بركة: لوحدة الأقلية القومية المضطهدة قيمة ثورية
تاريخ النشر: 05/01/15 | 19:15شدد النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، في كلمته المركزية، التي افتتح بها جلسة المجلس القطري للجبهة في الناصرة بعد ظهر يوم السبت 3 الشهر الجاري، على أن وحدة الاقلية القومية الواقعة تحت الاضطهاد، لها قيمة ثورية، وهذا هو البرنامج التاريخي للحزب الشيوعي ومن ثم الجبهة الديمقراطية، الى جانب السعي الدائم لاختراق الشارع اليهودي، وفق مفهومنا الحقيقي للشركة الكفاحية العربية اليهودية.
القضية الفلسطينية
شرح بركة الظروف الاقتصادية والسياسية التي تجري فيها الانتخابات، فقال، إن نتنياهو سعى الى اختلاق الملف الإيراني، وجعله الملف الأول المطروح على الحلبة الدولية للتغطية على الاحتلال والاستيطان ودفن القضية الفلسطينية، ولكنه خسر هذا الملف في السنة الأخيرة، لأن الغرب بعد تجاربه في أفغانستان والعراق وغيرهما، لم ير من مصلحته خوض مغامرة جديدة، لذا اختار التفاوض مع ايران.
وبعد أن خسر نتنياهو الملف الإيراني، حاول اظهار القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني، وكأنه نضالا مرتبطا بما يسمى “الارهاب الدولي”، لذلك افتعل نتنياهو حربا دموية اجرامية في غزة، من أجل صرف النظر عن الحراك السياسي الفلسطيني، الذي يدعو الى انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية، ووضع نتنياهو القضية الفلسطينية في خانة الارهاب الذي تواجهه إسرائيل، وليس الارهاب الإسرائيلي الجاثم على صدر الشعب الفلسطيني.
وقال بركة، إن حجم الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة معروف، أكثر من 2100 شهيد، و10 آلاف جريح، وتدمير عشرات آلاف المنازل، وتدمير حياة مئات آلاف البشر، ونحن نظرنا الى الجريمة في غزة، حجم الجريمة من جهة، والمقاومة التي لم تعمل لها إسرائيل الحساب، وهنا انقلب السحر على الساحر، وتلقت إسرائيل انتقادات دولية كثيرة، ولم ينجح نتنياهو في مخططه، لوضع القضية الفلسطينية في خانة داعش والقاعدة، وكأن إسرائيل تواجه ارهابا، وليس معركة من أجل التحرر الوطني الفلسطيني، ما يعني أن هذا ملفا آخر صودر من نتنياهو.
وتابع بركة، بعد ذلك رأينا تصعيدا اسرائيليا في القدس المحتلة، وضد الأماكن المقدسة، وهذا كان بداية بفعل نواب في الائتلاف الحاكم، وبدعم من نتنياهو، من أجل تصوير المعركة والنضال الفلسطيني وكأنه حربا دينية، واستغلال ما يسمى “الخوف من الاسلام” في العالم الغربي، وتصوير القضية الفلسطينية، وكأنها صراعا بين عقيدتين دينيتين، واحدة تتبنى الارهاب وواحدة عصرية إسرائيلية يهودية، ولكن أيضا تطورات الموضوع في هذا الملف، انقلبت على نتنياهو، بفعل وقوف وصمود أبناء الشعب الفلسطيني في القدس، رغم صعوبة وصول أبناء الشعب الفلسطيني من الضفة والقطاع اليها، ونحن كنا الى حد ما ومن مواقعنا، مع أهلنا في القدس، لمواجهة هذا التصعيد.
وقال بركة، إنه للأسف، فمحاولة نتنياهو هذه، كان لها تجاوب محدود من أوساط معينة من الشعب الفلسطيني، ومن منطلقاتها هي، لتجعل القضية الفلسطينية قضية دينية، وبدأت الحديث عن عاصمة الخلافة وما شابه ذلك. ونحن قلنا ونؤكد مجددا ودائما، على أن المعركة على القدس، هي معركة على السيادة، على أن تكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وليست المعركة على العبادة، لأن السيادة في القدس تضمن كرامة الأماكن المقدسة وحرية العبادة، لأنه لا يمكن ضمان هذه الكرامة والحرية تحت حراب الاحتلال، وهذا مرتبط بالأساس الثابت، وهو أن قضيتنا قضية سياسية، وقضية تحرر وطني ودولة مستقلة في المناطق المحتلة منذ العام 1967، في الضفة والقطاع، وعاصمة القدس الشرقية. وهنا أيضا ملف تديين القضية صودر من نتنياهو.
وقال بركة، إن كل هذا، ترافق مع مشاريع التشريع العنصري في حكومة نتنياهو، التي سجلت ذروة جديدة في هذه الولاية البرلمانية المنحلة، وخاصة الدفع نحو تشريع ما يسمى “قانون القومية” (يهودية الدولة)، فهذا قانون أخطر قانون طُرح على جدول أعمال الكنيست، لأنه قانون “أساس”، قانون دستوري، بمعنى قانون مرجعية لكل القوانين القائمة واللاحقة، ما يعني أن تعريف يهودية الدولة يعلو على كل تعريف ديمقراطي آخر، أو تعريف يدعو الى المساواة الكاملة، وهذا أمر خطير على الجماهير العربية الفلسطينية الباقية في وطنها، وعلى الشعب الفلسطيني كله، كما أنه في غياب تحديد حدود الدولة، فإن القانون قد يسري أيضا على كل المناطق المحتلة، بما فيها القدس.
على ماذا تجري الانتخابات
وقال بركة، إن الانتخابات المقبلة، تجري على البرنامج الاقتصادي الصقري، والسياسة التي يريدها نتنياهو، ولكن من جهتنا، فإن الانتخابات تجري على مستقبل الجماهير العربية كصاحبة وطن، ولها حقوق متساوية، وتجري أيضا على فهم مشوّه للوضع الاقليمي، تكون فيه إسرائيل ركيزة للاستعمار والولايات المتحدة في المنطقة، كما أن الانتخابات تجري على القضية الفلسطينية، وضرورة الخروج من الوضع القائم الذي تفرضه إسرائيل، بمعنى زعم إسرائيل بأنها تريد التفاوض، مقابل استمرار الاحتلال والاستيطان، ولكن إسرائيل تواجه تحديا دوليا بالحراك الدبلوماسي الفلسطيني في الحلبة الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والاعترافات العالمية بالدولة الفلسطينية.
وشدد بركة، على أن الانتخابات تجري على هذه الملفات، وليس على منسوب الود بين نتنياهو وتسيبي ليفني، وليس على منسوب التفاهم بين نتنياهو ويائير لبيد، لذلك، حينما نتحدث عن الانتخابات، نحن كحزب شيوعي وجبهة ديمقراطية للسلام والمساواة، يجب أن ننظر للأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية لهذه الانتخابات، ووضع استراتيجيتنا وتكتيكنا، بما يتناسب مع حاجتنا السياسية لدحر هذه الحكومة، كي لا تعود الى أجندتها الاقليمية والاحتلال والاقتصادية.
فالانتخابات لا تجري على ترتيب الأوراق في ما بيننا، لا في هذه القاعة ولا خارجها، بل كيف نرتب أوراق جميع من يعارض هذه الحكومة، من أجل أن نضع أمامها جسما برلمانيا مانعا، ومن يُخطئ في هذا التقييم، أو أن تكون منطلقاته، منطلقات أخرى، سيخطئ في تقييم الانتخابات، وسيُخطئ في تقييم الضرورات الانتخابية والسياسية، التي ستكون موجودة على جدول أعمال الحزب والجبهة.
وقال بركة، إنه بناء على هذا، فنحن نريد من هذه الانتخابات، أولا، أن نعزز قوة الجبهة الديمقراطية، كقوة قادرة مبدئية، عربية يهودية، مناضلة من أجل سلام حقيقي، ومساواة حقيقية للجماهير العربية، مساواة قومية ومدنية، فأحد الجوانب التي ذكرها نتنياهو في موضوع “قانون القومية”، إنه يعترف بحقوق فردية للعرب، وليس حقوقا قومية ولا حقوق مدنية ولا جماعية، وكأن العرب في هذه البلاد، مجموعة من العابرين أو المهاجرين المتسللين، الذين لهم حق في العمل وبعض الحقوق الفردية الأخرى.
نزع المساواة عن سياقها السياسي
وحذر بركة في كلمته، من محاولات الترويج لآراء وأفكار في مجتمعنا العربي من خلال افراد ومجموعات وجمعيات ومعاهد وميزانيات تصرف، من أجل تغليب القضية المدنية، وجعل قضايا جماهيرنا العربية قضية حقوق انسان فقط، مقابل الإهمال وغض الطرف عن الجانب السياسي والجانب القومي الوطني والثقافي الجماعي للشعب الفلسطيني، وتصوير الموضوع وكأنه ترتيبات الوضعية المدنية للجماهير العربية، وهذا نمط آخذ بالاتساع في مجتمعنا،
وتابع بركة قائلا، كذلك هناك من يسعى الى نزع قضية المساواة عن جانبها الطبقي، وتغييب جوهر السياسة الاقتصادية. وشدد بركة مجددا، على أن الانتخابات تجري على مكانة الجماهير العربية في مواجهة “قانون القومية”، لنؤكد أنها أقلية قومية صاحبة وطن، وكأقلية مدنية صاحبة حقوق مدنية مشتقة من انتمائها لوطنها، وليس من كرم المؤسسة الإسرائيلية وهذا يجب ان يكون واضحا. وأكد أن هذا هو الموقف التاريخي للحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية، ونحن الآن في سياق الدفاع عن هذا الخط.
وقال بركة، لكن نحن نعرف أنه حتى لو شكلنا جسما مانعا للحكومة، فإن الحكومة البديلة لن تحمل خطنا، لهذا من المهم أن يكون أكبر قوة للجبهة، كي تحمل هذا العلم، علم السلام الحقيقي، وعلم المساواة القومية، وعلم العدالة الاجتماعية، ولجم السياسة الاقتصادية، المتوغلة في ضرب الشرائح الفقيرة والضعيفة.
وحدة الاقلية قيمة ثورية
وقال بركة، إن الجبهة تتجه الى هذه الانتخابات، من أجل أن تطرح برنامجها المتميز، الذي لا يشاطرها فيه أحد على الساحة السياسية، لا في الساحة اليهودية، ولا في المجتمع العربي، برنامج يعتمد أسس حل الصراع، والمساواة والعدالة الاجتماعية، بسياسة تعتمد على التركيبة العربية اليهودية، وعلى فهم حقيقة أن مصالح الشعبين ليست متناقضة.
وقال بركة، إنه إزاء الأخطار التي تتربص بالجماهير العربية، بصفتها أقلية مضطهدة، فنحن نريد لها أن تلقي بجل ثقلها، على اختلاف تمايزاتها وافكارها ومشاربها، من أجل أن تقف في مواجهة الاضطهاد وسياسة التمييز التي تتعرض له، وهذا هدف تاريخي، وضعناه على سلم أولوياتنا كجبهة وحزب، فهناك من يتشدقون بأنهم هم من بلوروا الشخصيات والأطر للأقلية الفلسطينية في هذه البلاد، وهذه مغالطة وتشويه للتاريخ، فالحزب الشيوعي، وقبل أن يقيم الجبهة، مر بتجارب اقامة أطر مكافحة للجماهير العربية، في مطلع سنوات السبعين، مثل اتحاد الطلاب الجامعيين العرب، واللجنة القطرية للطلاب الثانويين العرب، واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية، كاطار كفاحي، ولجنة الدفاع عن الأراضي، وقيادة يوم الأرض الخالد، وقبل كل هذا لجنة المبادرة الدرزية، المناهضة لفرض الخدمة العسكرية.
وايضا الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التي نجتمع تحت سقفها اليوم، فقد قامت في عز عنفوان وقوة الحزب الشيوعي، بعد يوم الأرض، فالحزب لم يقل إنه يريد التقوقع، فأنا قوي، بل في تلك الفترة بالذات اختار ان يتجه الى اطار سياسي أوسع، ولهذا، فإن وحدة الجماهير العربية، هو مشروع جبهوي وحزبي شيوعي بامتياز، ووحدة الاقلية القومية المضطهدة، ليست انغلاقا قوميا، خاصة واننا نطرحها في اطار التركيبة اليهودية العربية، وفهمنا الخاص للعمل المشترك، ونشدد على قناعتنا بأن لوحدة الأقلية القومية المضطهدة قيمة ثورية، وفق مفاهيمنا الثورية.
وقال بركة، إننا نريد أن نطرح حوارات أخرى في الشارع اليهودي، على أساس شخصيات وتنظيمات ومجموعات، ولا شيء يشد من أزر هذا الخط وهذه السياسة أكثر من هذا التفاعل الذين نريده أن يتفاعل ويتعزز في الشارعين العربي واليهودي.
وتابع بركة قائلا، إن رفع نسبة الحسم، والظروف التي تجري فيها الانتخابات، تحتم علينا أن نفكر في اتجاهات أخرى، وأحد الأمور التي يجب ان نفحصها في اطار خياراتنا السياسية، هي كيف نرفع نسبة المشاركة في الانتخابات، بين الجماهير العربية، التي بطبيعتها تصوت لأحزاب وتيارات معادية لليمين وحكومة نتنياهو، لأنه كل زيادة في نسبة التصويت، ستكون زيادة في قوة المجتمع العربي، وقوته السياسية، ويقلص قوة اليمين.
واستعرض بركة معطيات واحصائيات انتخابية من الانتخابات الأخيرة ومن الاستطلاع الداخلي الذي بادرت له الجبهة، مشيرا الى احتمالات رفع نسبة التصويت، وزيادة التمثيل العام، للقوى التي تمثل الشارع العربي، مؤكدا أن كل شراكة للجبهة في قائمة واحدة، ستكون وفق برنامج الجبهة وتركيبتها العربية اليهودية، دون أي تنازل عنها أبدا.