الجهل ومثلبه
تاريخ النشر: 16/09/12 | 4:09الجهل في معناه العام .السفه والخطل وسوء التصرف وسوء الخلق , وما ينتج عنه من مثالب ومعايب , وشرور ورذائل ,من سلوك عملا وقولا , وقد يتولد عنه , الطيش والنزق والرعونة وعدم التريث والحذر والتمرد , وهذه المثالب من لأقوال والأفعال يقود بالنتيجة الى ما لا تحمد عقباه , فتكون وبالا عليه وعلى غيره من الأفراد والجماعات والقبائل ,وتؤدي إلى الفوضى والاضطراب ,والجهل هو الأرض الخصبة التي تنبت الشر والفساد والحمق والأذى من سوء أخلاق ,
وحطة همة وخسة ودناءة ,هذه المعايب والنقائص ابناء هذا النبات الخبيث الشرير . لا سيما الحماقة والطيش والنزق والرعونة والخفة والفساد .
والجهل نقيض الحلم وسعة الصدر , وما يترتب على الاول من اخطار واشرار مستطيرة (قال تعالى :ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى ) حيث يتضح هنا ان الجهل والجهالة , هي السفاهة والغرور , والفسق والفجور وهذا هو الجهل بمفهومه,
والخطل سوء التقدير واتباع الهوى وما تزين له النفس من قول وفعل على غير رشد وهداية .وليس الجهل عدم معرفة القراءة والكتابة ,ومن لايعرف القراءة والكتابة , نقول له امي . وليس جاهلا ,فقد يكون الامي على اخلاق سامية وذوق
رفيع , وأدب وافر جم ,يتصف بخلال حميدة , ومزايا كريمة , يه الشجاعة والمروءة والصدق والأمانة والشهامة والوفاء .قال الشاعر الجاهلي : وهو من أصحاب المعلقات .(عمرو بن كلثوم التغلبي )
الا لا يجهلن احد علينا _____________________________________________________ فنجهل فوق جهل الجاهلينا
فالجهل هنا التكبر والتعالي وبما يحمل من تهديد ووعيد لكل من تسول له نفسه الاعتداء او التطاول علينا , يلقى سوء الجزاء وسوء العاقبة , ولا يحصد الا الندم والحسرات ومر الهزيمة , وهذا قانون العرب في جاهليتهم .
وقال بعض حكماء العرب : ( لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ______________________________ ولا سراة اذا جهالهم سادوا )
السراة : جمع سري وهو سيد القوم الشريف الشجاع . مآخوذ من , سرو : شرف .
فجهلة الناس هم السفلة الاراذل , الذين لا تستقيم معهم الحياة . ولا يشعر معهم بامن ولا في حياة مستقرة , بل في بؤس وشقاء , وفوضى وهوان, فهم المفسدون في الارض , وهم السوقة السفلة الذين يديرون حانات الشر والاذى
والوقيعة بين الناس ظنا منهم انهم الصالحون , ولكن بئسوا وخسئوا . قال تعالى:(واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون ,الا انهم المفسدون ولكن لا يشعرون , واذا قيل لهم امنوا كما امن الناس قالوا انؤمن كما امن
السفهاء , الا انهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ) .اجل هؤلاء هم الجهلة السفلة , هؤلاء هم الفسقة الفجرة , الذين يتصفون بالحمق وسوء الخلق وانحطاط الهمة والمروءة . ويخشون الناس ولا يخشون الله .
وقد تستعمل لفظة الجهل والجاهل , في سياق اخر , بمعنى لا اعرف ولا ادري وهذا دارج على السنة الناس , بأنني لا اعرف كثيرا من الأمور , أو لا ادري عن الشئ . فالمرء لا يعرف كل شئ , ولا يدري ولا يحيط بكل شئ.
وهذا ليس هو الجهل الذي نحن بصدده , والحديث عنه . فكان العرب في الجاهلية اهل علم وادب , واهل بلاغة وفصاحة وبيان , وانما أطلق عليهم لفظ الجاهلية , للدلالة على الجاهلية الدينية والسفاهة ,لان السفاهة والانحطاط
هي السائدة والمستحكمة في النفوس وشهد لهم انذاك القران الكريم على هذه الاخلاقيات السفيهة المنحطة , وايضا الى جانب ذلك فيهم الشرف والمروءة والامانة والصبر والشجاعة والصدق . كما شهد عليهم الادب وكتب التراث
على ما اتصفوا به من مكارم الاخلاق ونبيل المزايا , من وفاء بالعهد وصدق واباء وانفة والجود والسخاء , ما تزخر به كتب التراث من كنوز وذخائر مثالية رائعة . لدلالة واضحة على حياة العرب في الجاهلية , يعيش حياة عزة
واباء وانفة وكبرياء , يرفض الضيم والذل والهوان , وهكذا يدل القران الكريم دلالة واضحة جلية على تصوير حياة العرب ,بعاداهم وتقاليدهم الاجتماعية وادابهم الوافرة . مناقب , ومثالب .
من محمد صبيح