الدعاء.. في علاقة العبد بربه

تاريخ النشر: 11/01/15 | 20:04

(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة/ 186).  ربّما كانت الأجواء التي عاشت فيها الآيات المتقدمة، من تقوى الله التي ينطلق فيها الإنسان مع الصوم، ومن شكر الله على ما أنعم به على الإنسان من نعمة الطاعة والرعاية والتيسير…

ربّما كانت هذه الأجواء تحمل الكثير من الإيحاءات الحميمة التي تفتح قلب الإنسان على الله في محاولة للتقرُّب إليه، كوسيلة من وسائل الحصول على لطفه ومحبته ورضاه في كثير مما يهم الإنسان من شؤون حياته في تطلعاتها وأحلامها وآلامها، وهذا مما يجعل القضية تلح على وجدان الإنسان، في سؤال عميق عن طبيعة العلاقة التي تشد الخالق إلى مخلوقاته.

فكانت هذه الآية تقريباً لروعة الألوهية التي انطلقت عظمتها وقوتها في رحمتها للعباد، فهي قريبة إلى كل آمالهم وآلامهم ومطامحهم ونوازعهم في شتى مجالات حياتهم، تستمع إليهم في دعواتهم، وتلبيهم في نداءاتهم، وتستجيب لهم في مناجاتهم من دون وسيط أو شفيع، بل هي الكلمات التي تنطلق من القلب لترتفع إلى السماء حيث المحبة والرحمة والعفو والمغفرة.
إنّها دعوة الله إلى عبده أن يستجيب له، فيدعوه لأن في ذلك خلاصاً له من كل سوء أو شدة، وتحرراً عن كل عبودية لغير الله عندما يشعر أنّ الله هو وليّ حاجته، فمنه الفرج لكل شدة، وبه الخلاص من كل سوء، وهو – لا غيره – مالك الدنيا والآخرة، ووليّ الحياة والموت، وبيده مقاليد الأمور، وذلك هو سبيله إلى الشعور بالأمن والطمأنينة والإستقرار، حين يشعر بأن حاجاته الصعبة هي في دائرة رحمة القادر على قضائها والعالم بما يصلحه أو يفسده منها… وهي في الوقت نفسه دعوة إلى الإيمان به، لأنّه الحقيقة الواضحة التي لا يحتاج الإنسان في وعيها، وفي الإيمان بها، إلى مزيد من الفكر والتأمل والمعاناة؛ بل يلتقي بها في كل شيء يعيش معه، وفي كل ظاهرة من ظواهر الوجود. وفي الحالين معاً، في الدعاء عندما ينطلق، وفي الإيمان عندما يتحرك الرشد – كل الرشد- في واقع الحياة وفي حركتها الصاعدة أبداً إلى الله.

03

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة