من فضائل القرآن الكريم والعيش معه

تاريخ النشر: 04/01/15 | 14:14

كلنا يعلم أنّ القرآن الكريم كتاب الحياة، بدليل قوله تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام/ 122)، وقوله جلّ وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (الأنفال/ 24).
وما دام القرآن كلام الله فهو روحٌ من روحه عزّ وجلّ، وقد قال سبحانه: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى/ 52).

والحديث عن دور القرآن في حياة الناس حديث طويل جدّاً، لكننا سنقتصر هنا على فضائل القرآن والعيش معه.

للقرآن – تلاوةً، وحفظاً، وفقهاً، وعملاً – عدة فوائد، من أهمها:
الفائدة الأولى: أنّ القرآن إذا كان شاقاً على الإنسان ويصعب عليه فله أجران، وإذا كان سهلاً عليه، فإنما هو مع السفرة الكرام البررة.
في الحديث: “الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه، وهو عليه شاق فله أجران”.

الفائدة الثانية: الذين يقرؤون القرآن قلوبهم عامرة بالسكينة والطمأنينة والأمن والأمان، والذين لا يقرؤونه قلوبهم خاوية.
في الحديث: “الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب”.
ونحن في حاجة إلى الحفظ بأي كم وأي قدر، فقد يحال بين أحدنا وبين المصحف بسبب أو لآخر.

الفائدة الثالثة: إنّ الذين يقرؤون القرآن يوسِّع الله بيوتهم ويحفظها، وتحضرها الملائكة، وتهجرها الشياطين.

الفائدة الرابعة: إنّ هذا القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة، ويحلّيه بحلية الكرامة.
في الحديث: “إنّ هذا القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة، ويقول القرآن: يا رب حلِّله حلية الكرامة؛ فيحله حلية الكرامة، ويقول: يا رب اكسه كسوة الكرامة؛ فيكسوه كسوة الكرامة، ويقول: يا رب ألبسه تاج الكرامة؛ فيلبسه تاج الكرامة، ويقول يا رب أرضَ عنه فليس بعد رضاك شيء”.

الفائدة الخامسة: إنّ تلاوة ثلاث آيات أعظم من أن يجد الإنسان في بيته ثلاث نوق سمان (تحلب) تُهدى إليه.
في الحديث: “أيحب أحدكم إذا أتى أهله أن يجد ثلاث خلفات سمان (نون تحلب)؟”، قالوا: نعم يا رسول الله، فقال (ص): “فثلاث آيات يقرأهنّ أحدكم خيرٌ له منهنّ”.

الفائدة السادسة: جاء في الحديث أن “قارئ القرآن والمتعلم تصلي عليهما الملائكة حتى يختما السورة، فإذا قرأ أحدكم السورة فليؤخر منها آيتين حتى يختمها كي تصلي الملائكة على القارئ والمقرئ”.. أي يتركا آيتين لتضل الملائكة تصلي عليهما، ثمّ يدخلا في السورة الأخرى.
ويُزاد في هذا الأمر أن على القارئ أو المستمع أن يتركا من كل سورة آيتين ولا يختما السورة حتى تظل الملائكة تصلي عليهما وتستغفر لهم، وتُستكمل التلاوة في المصحف كله على هذا الحال.. وعند الختام، يقرأ الآيات التي يتركها في كل سورة، والحكمة من ذلك أن تظل الملائكة تستغفر له وتصلي عليه.

الفائدة السابعة: إنّ الله لا يعذب قلباً وعى القرآن (حفظ وعمل به). ففي الحديث: “اقرؤوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة، فإنّ الله لا يعذب قلباً وعى القرآن”؛ أي لا تستغنوا عن تلاوة القرآن أبداً ولا تغرنكم هذه المصاحف التي بين أيديكم وأملؤوا به قلوبكم ورطِّبوا به ألسنتكم.. وعلينا أن نحفظ القرآن ولا نعتمد على المصاحف، وأن نظل نحفظ لنستغني في يوم من الأيام عن المصحف.

الفائدة الثامنة: أهل القرآن هم أفضل الناس، قال رسول الله (ص): “خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه”.

الفائدة التاسعة: الأجر مضاعف، ففي الحديث: “مَن قرأ القرآن ولم يفقه فله بكل حرف حسنة والحسنة بعشر، فإن فقه بعضه ولم يفقه البعض الآخر فله بكل حرف حسنة والحسنة بعشرين، فإن فقهه كله فله بكل حرف حسنة والحسنة بثلاثين”.

وفي الحديث الآخر: “من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (ألم) حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف..”.
الفائدة العاشرة: يقول النبي (ص): “من استمع إلى آية من كتاب الله كانت له نور في قلبه”.. نور يفرق به بين الحق والباطل، ونور في وجهه، ونور على الصراط يوم القيامة.
يقول تعالى: (.. نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التحريم/ 8)، ويقول سبحانه: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (الحديد/ 12).

الفائدة الحادية عشرة: أنه شفاء من كل داء.
يقول (ص): “في فاتحة الكتاب شفاء من كل داء”.. كيف هذا الشفاء؟
إمّا أنّ الإنسان إذا قرأها يشفيه الله فعلاً، وإما يُدل على من ييسر له الشفاء أو طبيب يكون سبباً في الشفاء من المرض.. وقد رأيت أخاً كان وزيراً للعدل في دولة “الإمارات”، وكان عنده ألم في بطنه لم يُشفَ منه أبداً!! وقال: إنّه قرأ لابن القيم أن “أم الكتاب (الفاتحة) إذا قُرئت على ماء زمزم سبع مرات، وشربها العبد موقناً بها، شفاه الله من كل داء”.
فلابدّ من اليقين أنّ الله هو الشافي، وأنّ الشفاء ليس في الفاتحة بل هو من عند الله.
فقال: فعلت ذلك، ولم أشتكِ من بطني أبداً بعدها.

الفائدة الثانية عشرة: أنّه يحفظ صاحبه من الشيطان.
في الحديث: “ما من بيت تُقرأ فيه سورة البقرة إلا خرج منه الشيطان وله بريق أو براق”، أي خائف ومرعوب.. فعلينا أن نقرأ بهذه النية، وهي إخراج الشيطان من البيت.
وفي الرواية الثانية: “مَن قرأ أربع آيات من أوّل سورة البقرة، وآية الكرسي، وآيتين بعد آية الكرسي، وثلاثاً من آخر سورة البقرة لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان ولا شيء يكرهه، ولا يُقرأ على مجنون إلا أفاق إلا أن يكون قد سبقه من الله قضاء”.

ويقول رسول الله (ص): “تعلَّموا سورة البقرة وآل عمران فإنّهما الزهراوان، وإنهما تظلان صاحبهما يوم القيامة كأنّهما غمامتان”.. تعلَّموا بمعنى: اقرؤوا واحفظوا وافهموا.
“وإنّ القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه القبر كالرجل الشاحب، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك، فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمئتك في الهواجر، وأسهرت ليلك، وإن كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة، فيُعطى الملك بيمينه والخلد بشماله، ويُوضع على رأسه تاج الوقار، ويُكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان: بمَ كسينا هذه؟ فيُقال لهما: بأخذ ولدكما القرآن، ثمّ يُقال له: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها، فهو في صعود مادام يقرأ هذا كان أو ترتيلاً”.

الفائدة الثالثة عشرة: أنّه يحفظ من الدجال.
في الحديث: “مَن قرأ أواخر سورة الكهف وأوائلها أو قرأها كلها فقد حُفظ من الدجال”.
ففيها دعوة للتوحيد والتحمل في سبيل الله، وبالطبع تُقرأ يوم الجمعة إلى الغروب.. في الحديث: “مَن قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق”.

الفائدة الرابعة عشرة: يكون سبباً في بناء أقل شيء قصر في الجنة، وأكثر شيء لا حد له.
فخزائنه كبيرة وواسعة لا حد لها.. عشر مرات قصر، وعشرون مرة قصران، وثلاثون مرة ثلاثة قصور.

02

تعليق واحد

  1. اللهم اجعل القران العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء همومنا وغمومنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة