حكاية "عكرّت الماء"…
تاريخ النشر: 13/09/12 | 2:54حكاية “عكرّت الماء”… والاعتداء الدموي على الشاب المقدسي جمال الجولاني!!
حكاية الشاب جمال الجولاني المقدسي مع المجموعة السائبة من الشباب اليهودي المتطرف والاعتداء الدموي عليه أشبه بحكاية الذئب والحمل الوديع في حكاية “عكرّت الماء” وما حدث مع الضحية المقدسية جمال الجولاني يحدث أحياناﹰ كثيرة مع مواطنين عاديين من المواطنين العرب، ولتبرير الاعتداء العنصري على أبناء شعبنا من قبل المعتدين المتطرفين اليهود فهنالك الادعاءات الواهية والتي لا حصر لها، ادعاءات مفتعلة أشبه بورقة التوت التي يوارون بها عوراتهم وحججهم الواهية والباطلة والتي لا أساس لها إلا الكراهية العمياء والبغضاء والعنصرية الحمقاء… وعودة إلى حكاية “عكرّت الماء” وأصل هذه الحكاية أن ذئبا وحملاﹰ صغيراﹰ وردا نهيراﹰ لشرب الماء وللارتواء، اتخذ الذئب له مكانا في أعلى النهير بينما وقف الحمل الصغير على حافة النهير عند أسفله، ولما فرغ الذئب من الشرب وارتوى من مائه العذب توجّه نحو الحمل الصغير وقال له غاضباﹰ ومهدّداﹰ: لماذا عكرّت الماء عليّ؟! ولكنني في أسفل النهير وأنت في أعلاه والمفروض أن الذي في أعلى النهير هو الذي يعكّر الماء على من في أسفله، قالها الحمل بصوت خافت فيه الخوف!! آه… الآن تذكرت…أن أباك هو الذي عكرّ الماء عليّ قبل سنة وعليك أن تسدّد فاتورة حسابه فأنقض الذئب عليه وافترسه….
فعندما سار قطيع الزعران من الفتيات والفتيان اليهود وهو يعدّ بالعشرات، في شوارع القدس الغربية، سار وفي نيته البحث عن فريسة لاصطيادها أي البحث عن ضحية عربية، للتنكيل بها وحتى القضاء عليها، وشاءت الصدف أن يتواجد الشاب جمال الجولاني وأثنين من أقاربه في أحد الأحياء الغربية من القدس ليوقعه حظّه السيء بين أيدي وأرجل هذا القطيع لينهال عليه الجميع تقريباﹰ ضرباﹰ ولكماﹰ وركلاﹰ ودوساﹰ، أوسعوه ضرباﹰ حتى فقد وعيه وتركوه وقد اعتقدوا أنه فارق الحياة، وكان جمهور كبير من المواطنين اليهود شهود عيان على هذا المشهد التراجيدي المأساوي، إلا أنهم لم يتدخلوا لإنقاذه أو مساعدته اللهم إلا من شاب يهودي شهم أبت عليه مروءته وإنسانيته وأخلاقه العالية إلا أن يتدخل ويحاول إسعافه لينتقل بعدها جمال إلى المشفى في حالة إغماء وفقدان للوعي وفي حالة صحية يرثى لها، وعندما سئل المعتدون عن سبب اعتدائهم الوحشي الهمجي على جمال الجولاني ومحاولة قتله تذرع الفتيان بعدة أسباب واهية اختلقوها اختلاقاﹰ منها: أن جمال بصق على أحدهم، وأخرى انه شتم أم أحدهم وكان آخر ادعاءاتهم أن إحدى الفتيات المشتركات في هذا الاعتداء الدموي “اللنش” كانت قد تعرّضت لاغتصاب من قبل شاب عربي الأمر الذي نفاه محامي هذه الفتاة لاحقا وعلى لسان موكلته.
إذن فهذا الاعتداء الدموي العنصري أو “اللنش” كما يسمونه هو ترجمة حرفية وتجسيد لأخلاق وتصرّفات الشباب اليميني المتطرّف من اليهود خاصة أولئك المسمون “فتيان الهضاب” وأوباش عصابة دفع الثمن תג מחיר الذين دنسّوا المساجد والكانس وبعض مستوطني المستوطنات كمستوطنة تبواح ويت عاين ، وما يقومون به من اعتداءات شبه يومية على سكان القرى الفلسطينية، على حقولهم ومزارعهم وحيواناتهم المنزلية وعلى بيوتهم وآبارهم مصادر مياههم، وقطع أشجارهم المثمرة وحرقها، ولم تسلم منهم السيارات ومن بداخلها من المواطنين الأبرياء أحياناﹰ، وإذا ما أضفنا إلى أعمال الزعرنة والعربدة والتنكيل هذه تبنّى هذه العناصر شعار فريق كرة قدم بيتار القدس، والذي أصبح بالنسبة لهذا الفريق بمثابة النشيد القومي ألا وهو شعار “الموت للعرب” البغيض، وأمام هذه المعطيات فلا غرابة أن تصل هذه القطعان من الذئاب إلى هذا الانحطاط الأخلاقي والغير إنساني. وإذا لم تتدخل السلطات الإسرائيلية وبجميع أذرعها لوقف مثل هذا الانفلات بل هذه الزعرنات، فسيصبح كل مواطن عربي مرشحاﹰ أن يكون الفريسة القادمة، لأن افتراس فريسة أصبح كما يبدو رياضة محببّة لدى هذه القطعان السائبة.
وكلمة حق يجب أن تُقال في هذا المقام فمقابل صورة هذا المشهد القاتمة، كانت هنالك نقطة ضوء ناصعة متمثلة في ذلك الشاب اليهودي الشهم الذي حاول مساعدة وإنقاذ جمال الجولاني، فطوبى له ولأمثاله من الشعب اليهودي الذين يؤمنون بالعيش المشترك المبني على الكرامة والاحترام المتبادل.