"بعرف وبحرف"

نلوم كثيرا السلطة الحاكمة ونتهم سياستها بالشيطانية العدائية لمجتمع الداخل في البلاد وقليلا ما نعتب على انفسنا او نراقب تصرفاتنا ونهجنا وطريقة تربيتنا وتعاملنا الواحد مع الاخر, الجار مع الجار, والأب مع ابنه, والأخ مع اخيه والعائلة مع الاخرى فكما قال الشاعر: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا.

سئمنا الشعارات والخطابات.كلنا نعرف الحقيقة, نعرف الصواب من الخطأ ونلوم السلطة .نلوم غيرنا… فهذا اسهل بكثير من مواجهة الحقيقة والتعامل معها.

((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)). صدق الله العظيم.

فابدأ اخي بنفسك في اسرتك في أقرب دائرة عليك, فاذا وفقك الله ونجحت في السيطرة على اقرب دائرة تحيط بك من تربية ابناء فانك مجاهد في هذا الزمان. لن تغير المجتمع لوحدك. قم بواجبك الصغير انا و انت وهو. عندها يوفقنا الله جميعا بأذنه تعالى.

اختلط الحابل بالنابل واختلفت موازين المجتمع بطبقاته فاختل التوازن الذي وفر لهذا المجتمع استقراره وأمنه , فلا ترى احترام ولا تقدير ولا قناعة العقل تنير. اختلاف الناس ( بدرجات) امر طبيعي (لنبلوهم ايهم احسن عملا).والقناعة مفقودة اليوم والكل يريد مشابهة وتحدي غيره رغم الدخل المتواضع.

فلا اختراع للحد من العنف المستشري فينا كالنار في الهشيم. لكن الحل يبدأ عندنا فينا بيننا ولا يجدي العتاب وإلقاء اللوم على غيرنا.

نحن نعرف ذلك ونردد الشعارات والاجتماعات والخطابات وعند المحك قد نفشل او نتخذ النفاق سبيلا في المداهنة والإطراء على المناضل ( القبضاي ) وعلى مين؟ على جاره, ابن عمه وابن بلده.

قد تكون افة عالمية عصرية وقد تكون من العلامات الصغرى لقيام الساعة, على كل نكتفي بالجهاد الذاتي في اقرب الناس علينا فان وفقنا الله في ذلك كان انجازا عظيما.

نحن للأسف مجتمع منافق.لا نعترف بالحقيقة بين انفسنا ولا نقولها لاقرب الناس علينا بل نطري علي ( لانه بطل قبضاي)- هذه حالنا وقد تجد “المثقف” ومن يزعم التقدمية او الدين سبيله يتباهى بمدى هيبة عنفه من سلاح مدجج او مجلس عسكري كبير او صغير بحجم القبيلة المعاصرة طبعا.نعم اخواني هناك “مجالس عسكرية” قد تكون مكونة من اثنين او اكثر تهدد وترد وتشن الهجمات… كل هذا بيننا وقد يحصل وحصل بين اقرب الناس.

الرأي العام مشغول بسوريا ولكل منا له اقتراحاته السحرية لحل الازمة في الشام ونحن لن نقدر على معالجة الافة بيننا بداخلنا.

من منا يقول الحقيقة لصديقه وابن عمه واعز الناس اليه .بالعكس يطري عليهم احيانا.

مجتمعنا وللأسف منافق وأحيانا ندفع المجرم وندفع ثمن الضحية. ندفع المجرم احيانا كثيرة لارتكاب الجريمة فان لم يفعل فلن يمسح العار عن جبين العائلة ولن تزول الهزيمة والمذلة فاذا بالمجرم بطل في نظر دائرته الصغيرة ( وفي نظر عقلية المدينة) ويظن العار ممسوحا ولكنه ابدا لن يزول فقد اصبح على كل لسان بمتناول كل نميمة منشورا في ساحة المدينة.

نحن, انا وانتم من نفس العقلية من تراث القرية المدينه وعند الغضب واليأس والصدمة لا نتبع الدين اساسا بل لنا عادات ونهج يفوق دستوره كل الكتب السماوية! الا من رحم ربي.

لا يغير الله ما في قوم حتى يغيروا ما في انفسهم فاذا لن نصارح انفسنا لن نجد الحل وليس بالسحري فالحل موجود في نفس كل واحد من وعلينا مصارحة النفس ومصارحة اقرب الناس الينا.

نحن نعرف الحقيقة ونعرف الصواب وبداية الحل لكننا نتجاهله ونبحث عنه عند السلطة. ( بنعرف وبنحرف).

حان الاوان لنصارح انفسنا كل واحد منا يصارح نفسه ويصارح اخيه واقرب الناس أليه . كفانا نفاقا .فالحل عندنا وبدايته في مصارحة انفسنا وفي قناعتنا بالحياة المتواضعة كل بما رزقه الله.

بقلم:المحامي محمد غالب يحيى , كفر قرع