تحليل ونقد لمقالة شاكر فريد "الاسلام والدموقراطية"
تاريخ النشر: 10/09/12 | 14:25مرة أخرى أشكر الاخ شاكر فريد على مبادراته بالتطرق لمواضيع فكرية هامة يجب ان تنال اهتمامنا وجهودنا البحثية والفكرية. إلا انني اجد نفسي بعد قراءة هذا المقال، غير موافق على بعض طروحاته، ربما لأنها لم تحظ بالشرح الوافي من الكاتب وربما لأنها جاءت من باب تكرار ما ورد في ابحاث ونصوص لآخرين. كما اني اود في بداية تعليقى التعبير عن رفضي لاتهامات وردت في النص للمستشرقين وللعثمانيين ولغيرهم ….
من جهة اولى، المستشرقون هم باحثون ذوو خلفيات عرقية، دينية، وإيديولوجية مختلفة ومتنوعة، ولا يمكن وصفهم بالتغريض وبالافتراء لمجرد عدم الموافقة على رأي أو أكثر من آرائهم أو لعدم توافق نتائج دراساتهم مع تصوراتنا لأنفسنا، مجتمعنا أو ديننا. الواجب هو الاطلاع على ابحاثهم ومؤلفاتهم ودراستها بشكل جاد وبذهن مفتوح حتى نتمكن من تأييد ما صح منها ورفض ما لم يصح. فالادعاء مثلا “بأن التخلف والجهل حالة متجذرة وراسخة في المجتمع العربي الإسلامي وسببها الإسلام” خاطيء من أساسه، تشهد على ذلك الصروح الحضارية والعلمية التي بنيت وطورت في فترات مختلفة ابان الحكم الاسلامي الاموي فالعباسي فالعثماني. فهل كانت هذه النهضة على استمرارية واحدة وبنفس الوتيرة؟ يشهد التاريخ على عكس ذلك. فنظام الحكم الاسلامي وعلى مر عدة قرون، مكن في فترات معينة من نشوء العلوم وتطورها وفي فترات أخرى كبحها وقمع العاملين بها. بهذا الخصوص، لا يختلف النظام الاسلامي عن النظم الاخرى، ولا تختلف الحضارة العربية-الاسلامية عن حضارات سبقتها وأخرى تلتها. واجبنا اليوم ان نصل من خلال دراستنا لحضارتنا ان نعي الظروف والشروط التي ادت الى الرقي والعمران لكي نكررها وتلك التي ادت الى الافول لنتجنبها.
أما الادعاء بأن “الديمقراطية فكرة غريبة عن الإسلام والحضارة العربية الإسلامية” فهذا رأي صحيح ولو انها غريبة عنه بمقدار غربتها عن الديانات الاخرى، اليهودية والمسيحية من جهة، وأديان الشرق الاقصى من جهة ثانية. فأي من هذه الديانات لم تأت بنظام حكم مبني على “الشعب” أو الاغلبية. حتى الديمقراطية الاثينية لم تكن ديمقراطية بالمعنى الذي نقصده اليوم فقد استثنت النساء والعبيد من المشاركة والتصويت. فهل هذا مأخذ على ديانات نشأت قبل آلاف السنين؟ طبعا لا! فاليهودية والمسيحية لم تطرحا نظام حكم الاكثرية وكذلك لم تفعل الديانات البوذية والهندوسية والشنتوئية اللاتي حافظن على بل وكرسن التجزئة الطبقية للمجتمعات في الهند والصين واليابان، طبقات الاسياد العليا وطبقات العبيد والخدم الدنيا. بهذه النظرة، لا يختلف الاسلام عن غيره من الديانات المذكورة جوهريا فيما يخص نظام الحكم. فالإسلام لم يلغ الرق ولم يحرمه. وهو لم ينشئ نظاما يمثل حكم الاكثرية ولا مكن النساء من المشاركة المتساوية في الحكم. المطلوب اليوم هو ملائمة طريقة الحكم الديمقراطي للمجتمع العربي-الاسلامي وذلك لما لهذا النظام من حسنات قياسا الى انظمة الحكم الاخرى.
وهنا لا بد من طرح تساؤل جريء بعض الشيء وهو: هل يمكن ان تكتفي مجتمعاتنا اليوم بنظام الشورى الذي ابدعه الاسلام وشكل في حينه تطورا هائلا قياسا بأنظمة الحكم الاستبدادية التي سادت فارس وروما وغيرها؟
لا اعتقد ذلك. في مصطلحاتنا الحديثة يمثل حكم الشورى في سياقه التاريخي، قبل ما يقارب 1400 سنة، نوعا من نظام الاوليغاركية، حكم مجموعة صغيرة وليس حكم الفرد، وهو متطور اذا ما قيس بنظام حكم الامبراطور-الاله في اليابان او بالسلطة المطلقة لبابا الفاتيكان في اوروبا. لكن ما الضمان الى ان هذه المجموعة سوف تحكم بالعدل؟ ومن اين لنا بأنها لن تنزلق الى حكم الفرد كما حدث في العالم العربي الاسلامي؟ وما الضمان الى ان القرارات سوف تطاع وبأنه لن تنشب نزاعات تؤدي الى سفك الدماء؟ لم يستمر حكم الخلفاء الراشدين الاربعين عاما حتى انتقلت الخلافة الى بني امية الذين توارثوها ابنا عن اب وأخ عن أخ حتى ثار العباسيون عليهم فانتقلت اليهم ليتم توارثها بينهم. ومن جهة اخرى لم يشمل نظام الشورى المتبع آليات لضبط عمل الهيئات الادارية ولا الفصل بين السلطات ولا انظمة المراقبة الكفيلة بسير الحكم كما يجب، فنشبت الخلافات والاقتتال حول خلافة الامام علي (كرم الله وجهه) وظاهرة الخوارج ومعركة الجمل ….
صحيح ان الإسلام جاء “بأفكار ومفاهيم وطروحات وقيم جديدة ساهمت في تشكيل الوعي الفكري والسياسي والثقافي لدى مجموعات من الفقراء ودعت الى مناهضة الظلم والظالمين ومحاربة القهر والغبن والاستبداد إلا انه لم يوفر الآليات النظامية لتثبيت هذه التأثيرات الايجابية وضمان استمراريتها عبر القرون.
ليس صحيحا ما ذكره الاخ شاكر فريد من ان “الحكم العثماني والاستعمار الأجنبي في البلدان العربية الاسلامية هو الذي أوقف ومنع مسيرة التطور العلمي والتقدم الحضاري، الاجتماعي والاقتصادي والثقافي في المجتمعات العربية الإسلامية”، الصحيح هو ان الركود الذي مس هذه المسيرة، والآفات البنيوية في النظام المؤدية اليها، هي التي أوهنت الحكم وقطعت أوصال الامبراطورية الى امارات متفككة وضعيفة، هي التي ادت الى استيلاء العثمانيين على مقاليد السلطة. وهي نفس الاسباب التي ادت الى تضعضع حكمهم بعد بضعة قرون لتتحول بلادنا الى مستعمرات يحكمها الاستعمار الاجنبي.
ختاما وبالرغم من كل ما ذكر اعلاه لا اجد بدا إلا ان اضم صوتي لصوت الاخ فريد الى “أن ما تحتاجه ثقافتنا العربية الاسلامية المعاصرة والراهنة هو الفكر الاسلامي المتجدد والمتنور والعقلاني، الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة وبين العقل والدين”.
بقلم د. حسام مصالحة , كفرقرع
اقرأ في بقجة مقال الكاتب شاكر فريد:الأسلام والديمقراطية
السلام عليكم ,
الاسلام ليس كما قلتم باخر المقاله انه لم يوفر الالية لاستمرار الفترة الراشديه التي لها صدى ايجابي بل ان الخلفاء هم اول من فصلوا بين السلطات حين تقاضوا عند القضَاء والكل يعرف الروايات بل ان عمر رضي الله عنه غير قرارات عده عارضها من حوله باستشاره حكيمه وهو من قال قوموني اذا اخطاءت وعثمان الذي نزل الى المعارضين وتساءل معهم بسلطة القراَن رغم كونهم اصحاب فتنه ولم يامر بقمع رؤوسهم. الية الاسلام هي الاكثر ميثاليه للديموقراطيه او الحكم العادل كافضل تسميه والذي كسر هذه الاليه هي الفتنه التي اشعلها اعداء الاسلام وشكرا
تمنيت ان اكون مثل د. حسام مصالحة
أنا اشد على يد الاخ حسام الذي نقدره بان يطلعنا القليل عن رساله الدكتوراه الحاصل عليها وتجربته ألعلميه والمهنيه —وشكرا