في نقد الخطاب الديني السلفي
تاريخ النشر: 24/09/12 | 8:34لقد طرأت على مجتمعاتنا العربية خلال العقود الأخيرة تحولات وتغيرات قيمية وبنيوية متعددة وظهرت تيارات فكرية ومذهبية وسياسية مختلفة ،كما نشا ما يسمى بـ “غول”التطرف الديني التكفيري المنفلت على العلمانية والعقلانية، ونتيجة ممارساته وهجومه الغوغائي اقتحمت الشوارع العربية حوادث عنف واغتيال راح ضحيتها العديد من المفكرين والمثقفين العلمانيين النخبويين السابحين ضد التيار السائد ،المؤمنين بالاجتهاد والداعين إلى تحديث العقل العربي الإسلامي وتجديد الفكر الديني.وفي الوقت الذي تزدحم فيه الحياة الحديثة المعاصرة بكل عناصر العلم والمعرفة والفلسفة والتكنولوجيا والتفاعل العميق مع التطورات والأفكار الجديدة ،نرى التيارات الدينية السلفية والغيبية الظلامية المتطرفة، التي تموج فيها مجتمعاتنا العربية الإسلامية تفرض احتكارا على الدين والفكر الديني ،وتخنق الفكر، وتنشر الأساطير والخزعبلات ،وتحارب بشراسة التنوير والإصلاح والحداثة، وتفسر الدين تفسيرا معاديا للعقل والاجتهاد ،وتطرح أفكاراً شديدة التعصب والتخلف والرجعية إزاء الثقافة والفكر والإبداع والتطور العلمي وتدعو للعنف وتكفير المجتمع وتهديم النسيج الاجتماعي ومصادرة رأس المرأة وملامحها.
وما من شك أن الرجعيات والأنظمة العربية تقوم باستثمار واستغلال سياسي للدين يكون ريعه تدمير المجتمع العربي الإسلامي عدا عن تعميق التناقضات والصراعات الطائفية والقبلية فيه وتمنع تطوره وتقدمه ،كذلك فان الجماعات والحركات المتأسلمة ذات الطابع السلفي الظلامي تتغذى من النفط السعودي وتستثمر اللحى والجلباب والحجاب من اجل سرقة الفقراء وسرقة الأوطان.
لقد استخدم السلف الفكر الديني بعمق ووعي وعقلانية ،لتأصيل وعصرنة المفاهيم الإسلامية ورفع مستوى الوعي العربي الإسلامي وتحويل الدين إلى رافعة للمجتمعات العربية الإسلامية لتتمكن هذه المجتمعات من التصدي للتحديات التي تجابهها ،لا سيما في الميادين الاقتصادية والثقافية والاجتماعية .وان رواد الفكر العربي الإسلامي المضيء والمشرق من رفاعة الطهطاوي وعبد الرحمن الكواكبي ومحمد عبده وقاسم أمين وصولا إلى جيل طه حسين واحمد لطفي السيد وسلامة موسى وعلي عبد الرازق وخالد محمد خالد وسواهم ،ساهموا فعلياً في نهضة المجتمع وتحرير المرأة ومشاركتها الفعالة في مختلف مناحي الحياة ،ودافعوا عن حرية الراي والتفكير واحترام الرأي الآخر ،بينما نجد الأصوليات الإسلامية السلفية تعمل وتسعى جاهدة إلى تقييد حركة الراهن وجعله أسير الماضي ،وان تمجيدها لهذا الماضي هدفه تهديم الحاضر دون تقديم برنامج ومشروع مستقبلي عصري وتجديدي وعقلاني .كذلك فان السلفية الجديدة ترى ان كل الأسئلة القائمة التي يطرحها الإنسان موجودة في الغريزة أو في الدين ،ونتيجة ذلك فان الإنسان لا يقرا الدين على ضوء أسئلة الحياة وإنما يقرا الحياة على ضوء تعاليم الدين .
وفي حقيقة الأمر أن تراثنا يحمل في ذاته مجموعة من القيم الروحية والأخلاقية العليا ،ويزخر بالنزعات المادية والعناصر والجوانب التقدمية والديمقراطية .وقد حافظت هذه العناصر على بقائها ورسوخها من خلال علاقتها المادية الصادقة مع ثقافتنا القومية التقدمية ،وهذا التراث كان وسيبقى دائما مع وحدة المظلومين والمقهورين ضد الظالمين والمستبدين .
ولا جدال أن قوى التعصب وجماعات الإسلام السياسي هي قوى متعصبه ورجعية ومتزمتة معادية للإبداع وللعلم والديمقراطية والتعددية والحرية وشرعية الاختلاف ،والمساواة للمرأة ،ومعادية للحضارة الإسلامية السمحة التي تحمل ملامح ديمقراطية وعقلانية مدهشة ،وأيضا معادية لقوانين التطور ولطموحات الإنسان العربي في التقدم والتطور الحضاري في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والعلمية والاقتصادية .ومن نافل القول ،إن قيادات الحركة السلفية يتسمون بمعاداة العقل والتفكير المنطقي استدلالا بالنص المقدس الذي يدعو هو نفسه إلى ضرورة أعمال العقل وتحريض النبي الكريم على هذا بقوله : “انتم اعلم بشؤون دنياكم “. إنهم يديرون ظهورهم لكل مستجدات الواقع والحياة ويؤسسون لفكر أحادي يقدس النص ويكرس الجهل والتبعية ويعادي الثقافة والفن والإبداع ،ويفرضون معايير وأوضاعا ماضوية تعتبر ردة حضارية ودعوة إلى تمزيق المجتمع وعزله عن حضارة العصر، ومحاولة فرض سلطة دينية على هذا المجتمع . ولذلك فعلى القوى التحررية التقدمية والتيارات الفكرية والإيديولوجية العلمانية المكافحة والمقاتلة لأجل التجدد العام لمجتمعاتنا العربية ،كشف حقيقة وزيف الجماعات الدينية الأصولية السلفية التكفيرية المتطرفة التي تعارض التأويل المستنير والعقلاني للنصوص الدينية.وهذه الحركات تدعي الإسلام وتشوه جوهره الوسطي الإنساني وبعيدة عن روح وجوهر الإسلام الحقيقي المتسامح والمنفتح، وعن تراثه وتقاليده وتعاليمه المتميزة بالسماحة واحترام الآخر ،الإسلام الذي يدعو إلى الثورة على الظلم السياسي والقهر الطبقي والاجتماعي ومواجهة الفقر والجهل والتخلف ،ونشر المحبة والوئام والتكافل بين البشر ،علاوة على التصدي بالفكر والجدل والسجال لخطابها السلفي المنغلق ومشروعها السياسي ،وإبراز صورة الإسلام النيّر الذي أعطى وقدم الكثير للحضارة العربية الإسلامية ..الإسلام المشرق الذي ينشد الحرية والإنعتاق وتهذيب الإنسان ورقيه وتطوره .وأيضا الوقوف في وجه دعاوى الشعوذة السياسية والظلامية ،لان هذا دفاع عن حق مجتمعاتنا على امتداد الوطن العربي في التقدم الحضاري ومواكبة روح العصر باتجاه بناء وتأسيس الدولة المدنية المعاصرة القادرة على التخطيط العلمي المنهجي الواقعي في خدمة طموح الجماهير الى حياة أفضل وأجمل وأخصب ،لا دولة الإكراه والتعصب الأعمى والجاهلية الجديدة والطائفية المقيتة البغيضة ،ودولة العنف والتصفيات الجسدية والاغتيالات الفكرية لكل من يجرؤ على الاجتهاد وممارسة الحرية التفكير العقلاني المغاير والبديل .
شكرا أخي فريد على هذا المقال الزاخر بالمعلومات وبالتحليل لعملية فكرية-دينية قديمة، أدت بقدر كبير الى الحد من تطور المجتمع العربي-الاسلامي خلال قرون عديدة خلت، وجددت نشاطها في العقود الماضية وفاقمت من اوضاع مجتمعاتنا.
كان بودي التعليق على مقالك يوم قرأته للمرة الاولى في يوم نشره، الا انني آثرت الانتظار ربما يفتتح التعليق عليه أحد غيري. لكن كما ترى أن هذا لم يحصل. فعذرا!
قبل ايام، قامت بقجة مشكورة بنشر مقال عنوانه “زواج موسى عليه السلام وما فيه من دروس وعبر” ولشديد الاسف لم يذكر اسم كاتبه. هذا المقال مثال حي على الكثير مما أوردته من صفات واساليب الخط الديني السلفي، من تكفير للآخر وحد للفكر الحر واعماله ومن هجوم على المرأة وشرعية مساواتها للرجل وغيرها الكثير، ولعلي سآخذ الوقت في الايام القريبة لنقده.
فيما عدا ذلك أتمنى على مثقفينا الذين قرأوا ودرسوا مثل هذه المواضيع، أو اجتهدوا فيها بقواهم الخاصة، ان يرفعوا صوتهم ويعملوا يراعهم في الكتابة. فنحن وان سكتنا وامتنعنا عن التعليق، نريد ان نزداد فهما للعملية الفكرية التي يمر بها مجتمعنا.
مع خالص شكري وامتناني
لا إله إلا الله ، كتاب الله حق وبه الهدايه للصراط المستقيم والحياه السويه ، ولا يوجد حاكم ولا متصرف إلا الله ، أيقن ذلك من أيقن وجهل ذلك من جهل والحمد لله رب العالمين
نعم أخي عبد الله
ولعل هذه الحياة السوية تشمل حرية الفكر والتعبير، حرية العمل والتنقل، وواجب اعمال العقل في كل ما من شأنه ان يحسنها.
الاخ کاتب المقال والاخ الناقد …الافکار الخطأ والظلام اللی
معبی اقلامکم السوداء ..من التهم المعلبه من الرجعیه
والتخلف والظلام وقهر المرأه وغیرها من التهم المشوهه
بها روؤسکم .من افکار غربیه جاهزه وما انتم سوی ناقلین
لهذه الافکار اللی شوهت عقولکم وشوهت التیار السلفی
الذی هو علی الحق .ولازم انت وایاه لما عاملین حالکم
بتفهموا بالسیاسه وتفهموا التیارات الاسلامیه .ولو انکم
بتعرفوا حق معرفته وعرفتوا العلماء الربانییین السلفیین
وسمعتوا منهم قوله حق .لتغیر کلامکم .وحسبی الله علی
کل من شوه صوره الاسلام السلفی الحق .ولا حول ولا قوه
الا بالله العلی العظیم ..
أوافقك الرأي أخي كلمة حق .. وأنصح بقراءة القرءان والسنه النبويه وفهم عظمة هذا الدين “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” ، وكل التيارات الأخرى ما هي إلا ضلالات في الدنيا وظلمات يوم القيامه
الاخوة الكرام، كلمة حق وعبد الله
هذا ما نتكلم عنه، هذه النظرة الاحادية الموقف، انتم فقط على حق والباقي على ضلال.
ما تقولونه هو الحق، وحده، ولا مجال لاعمال الفكر في أي شيء. صحيح ان من حقكم التفكير لكن ليس من حقكم التكفير. من اين لكم باننا لا نقرأ القرآن؟ هل صرحنا لكم بذلك ام انكم تقولون ما لا تعرفون؟
عندما أقرأ مثل هذه الاية الكريمة التي اوردت أعلاه “وما أرسلناك الا رحمة للعالمين” أفهم بأن هذا الدين، الاسلام، يجب ان يكون رحيما، رؤوفا، متفهما، وليس دين بطش وقمع. دين يعطي الناس حقوقها، رجالا ونساء، دين يهدي ويؤسس لمجتمع مبني على المساواة في الحقوق والواجبات، للرجال وللنساء، دين سمح يمكن من لديه رأي، أن يعبر عنه بحرية، دين لكل زمان، يحفز أبنائه على طلب العلم والحكمة في كل زمان. هكذا انظر الى الاسلام بغير ما تنظران. وحول هذه النظرات المختلفة يجب ان يدور النقاش، حول الماهية وليس الشخصية، دون مس بمشاعر أو تقليل احترام، بلا تضليل او تكفير.
بارك الله فيك اخي عبد الله …كلمة حق والا نخاف في الله لومة لائم …
والاخ مصالحة … احنا مش ضد شخص معين ولا اي فكر بنمي البشريه ويرقى بها الي اعلى الدرجات ..ولكن نحن ضد تلك الافكار المسمة عن الاسلام والمسلمين والتيارات الاسلاميه التي ظهرت ..ما ظهرت الا لتبدد تلك الافكار والتهم المنسوبة للاسلام والمسلمين من تهم الارهاب والظلال والتكفير وغيرها من التهم الجاهزة التي تطلقونها هنا وهناك افتراء على الاسلام واهله ..ونحن نعرف ما نقول حق المعرفة لاننا ما نقوله اخذناه من القرأن والسنة المطهرة ومن السلف الصالح …الذي لم يعش الاسلام احلى واروع انتصاراته الا في فترة ظهور سيدنا محمد ومن بعده سلفنا الصالح الذين نقتدي بهم ونمشي على خطاهم بما يرضى الله …ونحن لا نقول انكم لا تقرأون القرأن ..انتم تقرأونه لكنكم تفسرونه على اهوائكم ..ما يعجبكم تأخذونه وما لا يعجبكم تردونه …وأيه وما أرسلناك الا رحمة للعالمين” تفهم ان هذا الدين رحمة لكل الناس رحمة للعالمين (العربي والغربي )الذي رفض الحق ورفض الانسانية ..وليس هناك دين كرم ورفع من مكانة المرأة كالاسلام ..هو ما طلب منها الحجاب الا لانها غالية …لانها جوهرة ثمينة لا يراها الا من يستحقها …كل هذه امور نعرفها ولا حاجة لان تفهمنا ديننا …
يا اخي عبر عن رأيك انت ..لكن لا تأتينا بافكار واراء منقولة وسئمنا من سماعها في الاخبار والاذاعات والمقالات ..التي حشت عقول البشر حشوااا بهذه التهم الباطلة ..كل تفجير وكل عمل ارهابي وكل تخريب وقتل …يلقون به على الاسلام والمسلمين ..حتى يبعدوا الشبهات عنهم وهم اصل الارهاب والظلال واللتخريب …وانا هنا اتحدث عن الجوهر جوهر الاسلام الي نفخر به ولا عن شخصية بعينها …
شكرا لك أخي كلمة حق خاصة على موافقتك بأن النقاش لا يجب ان يكون شخصيا.
القضية التي تعاني منها المجتمعات الاسلامية هي بالاساس تضائل دورها في المساهمة بالتطور الحضاري وذلك منذ عدة قرون من الزمن، بعد ان كان لها دور السيادة والريادة غي ذلك. وأنا وغيري من الناس نطرح السؤال لماذا؟ ونريد ان نجد الجواب ليس من اجل التقريع او التجريح. بل من اجل تدارك الاخطاء وتعميم الصحيح لكي تنهض امتنا ومجتمعاتنا من جديد.
كيف يعقل ان نكون قد اسسنا من العلوم الكثير وابدعنا فيها بشكل لم يسبق له مثيل في وقت كان الاوروبيون لا زالوا يعيشون في حالة جهل وفقر، ثم يأخذون عنا علومنا ونهجنا وطبنا وفلكنا وغيرها، يتفوقون علينا ويكرسون تفوقهم. فالقضية اذا ليست ابنة اليوم او العصر الحاضر، بل هي في فترة زمنية سابقة، حصل بها تغيير معين في نهجنا نحن،في تهجنا الفكري، في انفتاحنا واعمال عقولنا، ولا علاقة للغرب بذلك.
والسؤال تعاد صياغته من جديد ما هي اسباب ركودنا الحضاري؟
العفو اخي مصالحة …اوافقك الرأي ان المجتمعات الاسلامية كان لها سيادة وريادة في حقبة معينة من الزمن منذ عدة قرووون وهذا ما اتحدث عنه ايام الفتوحات والانتصارات الاسلامية والعربية على حد سواااء ..وهذا التحدي الكبير الذي وصل اليه المسلمون بشكل خاص من العلوم والحضارة والتقدم كان في تلك الحقبة من الزمن …فما قال عنه الرسول عليه الصلاة والسلام من 1433 سنه يكتشفه العلم اليوم …لكن هذا التقدم لم يعجب اعداء الاسلام الذين بدأوا يشوهون الاسلام والمسلمين ويدسون بينهم افكار الحرية والديمقراطية التي يتحدثون عنها ..حتى اخرجت المرأة عارية بالشوارع وحطمت كل معاني الانسانية والاسرية بما يبثونه من سموم تلوث عقول الشاب المسلم في علومهم والتكنلوجيا التي استخدموها لانفسهم بالنفع وللغيرهم بالخراااب خصوصااا للمسلمين لانهم لا يريدون لهم التقدم ولا السيطرة ..لانهم يخافون ان تعود تلك الحقبة من الزمن الباهر الذي عاشه المسلمين ..وعاش في ظل ذلك التقدم كل الشعوب التي حكمها الاسلام ..حيث نضجت وتقدمت …
اوافقك الرأي ان القضية ليست وليدة اللحظة ..لكن يجب ان تبدد كل تلك الافكار عن الاسلام ..فنحن لسنا كذلك …لسنا كما يقولون ..ففكرنا منفتح وقابل للتغير والتجدد ولكن ضمن ما شرعه الله وسنه الحبيب واقتدى به سلفنا الصالح …
ولكن لا اوافقك ان الغرب لا علاقة لهم بالموضوع …وهذا ما نحاول ان نوصله بنهجنا الفكري المتحضر وهو بابعاد تلك السيطرة والهيمنة الغربية علينا وسترى بنهجنا وفكرنا الحضاري المتطور كيف سنرقى بنا وبشعوبنا اعلى المراتب …