآخرين..
– الذهن يعني هنا الفهم.. الطفل يبدا بفهم ما يدور من حوله..
السبب الاخر الذي يجعل هذه السنوات هي الاهم هو ان الطفل يكون فيها متصلا شعوريا بالأم، فهذا الشعور وهذه العلاقة التي اكتسبهما الطفل مع الام هما اللذان سيقرران كيف سيكون الاتصال مع الاخرين في وقت لاحق.
الاطفال اللذين يجتازون هذه المرحلة الصعبة من مراحل تطورهم الاولى بشكل جيد يتوقع ان يكونوا اكثر نجاحا بل واكثر سعادة من الاطفال اللذين يواجهون مشاكل في هذه الفترة من حياتهم.
يجب على الامهات والاباء إذاً الحرص على ان يلقى الطفل كل الوقت الكافي في هذه الاربع سنوات.
كما ان للام الوقت الاكبر في تربية طفلها واعطاءه كل الحاجات التي يحتاجها مثل الاكل والشرب والدفء والحنان، فان للاب ايضا دورا كبيرا في تطوير نمو الطفل – هذا الدور لا يقل اهمية عن دور الام فكما ان للطفل حاجة للبقاء في دفء الام وحنانها فانه بحاجة لان يبقى الاب قريبا منه في هذه المراحل بالأخص، بل ان في علاقة الاب مع طفله حاجة لا يمكن حتى للام ان تعوضها!
تذكر!
السنوات الاربع الاولى هي الاهم في حياة الطفل ومراحل نموه، فان كانت هذه السنوات الاربع تشكل ربع الطفولة فإنها تشكل نصف التطور الكلي من حياة الطفل!!
كما ذكرنا.. في السنوات الاربع الاولى ينمو الطفل بسرعة مذهلة وذلك من الناحيتين:
الجسدية و الذهنية. ثمار هذا التطور تبدا بالظهور في الاشهر الاولى من حياة الطفل لتكتمل روعتها ابتداء من العام الخامس.
في العام الخامس نلاحظ ان الطفل لم يصبح طفل كما تعودانه، فباستطاعته الان ان يتعامل مع الاخرين بشكل مستقل.. فهو يدرك الوقت، المحيط والسبب والمسبب. كما ان الطفل قد وصل في هذا العمر الى مرحلة يمكن له فيها ان يتكلم بطلاقة وان يعبر عن كثير من الاشياء كلاميا.
اذن يمكن لنا ان ننظر الى السنوات الاربع الاولى على انها مدرسة خاصة، يحصل الطفل بعدها على شهادته التحصيلية!
في هذه المدرسة يجب على الاباء ان يكونوا فيها خير مدرسين.
يجب علينا ايضا ان نعلم ان لدى الطفل رغبة كاسحة لتطوير نفسه بنفسه، كما ان عند الطفل طاقة هائلة وحاجات كثيرة يريد ان يحققها.
هذه الطاقات لا يمكن للطفل ان يحققها الا بمساعدة الوالدين، فعلى الوالدين ان يبقوا متيقظين لحاجات الطفل والعمل على تنميتها في الوقت السريع قبل ان يفقد الطفل الرغبة في ذلك.
هذه الحاجات والطاقات اشبهها ب “الشبابيك”، فتكون مفتوحة احيانا وتغلق احيانا اخرى. ووظيفتنا كآباء او امهات ان ننتبه للوقت الذي يكون فيه “الشباك” مفتوحا لنساعد الطفل على تلبية حاجاته وتحقيق طاقاته. هذه “الشبابيك” هي مراحل بيولوجية يمر بها الطفل، ان لم نستغلها كما يجب اغلقت وسيكون صعبا لاحقا ان نفتحها، فتطور الطفل اسرع مما نتصور والرجوع الى الوراء وتصحيح الاخطاء والعثرات عند الطفل يكلفنا الكثير الكثير من الوقت والجهد، الامر الذي يمكننا ان نفعله بكل سهولة في الفترات التي يكون “الشباك” فيها مفتوح.
كما انه يجب علينا ان نعي ان الاطفال يشتركون في اشياء ويختلفون في اشياء اخرى!
فهم يشتركون في سلم مراحل التطور: غالبية الاطفال يصعدون نفس درجات هذا السلم وذلك بصرف النظر عن البيئة التي يعيشون فيها. فمثلا يبدا الاطفال بالزحف اولا ومن ثم المشي ويلي ذلك النطق السليم.
كما ان الاطفال يبدأون بتحسس الاشياء اولا من خلال الفم ثم اليدين وبعدها من خلال العينين.
هذا ويختلفون الاطفال في اشياء اخرى، فهم يختلفون في سرعة صعود درجات هذا السلم. فمنهم من يصعد الدرجات بسرعة بالغة وآخرين يكونون اقل سرعة وقسم آخر من الاطفال يصعدون ببطء!
هذا الاختلاف يجب ان لا يسبب قلق عند الوالدين، فهو اختلاف صحي وايجابي وليس بالسلبي بل العكس، فان هذا الاختلاف يظهر لنا جليا ان كل طفل متميز عن غيره فالطفل الذي يصعد السلم ببطء ليس اقل صحة وذكاء من الطفل الذي يصعده بسرعة..
فللطفل الاول استراتيجية تختلف عن الاستراتيجية عند الطفل الثاني، كما ان الطفل الاول يعلم في داخله انه لم يحن الوقت بعد لكي يصعد الدرجة التي تليها. هذه القدرة على صعود الدرجات وهذا الحوار والسؤال عن القدرة الذاتية يدور بشكل مستمر في داخل دماغ الطفل دون ان نعلمه او نراه. فمن الخطأ مثلا ان يحاول الاب او الام اجبار الطفل بان يبدأ بالمشي، فالطفل يعلم بداخله انه لم يحن الوقت لذلك فعندما نحاول ان نجبره بان يمشي قد نجبره بان يصعد درجات سلم معينه في الوقت الذي لم يصعد الطفل درجات سلم قبلها. فالطفل يجب ان يصعد درجات سلم تطوره الواحدة تلو الاخرى وبنجاح ومن ثم يصعد التي تليها والتي تليها..
هذا الصعود على السلم من وجهة نظر الطفل مهم جدا لتطوره السليم فمن خلاله يكتسب الخبرة التي تزداد كلما اعتلى الطفل درجة اخرى.
هذا الخبرة هي حجر الاساس الذي تبنى عليه شخصية الطفل!
وهذه الخبرة لا يمكن ان يكتسبها الطفل الا اذا تركناه يجربها بنفسه!
فالوالدين يجب عليهم ان لا يجبروا ابنهم على المشي مثلا بل يجب عليهم ان يتركوه يتعلم ذلك لوحده ولو طال الوقت!! الوالدين هنا يجب عليهم ان يشجعوه فقط ان حاول المشي!
تعلم المشي يكتسبه الطفل من خلال المشاهدة!! فما عليك ايها الاب او ايتها الام الا المشي امامه (الامر الذي يشاهده الطفل في اليوم الاف المرات) فان اجبر الوالدين طفلهما على المشي فانه سيصعد درجة السلم التي تليها دون ان يتقن درجة سلم المشي بنجاح مما سيسبب مشاكل في مراحل تطوره!
تذكر!
المهم صعود درجات سلم التطور بنجاح وليست السرعة هي التي تعنينا.
سعيد زيد
أخصائي نفسي واستشاري في تربية الاطفال (M.A)
الموضوع بجنن … عنجد مجمعنا بدو توعيه عن التربيه…
ما شاء الله
سدد الله خطاك
ما شاااااااااء الله، مقال رااااااااااائع جدا ومفيد. لقد اكتسبت معرفة عن طرق التربية لمدخل الطفل، يا ريت تكثر من مثل هذه المقالات الرائعة حقا وجزاك الله خيرا اخ سعيد
ما شاء الله أبدعت واروعت ، سلمت أناملك أخي سعيد
كم ينقصنا. مثل هذه المقالات الدسمه والهادفه والتي هي في غاية الأهميه..
اتمنى عليكم ان تستمروا في مثل هذه المقالات الاكثر من رائه
ما شاء الله .. مقال رااائع ومفيد جدااا .. سدد الله خطاك