المرأة العربية والشعر
تاريخ النشر: 11/01/15 | 13:59نلحظ في العقود الأخيرة كثرة الفتيات العربيات اللواتي يقرضن الشعر. فقد ظهرت على ساحة الأدب والإبداع أعداد هائلة من المواهب الشعرية الواعدة، ممن ولجن رحاب هذا العالم الجميل من أوسع أبوابه، لأن الشعر من الأصناف الأدبية الأقرب إلى روح المرأة ونفسها، وتستطيع من خلاله البوح والتعبير عن مشاعرها وأحاسيسها وخباياها، وما يواجهها من كبت نفسي وجنسي واضطهاد طبقي وقمع ذكوري.
ولا جدال في أن المرأة تختلف عن الرجل بشدة المشاعر ورهافة الحس، ورقة العاطفة، وعمق الاختلاجات، التي تؤثر في سلوكها وبوحها. وهي ضعيفة، كثيرة البكاء والعويل، وشديدة الحزن والكآبة إذا فجعت بفقدان حبيب أو قريب، وتحرص دائماً أن تكون قريبة من أهلها وأحبائها. لهذا نجدها صادقة في التعبير عن خلجات قلبها وما تلاقيه من صنوف العذاب والألم الإنساني والمعاناة الحياتية، أكثر من الرجل.
والحقيقة أن غالبية القصائد التي تكتبها وتنتجها المرأة متحررة من القيود والأوزان ولا تخضع لبحور الخليل بن احمد الفراهيدي، لأنها تريد لقصيدتها أن تكون حرة، طليقة، دون التقيد بالوزن والقافية والتفعيلة، وتريد لكلماتها الصادرة من الأعماق وسويداء القلب ورحم المعاناة،الانسياب على الورقة كما هي.
أن قراءة سريعة بين خبايا القصائد النسوية كافية أن تبين بوضوح وجلاء، بأنها محاولات عاكسة للتجارب الحياتية والمشاكل اليومية والقضايا الاجتماعية الجوهرية، وفي صلبها الأغلال التي يفرضها عليها مجتمعنا العربي المتمسك بعاداته وتقاليده. وهي قصائد رومانسية وغزلية ووجدانية وعاطفية ناعمة تزخر بالحب الصادق، الذي حرمت من التمتع به، فتحيا في دنيا الأحلام الوردية التي تراودها في ليلها ونهارها. كما وتفجر غضبها وكبتها وحقدها المتأجج على مجتمعها، الذي يظلمها ويحاصرها ويكبلها، ويقف حائلاً بينها وبين الحبيب لمبادلته الحب العاطفي الجميل. كذلك نجد الكثير من القصائد تصف الطبيعة الخلابة في تلال وجبال بلدنا، وتتغنى بالوطن الذي يشكل معادلاً موضوعياً للحبيب، الذي يمنحها الدفء والحنان والحياة، ويمدها بالأمل والتفاؤل، وتصور الشوق والحنين للأهل والأحبة، وللماضي الجميل والذكريات الحلوة، والوقوف على الأطلال مثلما كان الشاعر الجاهلي يفعل ذلك.إضافة لجوئها إلى رثاء الأصدقاء والمعارف والأقرباء.
وخلاصة القول، أن القصيدة التي تكتبها المرأة العربية هي ومضات ونبضات آتية من الحلم والواقع، ومشحونة بالحزن والألم والنقمة على المجتمع، وتتفجر حباً للإنسان العاشق المحب والوفي، الذي يصون الوعد والعهد، وتلوّن حياتنا بالصدق والموقف الإنساني الحقيقي المتفهم لمشاعرها، والداعم لها في كفاحها من اجل تحررها الاجتماعي.وهذه القصيدة من النواحي الفنية والجمالية تتراوح بين الضعف والرتابة، وبين القوة والأصالة.
بقلم: شاكر فريد حسن