واقعنا الاجتماعي واّفاق النهوض
تاريخ النشر: 02/10/12 | 0:56نعيش في عالم مضطرب مليء بالقلق والضغط النفسي ..عالم تتهاوى فيه القيم الانسانية ، وتسوده عبادة المادة والمال واللذة والأنانية والفردية وعشق الذات،اضافة الى ثقافة المقاهي وعقلية العائلية والطائفية السياسية،كما ويحكمه افتراس الانسان للانسان. عالم يهيمن فيه القوي على الضعيف ، ويولد الشر من الخير ، وتواصل فيه العولمة المتوحشة اتساعها بين الأفراد والجماعات والأمم.
ولا اغالي اذا قلت، اننا في تدهور سياسي واجتماعي وأخلاقي شديدين في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن ، وقل أهل الخير، وندر المعروف ،واتبع الناس الرياء والنفاق والضلال ، فضلوا سبيل الحق واتخذوا لهم الشيطان ولياً، حتى أن الوعظ والأرشاد والتنبيه والتوعية والترشيد غدوا دون جدوى ، وأضحى مجتمعنا بلا ضمير ولا أخلاق والحب صار مزيفاً، وعلاقات الحب غير سليمة ، والصداقات والعلاقات الاجتماعية باتت مبنية على المصالح الشخصية والفردية وحسابات الربح والخسارة ، أما عن الانفلات والتسيب والأغراء والشبق الجنسي ، والأزياء الكاشفة والألبسة الكاسية العارية بين فتيات وصبايا هذا العصر ، عدا مسابقات الجمال والشاب” الحليوة” وغيرها من التقليعات، فحدث ولا حرج. وبرأيي المتواضع ، اننا جميعاً دون استثناء، اّباءً وأفراد وأحزاب ومثقفون ومعلمون ومؤسسات ، تتحمل المسؤولية عن تردي الوضع الاجتماعي، وتراجع الوعي السياسي والايديولوجي والاجتماعي.
وأمام هذا الحال الذي يقض المضاجع ويؤرق أجفان كل الساهرين والغيورين على تطور وتقدم وازدهار مجتمعنا العربي ، تتعدد الأسئلة حول دورالأهل والمؤسسات التعليمية والتربوية والأحزاب السياسية والوطنية والجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني ، ودور الثقافة والتربية والمثقفين العضويين ورجالات الفكر والقلم والابداع ، في خلق جيل جديد قادم مؤمن بالقيم والأخلاق ومتطلع لقمم المستقبل ، وتوليد حضارة انسانية جديرة بالانسان حقاً وفعلاً ، وبلورة وعي قومي واجتماعي تقدمي مؤسس على الديمقراطية واحترام التعددية الفكرية والثقافية وحرية الاختلاف.
أن المطلوب الاّن وليس غداً، هو بناء حركة وطنية اجتماعية نهضوية عصرية تعمل على أنهاء حالة التمزق الداخلي ، ومواجهة مظاهر التسيب والانحلال والانحطاط الاجتماعي، وتعميق الوعي التربوي، وتطوير مجتمعنا مدنياً وديمقراطياً وحضارياً، وتأصيل عقلية جديدة وتوجهاً عصرياً وتفكيراً مختلفاً ، وتغيير المعايير والمفاهيم والسلوكيات الاجتماعية السائدة ، وأحد الشروط لذلك ـ نبذ العصبية والالتزام بالتسامح ، والتخلي عن العصا ، واعتماد العقل والمنطق، وأجراء الأصلاح المأمول ، او على الأصح التنوير الاجتماعي والثقافي والعلمي ، بالاضافة الى تهيئة مناخ يحترم العقلانية ، بل يقدسها ويضعها في المقام الأول ، وارساء وعي نقدي تقدمي في أوساط النخب المثقفة يمهد الطريق لنهضة جديدة في مجتمعنا العربي الفلسطيني ، ولتتضافر جميع جهود المخلصين والغيورين على مستقبل مجتمعنا لتحقيق هذا الطموح.