تحت حكم واحد: يعيشون أقل، يمرضون أكثر

تاريخ النشر: 08/01/15 | 13:03

“فرّق تسُد” عنوان تقريرٍ جديدٍ صدر اليوم عن منظّمة “أطباء لحقوق الإنسان” طارحًا ولأوّل مرّة مقارنةً في الأوضاع الصحيّة بين إسرائيل والأراضي المحتلة، وذلك اعتمادًا على معايير صحيّة وأخرى اقتصاديّة-اجتماعيّة تؤثّر على قدرة الجمهور تحصيل حقوقه الصحيّة.

وتؤكّد معطيات التقرير على وجود فجوات جديّة بين الشريحتين: فعلى سبيل المثال يجد التقرير أن مأمول العمر (متوسّط البقاء على قيد الحياة) لدى الفلسطينيين أدنى بـ10 سنوات مما هو عليه عند الإسرائيليين؛ معدّل وفيّات الرُضّع أكبر بخمس أضعاف في المناطق المحتلّة مما هو عليه بين الإسرائيليين (وفاة 18.8 رضيعًا فلسطينيًا من كل 1،000 طفل مقابل 3.7 رضّع). معدل وفاة الأمّهات في الأراضي المحتلّة يشكّل أربع أضعاف معدّل وفاة الأمّهات في إسرائيل (28 أمًا فلسطينيّة من كل 100،000، مقابل 7 أمهات إسرائيليّات).

كذلك، يشير التقرير إلى فجوات جديّة في التمويل، توفير الخدمات، والموارد البشريّة في جهاز الصحّة الفلسطينيّ. حيث يجد التقرير مثلًا أن الميزانيّة المخصّصة للصحّة النفسيّة في المناطق المحتلّة أقل بثماني مرّات من الميزانيّة في إسرائيل. نسبة الأطباء في إسرائيل أعلى من نسبتهم في المناطق الفلسطينيّة- 33.3 طبيبًا إسرائيليًا مقابل 2.08 طبيبًا فلسطينيًا لكل 1000 مواطن؛ نسبة الأطباء المختصّين في إسرائيل أعلى بثماني مرّات من نسبتهم في الأراضي المحتلّة- 1.76 طبيب إسرائيلي مختص مقابل 0.22 فلسطيني لكل 1000 مواطن؛ نسبة الممرضين في إسرائيل تصل إلى 4.8 ممرض لكل 1000 مواطن، بينما في الأراضي المحتلة فهي لا تتعدى الـ 1.9. كذلك يفيد التقرير إلى أن عددٍ من التطعيمات غير المتوفّرة للفلسطينيين بينما هي متوفّرة للمواطنين في إسرائيل، مثل التطعيم ضد التهاب الكبد الوبائي (هبيتيتس A)، الجدري، التهاب الرئتين، وباء الروتا، ووباء الورم الحليمي (بابيلوما). كما يُشير التقرير إلى أن انتشار الأمراض التلوثيّة والأوبئة تنتشر في الأراضي المحتلّة أكثر بكثير مما هي عليه في إسرائيل.

كذلك، يرصد التقرير عمل أجهزة السيطرة الإسرائيليّة التي تمنع وزارة الصحّة الفلسطينيّة، إلى جانب إخفاقات السلطة ذاتها، من توفير الخدمات الطبيّة الكاملة لسكّان الأراضي المحتلّة، وهي بذلك تمسّ بصحّتهم. فعلى سبيل المثال نرى التقييدات الإسرائيلية على حريّة الحركة للمرضى، الطواقم الطبيّة، سيارات الاسعاف والأدوية، في داخل الضفّة الغربيّة، وبين الضفة الغربيّة وقطاع غزّة والقدس. السيطرة الإسرائيليّة على ميزانيّة السلطة الفلسطينيّة عمومًا بما في ذلك ميزانيّة الصحّة. يضاف إلى ذلك سيطرة إسرائيل على أموال الضرائب المفروضة على البضائع الواردة لمناطق السلطة الفلسطينيّة. حيث تستخدم إسرائيل سلطتها هذه بوتيرة عالية كإجراء عقابيّ فلا تحوّل الأموال المستحقّة للسلطة، وتؤدي بذلك إلى المسّ بتمويل الجهاز الطبّي الفلسطيني وتجبره على البقاء في حالة من عدم الاستقرار.

الجهاز الطبي الفلسطيني عالق في أزمة مزمنة لا تحول دون تلبية حاجات الجمهور الطبيّة. ويتأسس التقرير على الادعاء بأن هذه الحالة المأزومة لجهاز الصحّة الفلسطيني ليست وليدة اللحظة، إنما هي مرتبطة أشد ارتباط بالسيطرة الإسرائيليّة على الأراضي المحتلّة. ورغم فسحة الأمل التي تركتها اتفاقيّة أوسلو، إلا أننا نشهد على أرض الواقع منذ عقدين وجود مجموعتين تحت ذات الحكم وذات الرقعة الجغرافيّة، ولكنهما تتمتّعان بحقوقٍ متفاوتة.

مور إفرات، مركزة قسم الأراضي المحتلّة في أطباء لحقوق الإنسان: “من واجب وزارة الصحة الفلسطينيّة أن تقدم الخدمات الطبيّة للجمهور قدر استطاعتها، ولكن من واجب إسرائيل أن توفّر كل الخدمات التي لا تستطيع وزارة الصحة الفلسطينيّة تقديمها، ضامنةً أن يتلقّى الطفل الفلسطيني والطفل الإسرائيلي- الذين يعيشون في بعض الأحيان في مناطق تبعد مئات الامتار فقط- علاجًا طبيًا متساويًا”.

hg

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة