أنا ملاك الموت الوحيد

جاءتني بالأمس رسالة عبر بريدي الاليكتروني غريبة جداً، كنت علي وشك أن أزيلها من الصندوق البريدي خوفا من أن تكون “فيروساً” يدمر الإيميل. كانت تحت عنوان “أنا ملاك الموت الوحيد”. من هذا الذي ينعت نفسه بملاك الموت ،قررت أن أفتحها لأن الفضول كاد أن يقتلني، وجدت “ملاك الموت الحقيقي” يخبرني أنه بعد سلام وتحية يقول: لا تخف ولا تندهش أنا اخترتك لكي أخبرك بشيء يصيبني باليأس والخيبة. أنت وحيد وأنا وحيد. وكما كنت تقول يا عزيزي “الوحيدون طيبون بالفطرة وأنهم يعرفون بعضهم البعض”، وانا عرفتك وأتمني أن تعرفني. سأقص عليك ما أشعر به، وقررت أن أرسل لك يا سلمي نص الخطاب الذي جاءني، هو طلب مني هذا لأنه يعرفك جيداً من رسائلي.

أنا ملاك الموت
لا أحب ولا أكره
ولا أنتظر
لم أسكن يوماً في كوخ خشبي
علي البحر الأبيض
تمر الأيام مثل أعداد الموتى التي أحصدها كل يوم
بلا قلب
أنا صديق رجال المقابر
الذين لا يهابونني
اليوم فقط
فقط
أشعر برعشة في جسدي
اليوم فقط
فقط
لا أقوي علي العمل
أنا الخائف
أنا القلب المهان
لن أستطيع أن أكون شيطان الليل كعادتي
جاءتني برقية لطيفة من فتاة لا تعرفني
ولا أعرفها
تخبرني بأنها تريدني في رحلة نيلية
اليوم فقط
فقط
أنا العاشق
لم أخش موت قيصر
أو تدمع عيني من زرقاء اليمامة
ولم أفتن من عين كليوباترا وأنا أتجسس عليها في الليلة التي تختم حكاية حزينة
لم أفكر في قبلة علي شفاه فتاة عذراء
تقبلني لأول مرة
لم أعرف قسوة الوداع
فلم يكن لي أب
أنا حاكم أمري
أنا المجهول الذي ينتظره الفقراء كل ليلة
أشاهد العالم من نافذتي
وأنا أدخن آخر سيجارة
أمام شمعة رومانسية
لم يقاسمني أخ في رغيف
ولم أفطم علي تفاحة الخطيئة
اليوم فقط
فقط
سأجرب الابتسامة
وسأسحب جزءاً من رصيدي البنكي لأدفع ثمن وجبة الغداء
اليوم فقط
فقط
سأترك بقشيشاً مناسباً لمجهود النادل
وسأكون عاشقاً لهذه الفتاة
ولكن بماذا ستنادينني الفتاة؟
لم يكن لي اسم
ولا بطاقة قومية
أنا وطني
أنا هويتي
أنا الاسم والمنادى
اليوم فقط
فقط
سأذهب قبل ميعادي بوقت كاف للانتظار
سأجرب الانتظار واللهفة
دخلت النهار بيدي
وتركت قدمي في الليل
وجدت ورقة مكتوبة بسنين جديدة
وحروفها أشهر ميلادية
وبخط نفس الفتاة
” أنا أحب الحياة ..
أعتذر عن المقابلة
فأنا أقبل عاشقي الوحيد الآن”
اليوم فقط
فقط
أنا البائس
أنا الوحيد
أنا الموت
سحبت يدي من النهار
وتركت مكانها وردة لفتاة ما ستخبرني بالانتظار
بقلم باسم شرف