نيجيريا: تظهر الأقمار الصناعية حجم ضرر هجوم بوكو حرام على باغا
تاريخ النشر: 13/01/15 | 14:05تشير الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية التي نشرتها منظمة العفو الدولية اليوم إلى وجود أدلة دامغة وصادمة على حجم الهجوم الذي شنه مسلحو بوكو حرام على بلدتي باغا ودوروم باغا الأسبوع الماضي.
تُظهر الصور الملتقطة لبلدتين متجاورتين هما باغا (التي تقع على بعد 160 كم من مايدوغوري) ودورون باغا (المعروفة باسم دورو غوون التي تبعد 2.5 كم عن باغا) قبل الهجوم وبعده في 2 و7 يناير/ كانون الثاني الآثار المدمرة للهجمات التي أتت على أكثر من 3700 هيكل ومبنى أو ألحقت بها أضرارا جزئية. كما تعرض عدد من البلدات والقرى المجاورة لهجمات خلال نفس الفترة.
وفي معرض تعليقه على الموضوع، قال الباحث في الشؤون النيجيرية بمنظمة العفو الدولية، دانييل آير: “تظهر هذه الصور التفصيلية حجم الدمار الهائل والكارثي الذي لحق باثنتين من البلدات جراء الهجوم الذي مسح إحداهما عن الخارطة تقريبا”.
وأضاف دانييل آير قائلا: “من بين جميع هجمات بوكو حرام التي حرصت منظمة العفو الدولية على تحليلها، يُعد هذا الهجوم الأكبر والأكثر تدميرا حتى الآن. ويمثل اعتداءا متعمدا على المدنيين الذين حرقت منازلهم وعياداتهم الطبية ومدارسهم وأتت النيران عليها بالكامل”.
ويتناول تحليل الصور اثنتين فقط من البلدات والقرى التي وقعت فريسة لسلسلة من الهجمات التي شنتها بوكو حرام اعتبارا من 3 يناير/ كانون الثاني 2015. وفي بلدة باغا كثيفة السكان والتي تبلغ مساحتها 2 كم مربع، دُمر 620 مبنىً بشكل كامل أو جزئي بعد أن أُضرمت النيران فيها.
وأما في دورون باغا، فلقد دُمر 3100 مبنىً بشكل كامل أو جزئي بعد أن أتت النيران على البلدة التي تبلغ مساحتها أربعة كيلومترات مربعة. وتظهر الصور الملتقطة بتاريخ 7 يناير/ كانون الثاني أن قوارب الصيد الخشبية التي ظهرت في الصور الملتقطة بتاريخ 2 يناير/ كانون الثاني لم تعد موجودة على طول ساحل البحيرة، وهو ما تطابق مع روايات شهود العيان الذين قالوا أن سكان البلدة فروا بالقوارب عبر بحيرة تشاد.
ولقد فر آلاف الأشخاص من أعمال العنف عبر الحدود إلى تشاد أو أجزاء أخرى من نيجيريا لا سيما مدينة مادوغوري عاصمة ولاية بورنو. والتحق هؤلاء بمئات الآلاف من النازحين داخليا واللاجئين الذين زادوا الضغط على موارد المجتمعات المحلية المضيفة والسلطات الحكومية. وتدعو منظمة العفو الدولية حكومتي نيجيريا وتشاد كي تحرصا على توفير المساعدات الإنسانية الملائمة للنازحين وتوفير الحماية لهم.
ويتطابق الدمار الظاهر في الصور مع الإفادات المروعة التي حرصت منظمة العفو الدولية على جمعها. وتشير المقابلات التي أُجريت مع شهود العيان ومسؤولي الحكومة المحليين وناشطي حقوق الإنسان إلى أن مقاتلي بوكو حرام قد أطلقوا النار على مئات المدنيين.
وأخبر رجل في الخمسينات من عمره منظمة العفو الدولية عما حصل في باغا أثناء الهجوم قائلا: “لقد قتلوا الكثير من الناس. وشاهدت مقتل حوالي مئة شخص في باغا حينها. فهرولت مسرعا نحو الأحراج وأثناء ذلك لم يتوقف المقاتلون عن إطلاق النار وقتل الناس”. واختبأ بين الأحراج القريبة قبل أن يكتشف مقاتلو بوكو حرام أمره لاحقا ويقوموا باحتجازه في دورون باغا لمدة أربعة أيام. وتحدث الفارون عن مشاهدتهم للمزيد من الجثث ملقاة بين الأحراج. وأخبرت امرأة منظمة العفو الدولية با يلي: “لا أعلم عددها بالضبط، ولكن كانت هناك جثث ملقاة في كل مكان”.
ووصف شاهد عيان آخر كيف أطلق مقاتلو بوكوحرام النار عشوائيا متسببين بمقتل الأطفال أيضا وإحدى النساء أثناء المخاض. وقال الشاهد: “لقد قُتلت المرأة وقد تدلى نصف جسد مولودها منها”.
تكرر استهداف مقاتلي بوكو حرام للمجتمعات المحلية بناء على تعاونها المزعوم مع قوات الأمن. كما شُنت هجمات وحشية على البلدات التي شكلت ميليشيات تدعمها الدولة اُطلق عليها اسم “فرق العمل المشترك المدنية”. ونشطت هذه المجموعات في باغا وأكد مسؤول عسكري رفيع المستوى لمنظمة العفو الدولية سراً أن الجيش اصطحب احيانا عناصر تلك الميليشيات في عمليات لمهاجمة مواقع بوكو حرام. وأخبر أحد الشهود منظمة العفو الدولية أنه سمع أثناء الهجوم على باغا مقاتلي بوكو حرام يقولون انهم يبحثون عن عناصر فرق العمل المشترك المدنية مع تفتيشهم المنازل واحدا تلو الآخر بحثا على رجال في سن تخولهم المشاركة في القتال.
وعقب وقوع الهجوم على باغا، وصف الشهود كيف جال مقاتلو بوكو حرام الأحراج بمركباتهم للإمساك بالنساء والأطفال والمسنين الذين فروا من البلدة. وقالت امرأة احتُجزت لدى بوكو حرام أربعة أيام: “أخذ مقاتلو بوكو حرام حوالي 300 امرأةٍ ووضعونا في إحدى مدارس باغا. ثم أخلوا سبيل المسنات منهن والأمهات ومعظم الأطفال بعد أربعة أيام، ولكنهم لا زالوا يحتجزون النساء الأصغر سناً”.
وتناشد منظمة العفو الدولية جماعة بوكو حرام أن تتوقف عن قتل المدنيين. كما يجب التحقيق حسب الأصول في عمليات قتل الجماعة للمدنيين وتدمير ممتلكاتهم كونها تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وينبغي على الحكومة أن تخذ جميع الخطوات القانونية الممكنة التي تكفل استعادة الأمن في شمال شرق البلاد وتوفر الحماية للمدنيين.
وقال دانييل آير: “حتى الساعة، أدى عزل بوغا مع ما رافق ذلك من سيطرة بوكو حرام على المنطقة إلى زيادة صعوبة التحقق مما جرى على ارض الواقع هناك. ولم يتمكن المدنيون من العودة إلى ديارهم لدفن موتاهم ناهيك عن إحصاء عدد قتلاهم. ولكن أصبح من الممكن عقب الاطلاع على الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية وسماع الإفادات المروعة لشهود العيان رسم معالم ما يُرجح أن يكون واحدا من أكثر هجمات بوكو حرام دمويةً”.
واختتم دانييل آير تعليقه قائلا: “وصرح مدير معلومات الدفاع في نيجيريا الأسبوع الحالي أن عدد القتلى في باغا، بما في ذلك القتلى في صفوف مقاتلي بوكو حرام (لم يتجاوز 150 قتيلاً حتى الآن). وتشير هذه الصور وروايات الناجين من الهجوم إلى أن الحصيلة النهائية لعدد القتلى مرشحة أن تكون أعلى من هذا الرقم بكثير.”