340 لاجئ فلسطيني من سوريا في قبرص
تاريخ النشر: 08/01/15 | 17:42بعد إنقاذ سفينتهم من الغرق، حيث كانت متوجهة إلى السواحل الإيطالية عن طريق مرفأ مدينة مرسين بتركيا بتاريخ 25/9/2014 وإنقاذ الركاب من قبل خفر السواحل القبرصية، واستقبالهم وإقامة مخيم للاجئين خاص بهم في إحدى ضواحي العاصمة القبرصية نيقوسيا تحت مسمى “لاجئين غير شرعيين”، وتوفير ما يلزم من إحتياجات أولية بعد أن تم إجبارهم على “التبصيم” في قبرص ومنعهم من الوصول إلى الدول الأوروبية، وبعد إنتهاء فترة الثلاثة أشهر، وهي مدة الإقامة القانونية التي منحتها السلطات القبرصية لهم، يعيش حوالي 340 لاجئ فلسطيني هربوا من جحيم المعارك الدائرة في سوريا حالة من الخوف والقلق من المستقبل والمصير المجهول.
بتاريخ 22 تشرين الأول/أوكتوبر 2014، وعد وزير الداخلية القبرصي سوقرات يسهاسيكوس، بتقديم كافة التسهيلات الممكنة للمقيمين في المخيم في إطار القانون القبرصي والقوانين الدولية للاجئين الفلسطينيين، لإيجاد حل مناسب يضمن حقوق الإنسان الفلسطيني اللاجئ وفقاً للمعايير الدولية، لكن حتى تاريخه لم يتحقق الوعد، والكلام بدأ يدور عن تحضيرات تقوم بها السلطات القبرصية من أجل إغلاق المخيم دون توفير بدائل، وبالتالي التساؤلات عن المصير وطريقة وأُفُق المعالجة.
لم تتوقف مطالبات اللاجئين بتسوية أوضاعهم القانونية وتحقيق مطلبهم باللجوء إلى أي من الدول الأوروبية، وقد عبَّروا عن ذلك بمختلف الفعاليات من إعتصامات وتظاهرات وبيانات ومناشدات للمنظمات الدولية كالصليب الأحمر الدولي والمنظمات الحقوقية والمفوضية الأوروبية والقنصلية الفلسطينية، دون أي إستجابة عملية ترتقى لمستوى حجم إحتياجاتهم الإنسانية والقانونية. في المقابل تستمر المبادرات الأخوية التي يقدمها بعض الفلسطينيين المقيمين في قبرص من زيارات وتفقد لأوضاع المخيم وتقديم شيئ من المساعدات حسب الإمكانات، فلا مجال للعودة من حيث اتوْا بعد فقدان جوازات السفر ووثائق التنقل، ناهيك عن البدء بمواجهة بعض المشاكل الأمنية؛ فقد قضى اللاجئ احمد عبد الله بتاريخ 25/12/2014 في ظروف غامضة وهو من سكان حي البرامكة في دمشق، حيث وجدت جثته ملقاة على قارعة أحد الطرقات بعد عدة أيام على اختفائه ولا تزال تحقيقات وزارة الداخلية القبرصية مستمرة دون القبض على الجناة.
هي ليست المرة الأولى التي يضطر فيها اللاجئون الفلسطينيون النازحون من سوريا لركوب البحر هرباً من ويلات الحرب وبحثاً عن ملاذ آمن، وهم يدركون في قرارة انفسهم المخاطر المحدقة برحلة الهجرة سواءً من أرواحهم أو أموالهم وأفراد عائلاتهم..، وما الذي يمكن أن يواجهوه من متغيرات الطقس والعواصف البحرية، وإستهتار الدول الواقعة على ضفاف البحار، وحتى دفْع ثمن الخلافات بين المحتالين من عصابات الإتجار بالبشر وسماسرة التهريب إلى أوروبا؛ ففي “يوم الجمعة الكارثي” بتاريخ 11/10/2013 غرق قارب يحمل ما بين 400 إلى 500 لاجئ بسبب تقاعس السلطات الإيطالية لعملية الإنقاذ حيث أن الأمواج جرفت القارب باتجاه مالطا التي بدورها اعتذرت عن تقديم المساعدة نتيجة عدم توفر الإمكانات، ومن ثم تدخلت السلطات الإيطالية للإنقاذ بعد 20 دقيقة لكن بعد فوات الأوان، فقد غرق القارب ونجا 233 لاجئاً وتم توثيق 36 جثماناً فقط، وبقي حوالي 150 ضحية في حطام المركب المحطم.
في شهر تشرين ثاني/ نوفمبر 2013 أصدر كل من المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في جنيف ومجلس العلاقات الأوروبية الفلسطينية في بروكسل تقريراً مشتركاً من ستين صفحة حمل عنوان “قوارب الموت” موثِقا لأسباب ركوب اللاجئين للبحر الذي اختصرها بالبحث عن الحياة بسبب انعدام الأمن وغياب الرعاية الأممية في دول الجوار.
نعتقد بأن المطلوب الآن وعلى جناح السرعة قيام السلطات المعنية الفلسطينية والقبرصية ومنظمات حقوق الإنسان وتدخل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بالسعي لايجاد مخرج إنساني قانوني يحفظ كرامة اللاجئين في “المخيم” ويطرح حلول بديلة مناسبة، خاصة ان اللاجئ الفلسطيني بهذه الحالة أصبح خارج نطاق عمليات “الأونروا” ويحظى بـ “حماية مؤقتة” من قبل المفوضية، التي تقوم بزيارة المخيم وتتفقد أحوال اللاجئين، دون أن يتم تسجيلهم بشكل نظامي في سجلاتها على اعتبار ان اللاجئين بشكل عام في قبرص مرتبطين بوضع اللاجئين في دول الإتحاد الاوروبي حيث لها قوانينها الخاصة، لكن المفوضية اتهمت قبرص في تموز 2014 بانها توفر ظروف “غير مناسبة” للاجئين.
مع ما يتعرض له اللاجئ الفلسطيني من إستهداف..، بات من الضرورة القصوى السعي لتوفير الحماية الجسدية للاجئين سواء في سوريا أو غيرها من مناطق عمليات “الأونروا”. عار على الأمم المتحدة أن يبقى اللاجئ الفلسطيني دون سواه من اللاجئين في العالم، وبعد حوالي 67 سنة على اللجوء، ألا ينطبق عليه قانون الحماية الجسدية في أماكن اللجوء.