الصفعة التي غيرت وجه التاريخ
تاريخ النشر: 13/01/15 | 9:17صفعة واحدة من قلب متجبر قاس متغطرس تسببت في ازهاق روح شاب بسيط يعمل جاهدا لسد رمق اسرة كبيرة ليس لها دخل الا ما يجنيه ربها، وهو لا يتجاوز ( 150 دولارا شهريا).
الحياة للأغنياء والموت للفقراء. فالأغنياء يزدادون غنى وتكرشا، وللفقراء الموت الزؤام. فماذا يضير أو يضر ” فادية حمدي”، صاحبة الصفعة المهينة التي أحرجت البوعزيزي أمام ما لا يقل عن مئة عين من المارة، أو من شاء له القدر أن يحضر تلك الواقعة؟
كان في الثالثة من العمر حين انتقل أبوه الى جوار ربه مخلفا عائلة بسيطة شريفة ليس من أولويلتها الا الستر والعيش بكرامة. وكعادة متبعة، أحيانا، في وطننا العربي، فقد بنى عمه بامه ليجمع شتات الاسرة، ويحميها من التشرد و الضياع. و يشاء المولى عز وجل أن يقدر على العم اسباب رزقه، ويقع طريح الفراش من مرض الم به.
هب الطفل- البوعزيزي- لانقاذ العائلة الكبيرة من براثن الحاجة و السؤال؛ عمل بعد انتهائه من الدوام المدرسي، وعمل في كل وقت ممكن لأجل اعالة الاسرة. ولما ازدادت أعباء الاسرة ومصاريفها (المتواضعة)، ترك المدرسة وتفرع للعذاب والهرولة وراء رغيف الخبز، وشاء الرزاق عز وجل أن يحصل على عربة متواضعة تحمل همومه وهموم اسرة بائسة.
ويكأن الحياة الشريفة محرمة على البسطاء والشرفاء من بني البشر. جاءته صفعة حارقة ماحقة من يد الجبروت الذي لا يرحم، وكانت صفعة العمر التي مهدت الطريق لمن تحت المطارق لنفض غبار الاستكانة والذل، مرددة بصوت عال:”إرحل”، ولم يخيب ظنهم، ورحل.
يونس عودة