لماذا ندعو الله فلا يستجيب لنا

تاريخ النشر: 07/05/15 | 14:02

{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.
في هذه الآية أسرار ومعان عظيمة تعال نتدارسها معا..
إن المؤمن الحق يدرك أن لا ملجأ من الله تعالى إلا إليه، وفي هذه الآية الكريمة يؤكد الحق -عز وجلّ- أنه قريب من عباده يجيب دعاءهم ويلبي نجواهم.
وقد روي أن إعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: يا رسول الله، أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}.
ويقول -صلى الله عليه وسلم- عن رب العزة: “يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني”.
وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “إن الله تعالى ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبتين”.
وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجّل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها”، قالوا: إذن نُكثر. قال: “الله أكثر”.
ويقول الشيخ الشعراوي في تفسير هذه الآية إن الحق حين يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}؛ فالعباد الذين التزموا لله بالمنهج الإيماني لن يسألوا الله بشيء يتنافى مع الإيمان وتكاليفه.
والحق يقول: {فليستجيبوا لي}؛ لأن الدعاء يطلب جواباً، وما دمت تطلب إجابة الدعاء فتأدّب مع ربك؛ فهو سبحانه قد دعاك إلى منهجه، فاستجب له إن كنت تحب أن يستجيب الله لك..
وبعد ذلك يتكلم الحق -سبحانه وتعالى- في كلمة “الداعِ” ولا يتركها مطلقة، بل يقول: “إذا دعان”؛ لأن الإنسان قد يتجه بالدعوة إلى غير القادر على الإجابة، أي يتجه بها لغير الله تعالى، وفي هذه الحالة لا يكون الله تعالى مسئولا عن إجابة دعوته.
والأصل في الدعاء أن الإنسان يحبّ الخير، ولكنك قد تخطئ الطريق إلى فهم الخير أو الوسيلة إلى الخير، لذلك قد تكون إجابة الله تعالى على الدعاء بمنع إجابة الدعوة إن كانت لا تصادف الخير بالنسبة لك، وهذا معنى قوله تعالى: {فليؤمنوا بي}، ولذلك يجب ألا نفهم أنه حين لا تجاب دعواتنا كما رجونا وطلبنا أن الله لم يستجب لنا، فيقول الداعي: لماذا لم يستجب الله لي؟ لا لقد استجاب لك، ولكنه نحّى عنك حمق الدعوة أو ما تجهل بأنه شرّ لك.
فالذي ندعوه رب حكيم؛ فيقول سأعطيك الخير، والخير الذي أعلمه أنا فوق الخير الذي تعلمه أنت، ولذلك فمن الخير لك ألا تجاب لك هذه الدعوة.
والعلماء يقولون: إن الدعاء إن قصدت به الذلة والعبودية يكون جميلا، أما الإجابة فهي إرادة الله، وأنت إن قدّرت حظّك من الدعاء في الإجابة عليه فأنت لا تقدّر الأمر. إن حظك من الدعاء هو العبادة والذلة لله؛ لأنك لا تدعو إلا إذا اعتقدت أن أسبابك كبشر لا تقدر على الإجابة، ولذلك سألت من يقدر عليها، وسألت من يملك، ولذلك يقول الله في الحديث القدسي: “من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين”.
لذا فليس كل من يسأل يُستجاب له بسؤاله نفسه؛ لأن الألوهية تقتضي الحكمة التي تعطي كل صاحب دعوة خيراً يناسب الداعي لا بمقاييسه هو ولكن بمقاييس من يجيب الدعوة.
ويذيّل الحقّ الآية بقول: “لعلهم يرشدون”، فما معنى “يرشدون”؟ إنه يعني الوصول إلى طريق الخير وإلى طريق الصواب.

09

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة